أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا
في مشهد صادم يختزل حجم الانهيار
القيمي داخل بعض المؤسسات التعليمية، استُقبل تلميذ ثانوية "ابن رشد بسيدي
المختار" الذي اعتدى على أستاذه - استقبال الأبطال بعد الإفراج عنه، وحُمل
على الأكتاف وسط زغاريد وهتافات التلاميذ داخل نفس المؤسسة، كأنما عاد من ميدان
شرف لا من فعل مُدان يهز كيان المدرسة ويمس جوهر العلاقة التربوية.
ما وقع ليس مجرد حدث عابر، بل صفعة
قاسية على وجه منظومة تُفترض فيها التربية قبل التعليم.
كيف يُعقل أن يتحول المعتدي إلى نجم
ويُقابل الأستاذ، الضحية، بالتهميش والنسيان؟
أي رسالة نمررها لتلاميذ الغد حين
يصبح الجُرْم بطولة والصمت فضيلة والاعتداء شجاعة؟
تنازل الأستاذ عن حقه، ربما تحت ضغط
الواقع أو رغبة في حفظ ما تبقى من ماء الكرامة، وحتى لا يضع مستقبل القاصر.. لكن
التنازل لا يُسقط عن الدولة مسؤولية حماية هيبة المدرسة وضمان حرمة المدرّس،
فمهازل التنقيص من دور الأستاذ تتوالى، وكأن المطلوب هو دفعه نحو مزيد من الانكسار
والتراجع، في زمن يحتاج فيه الوطن إلى مدرسة قوية وأستاذ محترم.
هي لحظة فارقة في مسار التربية
المغربية، تحتاج إلى وقفة تأمل جماعية: من الأسرة إلى الإعلام، من السياسات
العمومية إلى الفاعلين التربويين.
فالأمر لم يعد يتعلق بسلوك فردي، بل
بنموذج ثقافي جديد يُكرّس العنف ويحتفي بالوقاحة، ويُجهز على ما تبقى من قدسية
رسالة التعليم.
حين يصبح الأستاذ مسخرة في نظر
تلاميذه، وتتوارى صورته خلف استهزاء الهواتف ونكات الشوارع، نكون قد دقّينا ناقوس
الخطر بأيدينا، فبدون هيبة الأستاذ، لا علم يُرجى، ولا تربية تُجنى، ولا مجتمع
يُبنى على أسس متينة.
ما جرى في "سيدي المختار"
يجب ألا يمرّ مرور الكرام، لا بد من مساءلة جريئة وصريحة: أي مدرسة نريد؟
وأي تلميذ نُعدّ؟
وهل ما زال للأستاذ مكان في زمن
تُكافأ فيه الفوضى وتُصفّق فيها الجماهير للمُعتدين؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك