من قاع الخابية : مِن جيلْ"الْهِيبِي.. الفْرِيزِي.. الكُصَّة إِلَى "التَّشْوِيكَةِ"

من قاع الخابية : مِن جيلْ"الْهِيبِي.. الفْرِيزِي.. الكُصَّة إِلَى "التَّشْوِيكَةِ"
قصة قصيرة / السبت 15 مارس 2025 - 22:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/إيطاليا

من زمن الثوار، زمن المناضلين الحقيقيين الشجعان، زمن التحدي ورفع كلمة الحق جهارًا رغم كل أشكال القمع والتضييق في سنوات الجمر والرصاص، كما قال الشاعر "أَحَدٌ مَطَرٌ": "يَتِمُّ قَمْعُ الكَلِمَةِ حَتَّى مِن سُكُوتٍ"، زمن الرجال الذين ناضلوا لكسر القيود، زمن "الغيوان"، زمن "المشاهب" و زمن "جيل جيلالة" "تَكَادَةٌ"، زمن "مَسْنَاوَةٌ"، لكل زمن رجاله.  

إلى زمن "مَشِيتِ فِيهَا"، وزمن "أَنَا بَاغِيَةٌ وَاحِدٌ يَكُونُ دَمُهُ بَارِدٌ"... العالم يشهد أن "جِيفَارَا" كان مناضلًا ثوريًا أحب الفقراء ودافع عنهم ببسالة حتى آخر رمق في حياته، كما أن "العربي بَاطْمَة" ومجموعته غنّوا للحق، "مُحَمَّدٌ الدَّرهْمِ" ورفاقه ساروا على نفس النهج، "مُولَايَ الشَّرِيف" ومجموعته لم يكونوا استثناءً.

القائمة معروفة ولا داعي للتدليس، فالشعب المغربي كله يدرك الحقيقة. تحدث أيها التاريخ عن "بُوبْ مَارْلِي"، هذا الإيقاع الأسطوري الذي لا يعلم كثيرون أنه وُلد من الصدفة.

بينما كان مارلي مسافرًا في قطار خشبي، استوحى من دوران عجلاته ودخان مكابسه اللحن الشهير "تِيكِي تَاك تِيكِي تَاك"، ورب صدفة خير من ألف ميعاد، سَلْتَةٌ فِي التِّرَانِ" صنعت منه نجمًا تتناقله الأجيال.  

ولكن، ماذا عن عبد الحليم حافظ؟ "وأم كلثوم" كوكب الشرق وعن "أدولف هتلر"؟. هل الزيت يتخلط مع الماء؟ لا يمكن أن يجتمع الغناء العذب الرقيق بصوت البلابل الأرجوانية مع صوت أثار الرعب وازهاق الملايين من الأرواح، رغم التشابه في الصيحة، أو ما كان يُعرف بـ"تَحْسِينَةُ الرَّأْسِ" في زمن "الفريزي – الكويبة – والكصة والظفيرة" .

 إذا عدنا للوراء، سنجد أن صيحات "الحسانة" تتغير من جيل لآخر، حيث تعكس تسريحات الشعر جزءًا من شخصية الإنسان.

 كل الأسماء التي ذكرناها ارتبطت بصيحات معينة، مثل "الهيبي"، حيث كان الشعر طويلاً متدليًا أو مضفورًا، و"الفريزي"، التي تعني "مَائِلًا وَمُفَرَّقًا" حسب إفادة أحد الحلاقين، وهو النمط الذي كان على رأس أحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل، "أدولف هتلر" .

 أما "الكصة والظفيرة"، فقد كانت موضة الفتيات في السبعينيات، حيث يتم تسريح الشعر بمشط قرني وتساقط "القمل" المتناثر منه، ثم يتم قص خصلة أمامية وتلفيفها حتى تصبح أشبه بتاج الطاووس، وكأنها رمز لأنوثة تلك الحقبة. لكن هل كانت تلك موضة حقيقية؟  .

 في زمن لاحق، جاء "جِيلُ التَّشْوِيكَةِ"، حيث أصبح الشباب يستخدمون "الجيل" لتوقيف شعرهم حتى بدا كالأشواك، تمامًا "كَالقُنفُذِ"، مما أثار استياء الآباء والأمهات الذين رأوا في هذه الموضات الغربية غزوًا ثقافيًا لتقاليدنا.  

والأدهى أن بعض الذكور أصبحوا ينتفون حواجبهم ويضعون مساحيق تجميل مقاومة للشمس، وينزلون سراولهم لدرجات أن شيئا عوراتهم يظهر، بل يسافرون إلى "تركيا" لتكبير مؤخراتهم أو نحثها، ، زمن الرداءة، وبعضهم يتنافسون مع الفتيات في صالونات التجميل، "يَا فَرَحِي يَا سَعِيدِي!"  .

 إنه بالفعل زمن "مَشَاوْ فِيهَا" .

 والأخطر من ذلك، تلك الرسالة التي جاءت في أغنية أثارت الجدل وقتها: "أَنَا بَاغِيَةٌ وَاحِدٌ يَكُونُ دَمُهُ بَارِدٌ" .

 حين سمعها أحد الشيوخ "أَبَا فَتَّاحٍ" ضحك وقال لي : "ماذا ستفعل بذكر مثل هذا وعلى هذا الشكل، هل ستعلّقه كزينة في الدار؟ " تَعَلَّقُوا فِي الْحِيطِ" ويزيد من ضحته حتى يظهر أخر ضرس في فمه، الله يرحم " صديقي أَبَا فَتَّاحٍ" .

 في الماضي، كانت المرأة تبحث عن الرجل القوي، الشهم، الذي يمنحها الشعور بالأمان، كانت تفخر بأن لديها "دَفَّةٌ تَسُدُّ عَلَيْهَا الرِّيحَ"، رجلًا ذو هيبة وصيت يسمع في الشعاب والقبائل، فارسًا تتمناه جميع النسوة، كريمًا ومعطاء حاميا ذو غلظةً.  

فهل انتهى زمن هؤلاء الرجال؟.  

اليوم نرى "مُضِيلَاتٌ" حلاقة مشوهة، ونقوشًا ورموزًا وسراويل "مَسْلُوحَةٌ" وصلت إلى حد الكتابة بالتعابير الشيطانية، وإن استنكرت ذلك فتتهم أنك "رَجْعِيٌّ، مُتَخَلِّفٌ، جَاهِلٌ" .

 حسنًا، "أَنَا رَجْعِيٌّ، أَنَا مُتَخَلِّفٌ، أَنَا جَاهِلٌ، وَلَكِنْ خَلِّينِي رَاجِلٌ" .  

شباب يدفعون 200 درهم لحلاقة غريبة في الرأس، ويقفون في طوابير صالونات التجميل إلى جانب النساء، ثم يعودون للبيت بعد منتصف الليل ليناموا كبهائم ظلت تسرح طول النهار وتعود لتستريح وتنام، ودمهم ساخن عفوًا بارد والمصيبة " مَا يَدْخُلُ عَلَى مُو حَتَّى رَابِعَةٍ طَحِينٍ فُورْسٍ" في يده.

  لقد نجح الإعلام في تهجين العقول، ولم يعد زمن الرجال والنساء كما كان.

 

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك