أزمة المعارضة في المغرب:اختفاء قادتها..فهل يحق للدولة استرجاع تمويلها؟

أزمة المعارضة في المغرب:اختفاء قادتها..فهل يحق للدولة استرجاع تمويلها؟
سياسة / الخميس 20 مارس 2025 - 13:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أبو جاسر

في مشهد سياسي يزداد ضبابية، يتساءل المغاربة: أين هي المعارضة؟ أين اختفى قادتها؟ بل أصبح البعض يطرح تساؤلات أكثر جرأة: هل يحق للخزينة العامة استرجاع الأموال التي تحصل عليها الأحزاب المعارضة بعدما تخلت عن أدوارها؟

هذه الأسئلة تعكس إحباطًا عامًا من الأداء الباهت لأحزاب كان يُفترض أن تكون صوتًا رقابيًا على السلطة التنفيذية، لكنها اختارت التواري في الظل، تاركة المجال فارغًا أمام الأغلبية الحكومية لتتحكم في المشهد دون أي توازن سياسي حقيقي.

معارضة بلا تأثير.. غياب يطرح أكثر من علامة استفهام

لطالما اعتُبرت المعارضة ركيزة أساسية للديمقراطية، حيث تلعب دور المراقب والمنتقد للسياسات الحكومية، وتقترح البدائل لحماية التوازن السياسي. لكن في المغرب، يبدو أن المعارضة دخلت في سبات عميق، مما جعلها تفقد تأثيرها داخل المؤسسات المنتخبة وخارجها.

لم يعد صوتها مسموعًا في البرلمان، إلا في مناسبات نادرة لا تتعدى بعض التصريحات الإعلامية العابرة. وحتى خلال الأزمات السياسية والاجتماعية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة، مثل ارتفاع الأسعار أو قضايا الحريات، لم تقدم الأحزاب المعارضة أي مواقف قوية أو مبادرات ملموسة. هذا الغياب خلق إحساسًا عامًا بأن المعارضة لم تعد تؤدي دورها الحقيقي، بل تحولت إلى مجرد ديكور ديمقراطي يقتات من الدعم العمومي المقدم للأحزاب.

تمويل الأحزاب..هل تستحق المعارضة الأموال التي تحصل عليها؟

تحصل الأحزاب السياسية في المغرب على دعم مالي مهم من الدولة، مخصص لتعزيز أنشطتها السياسية والتواصل مع المواطنين وتأطير المجتمع. لكن مع اختفاء المعارضة من المشهد السياسي، يبرز سؤال جوهري: هل تستحق هذه الأحزاب التمويل الذي تحصل عليه من المال العام؟

في الأنظمة الديمقراطية، تُمنح الأحزاب المعارضة دعماً مالياً لتقوم بدورها الرقابي والاقتراحي، لكن عندما تغيب عن أداء هذه الأدوار، يصبح من المشروع التساؤل حول جدوى استمرار هذا الدعم. فالمواطنون، الذين تموّل ضرائبهم الأحزاب، لا يرون أي مردودية حقيقية لهذه الأموال. فهل يجوز للخزينة العامة أن تطالب الأحزاب المعارضة بإرجاع التمويل العمومي، ما دامت قد فشلت في أداء مهامها؟

هل لا تزال الوثيقة الدستورية ذات جدوى دون معارضة حقيقية؟

المفارقة الكبرى هي أن دستور 2011 جاء ليعزز دور المعارضة، وخصّص لها حقوقًا وضمانات غير مسبوقة، مثل ترؤس لجان برلمانية ومساءلة الحكومة وتقديم مقترحات قوانين. لكن رغم كل هذه الامتيازات، لم تستطع المعارضة تفعيل قوتها الدستورية، مما جعل دورها يفقد بريقه.

فما جدوى الاحتكام إلى الدستور إن لم يكن هناك من يستغل مساحاته الديمقراطية؟ أليست الغاية من وجود دستور هو تحقيق توازن بين الأغلبية والمعارضة لضمان عدم استفراد جهة واحدة بالقرار السياسي؟ في ظل هذا الوضع، يبدو وكأن الحياة السياسية في المغرب تعاني من اختلال خطير، حيث تخلّت المعارضة عن دورها، ما جعل الأغلبية تتحرك دون أي عائق أو ضغط سياسي.

الأسباب الحقيقية وراء غياب المعارضة.. استسلام أم تخاذل؟

اختفاء المعارضة من المشهد السياسي قد يكون له عدة تفسيرات، أبرزها:

أزمة القيادة: أغلب الأحزاب المعارضة تعاني من غياب قادة سياسيين ذوي كاريزما، قادرين على مواجهة الحكومة والدفاع عن مواقف قوية.

التطاحنات الداخلية: الصراعات داخل الأحزاب المعارضة جعلتها تركز على مشاكلها التنظيمية بدل التركيز على دورها الوطني.

التقارب مع السلطة: بعض الأحزاب التي من المفترض أن تكون معارضة، أصبحت أقرب إلى الأغلبية الحكومية، مما أفقدها المصداقية كقوة بديلة.

ضعف التأطير والتواصل: لا تقوم المعارضة بأي مجهود حقيقي لتأطير المواطنين والتواصل معهم، مما جعلها تفقد قاعدة دعمها الشعبي.

هل تستعيد المعارضة روحها أم أن المغرب يتجه نحو نظام بلا توازن؟

في ظل هذا المشهد السياسي القاتم، يبقى السؤال المطروح: هل يمكن إنقاذ المعارضة المغربية؟ وهل ستشهد البلاد ميلاد تيارات سياسية جديدة قادرة على ملء الفراغ الذي تركته الأحزاب التقليدية؟

إن استمرار الوضع الحالي يعني أن الأغلبية ستظل دون رقيب، وهو ما قد يهدد التوازن الديمقراطي الذي يقوم على وجود سلطة ومعارضة تتنافسان لخدمة الصالح العام. فإذا لم تستطع الأحزاب المعارضة أن تستعيد موقعها، فقد يكون الحل في بروز حركات سياسية بديلة تعبّر عن نبض الشارع، خاصة في ظل تراجع الثقة في المؤسسات الحزبية التقليدية.

ما هو مؤكد أن غياب المعارضة لا يخدم إلا جهة واحدة: الحكومة، التي أصبحت تتحرك دون أي ضغط، ودون أي خوف من المحاسبة السياسية. والسؤال الأهم: إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ وهل سيبقى المغاربة متفرجين على مشهد سياسي بلا توازن، أم أنهم سيفرضون تغييرات جديدة تعيد رسم معالم معارضة حقيقية؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك