أنتلجنسيا المغرب:elbaz
الغرف الضيقة، الأسرّة المعدودة، شبكات الأنترنت الغائبة، المطاعم التي لم تعد تُقنع أحدًا… كلها تفاصيل لا تقف عند حد الإزعاج، بل تطرح سؤالًا أعمق: كيف نُخطّط لمجتمع المعرفة ونحن لا نوفر للطالب ما يحفظ كرامته خلال سنوات التحصيل؟
الأرقام غير واضحة، والمقارنة بين عدد الطلبة وعدد الأسرّة تترك هامشًا واسعًا للتأويل، وكأن التعتيم هو الحل عندما تتعقّد الأرقام.
لكن الواقع لا ينتظر التقارير، والطلبة لا يعيشون في "إحصائيات"، بل في غرف مشتركة، بلا تهوية، بلا خصوصية، وأحيانًا بلا أفق.
الأحياء الجامعية، كما وصفها أكثر من نائب برلماني خلال مناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية، لا تفتقر فقط للبنية التحتية، بل تعاني من فراغ على مستوى التصور.
ليست المشكلة في الجدران وحدها، بل في غياب فلسفة شاملة ترى في الطالب محورًا للسياسات العمومية، لا مجرّد رقم إضافي في دفاتر التسجيل.
المفارقة الكبرى، أن بعض الإدارات سارعت إلى إجراء "ترقيعات" مؤقتة بمجرد علمها بزيارة الوفد البرلماني.
مما يعيد طرح سؤال الشفافية والرقابة، لا فقط على مستوى المراقَبين، بل أحيانًا على منهجية المراقِبين أنفسهم.
لأن الإصلاح الحقيقي لا يأتي بحلول ظرفية، بل برؤية تتجاوز منطق "المناسبات".
السكن الجامعي ليس ملفًا اجتماعيا فحسب، بل هو امتداد لمبدأ دستوري: الحق في التعليم.
ولا يمكن الحديث عن تعليم ذي جودة دون منظومة متكاملة تضع الطالب في قلب المعادلة: سكن، تغذية، رعاية، أمن، وفضاءات للبحث والإبداع.
ليس من الحكمة التقليل من أهمية الفضاء الجامعي، فهو ليس ديكورًا مكمّلًا، بل مكون جوهري من جودة التعليم.
الدول التي سبقتنا لم تصل لما وصلت إليه فقط بتجهيز القاعات، بل ببناء بيئات معرفية كاملة، تبدأ من الحي الجامعي وتنتهي في سوق الشغل.
أمام هذا الواقع، يبدو أن الحاجة إلى ورش وطني شامل لم تعد ترفًا، بل ضرورة. ليس لإصلاح الجدران فحسب، بل لإعادة رسم العلاقة بين الحكومة وطالب العلم. علاقة تُبنى على ثقة متبادلة، ومسؤولية مشتركة، وإرادة صريحة في بناء مغرب يليق بشبابه.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك