من قاع الخابية: "كَيْهْدُرُ عَلَى الْكِيسَانِ وَعَيْنُهُ فِي الْبَرَادِ"

من قاع الخابية: "كَيْهْدُرُ عَلَى الْكِيسَانِ وَعَيْنُهُ فِي الْبَرَادِ"
قصة قصيرة / السبت 22 مارس 2025 - 22:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا

كان هناك ثلاثة أصدقاء في أحد الأحياء الشعبية، "لِقَايِجِي النَّابُوبِي"، "قُوَيْدَرُ النَّامَّام"، و"حَمِيدَةُ الشَّكَام"، يجلسون في مقهى صغير يتبادلون الأحاديث ولعب "الكَارْطَة" يوميًا.

كان "لِقَايِجِي النَّابُوبِي"، كما هو معروف "سِيدُ الهَضْرَة"، كثير الحديث ولا يتوقف عن النقاشات التي لا طائل من ورائها "سِيدُ الهَضْرَة"، في حين كان "قُوَيْدَرُ النَّامَّام" دائم الترحال بين الحوارات والأخبار، ينقل كل ما يسمعه من الأحاديث بين الناس، أما "حَمِيدَةُ الشَّكَام" فكان دائم الشكوى والتذمر من كل شيء في حياته "مِسْمَارٌ غَادِي تَحْدُثُ الْحَائِط" .

في يوم من الأيام، بدأ "لِقَايِجِي النَّابُوبِي" يتحدث عن طموحاته وأحلامه، قال وهو يتأمل فنجان قهوته قائلاً: "أنا عندي طموح كبير في الحياة، وكلما تقدمت خطوة، شعرت أنني قريب من تحقيق حلمي" دِيمَةٌ وَمَشَدَّتُوش"، ثم أضاف: "ولكن، كما يقولون، الكِيسَانُ كَتَعْمُرُ بِالْمَاءِ وَالْبَرَدِ"، يضرب المعنى أن صديقاه لا ينفعانه بشيء.

"قُوَيْدَرُ النَّامَّام"، الذي كان يحب دائمًا تفسير الأمور وتقديم تحليلاته الخاصة، قال: "ماذا تعني بهذا؟ أنت تتحدث كثيرًا عن الطموحات والآمال، لكن في النهاية، عندما تأتي اللحظة الحاسمة، تجد نفسك أمام نفس الكأس الفارغ، تقصدنا نحن أعرف، "مَا يَحْكِي لَكَ جِلْدُكَ غَيْرُ ظُفُرِكَ" وكما يقول المثل: "كَيْهْدُرُ عَلَى الْكِيسَانِ وَعَيْنُهُ فِي الْبَرَادِ" ويضحك ساخرًا أنه قرأ ما في عقله.

"حَمِيدَةُ الشَّكَام"، الذي كان يستمع بانتباه، لم يفوت الفرصة ليبدي رأيه قائلاً: "صحيح، في الحياة كلنا نتحدث عن الأحلام والطموحات، ولكن في النهاية، هناك الكثير من الأشخاص الذين يظلّون يركضون وراء سراب" بِحَالِكِ أَحَبِيبِي" .

ويضيف: "أنا شخصيًا، أعتقد أن ما نحتاجه هو أن نكون أكثر واقعية ونتعامل مع الواقع كما هو، بلا خداع" ويقول له "رَاكَ سَخَّنْتِ جَبْدِ الْكِيسِ تَحْكِ"، وتتعلو ضحكاتهما.
لكن، "حَمِيدَةُ الشَّكَام"، له رأي أن الحياة ليست كلها عن اليأس والشكوى، رد "لِقَايِجِي النَّابُوبِي" وهو يبتسم: "نحتاج إلى الطموح لنستمر في السعي وراء أهدافنا، حتى لو كانت النتائج غير مؤكدة."
"
قُوَيْدَرُ النَّامَّام"، الذي لم يكن ليترك فرصة للحديث عن الآخرين، قال: "بالطبع، ولكن لا تنسَ أن الحياة ليست عن الهدر فقط، إذا كنت دائمًا تتحدث عن طموحاتك ولا تفعل شيئًا لتحقيقها، فذلك يشبه إلى حد كبير شخصًا يملأ الكأس بكلامه، ولكن عندما يأتي الوقت للمحاولة، لا يجد شيئًا."

ثم رفع "لِقَايِجِي النَّابُوبِي" رأسه وقال: "لكن هناك دائمًا فرصة لتحويل الطموحات إلى واقع، طالما أن الشخص يضع عينيه على الهدف ويسعى لتحقيقه بجد، رَاهُ فِي الْحَرَكَةِ بَرَكَة."

"حَمِيدَةُ الشَّكَام" نظر إليهم وقال: "ربما، لكنني أعتقد أن الواقع أحيانًا أقوى من أي حلم، ومع ذلك، لا بأس في الحديث عن الأمل، خَدْمْ تَمَنَّى وَتَسَنَّى، طالما أن الكأس لن يظل فارغًا إلى الأبد."
كانوا جميعًا على قناعة بأن الحياة مليئة بالتحديات، وأن الأمل والطموح يجب أن يكونا متوازنين مع الواقعية، ولكنهم أيضًا أدركوا أن الحديث عن الأحلام دون اتخاذ خطوات ملموسة لن يؤدي إلا إلى الندم، حيث يجب على الإنسان اتخاذ المبادرات لا أن يظل جالسًا ويقضي طول النهار وحياته كلها "كَيْهْدُرُ عَلَى الْكِيسَانِ وَعَيْنُهُ فِي الْبَرَادِ"، حتى تنقلب الصينية بـ "بَرَادُهَا وَكِيسَانُهَا" .

العبرة من هذه القصة تكمن في أهمية التوازن بين الطموح والواقعية. فحديث الشخص عن أحلامه وطموحاته دون اتخاذ خطوات ملموسة لتحقيقها، لا يؤدي إلا إلى التوهم والندم، كما في المثل "كيهدر على الكيسان وعينو في البراد". يجب على الإنسان أن يسعى لتحقيق أهدافه بجدية وعمل مستمر، وألا يظل محصورًا في دائرة الكلام فقط.

حيث ينبغي أن تكون الطموحات مصحوبة بالواقعية، فالحياة مليئة بالتحديات، ولا يمكن أن نركض وراء الأوهام، كما يقول المثل "ما يحك ليك جلدك غير ظفرك"، على الشخص أن يتحمل المسؤولية ويتخذ المبادرات بدلاً من انتظار الحظ .

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك