أنتلجنسيا المغرب:رئاسة التحرير
التساقطات المطرية الأخيرة التي شهدتها العديد من المدن المغربية لم تكن فقط بردًا وسلامًا على القطاع الفلاحي، بل كشفت أيضًا عن هشاشة البنية التحتية التي لا تزال تعاني من مشاكل مزمنة رغم وعود الإصلاح المتكررة.
شوارع غارقة، طرقات مقطوعة، ومشاهد الفيضانات التي تكررت في عدة مناطق، كلها معطيات وضعت حكومة عزيز أخنوش في موقف محرج أمام المواطنين الذين لم يلمسوا أي تحسن يذكر في هذا المجال.
فرغم الميزانيات الضخمة التي تُرصد للمشاريع المتعلقة بالبنية التحتية، إلا أن الواقع يؤكد أن هذه الأموال لم تترجم إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، مما يثير التساؤلات حول نجاعة التدبير الحكومي ومدى احترام معايير الجودة في إنجاز المشاريع الكبرى.
الأسعار تواصل الارتفاع رغم الأمطار
من جانب آخر، كانت الأمطار الأخيرة بارقة أمل للمغاربة الذين توقعوا أن تؤدي الوفرة المائية إلى انخفاض أسعار المواد الفلاحية، خاصة وأن الحكومة نفسها كانت تربط أزمة الغلاء سابقًا بشح الأمطار والجفاف.
لكن المفاجأة كانت أن الأسعار استمرت في منحاها التصاعدي، مما زاد من تذمر المواطنين، وأكد أن مشكل الغلاء يتجاوز مجرد العوامل المناخية ليشمل عوامل أخرى مرتبطة بالاحتكار وضعف المراقبة الحكومية.
فإذا كانت الأمطار قد جاءت لتخفف الضغط على الفلاحين وتزيد من الإنتاج، فلماذا لم ينعكس ذلك على أسعار الخضر والفواكه والمواد الأساسية؟ وهل العائق الحقيقي هو الطبيعة، أم أن هناك لوبيات تتحكم في السوق بعيدًا عن أي رقابة فعلية من الدولة؟
امتحان صعب لحكومة تطمح إلى التمديد
حكومة أخنوش، التي تعوّل على تحسين صورتها استعدادًا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة في 2026، تجد نفسها اليوم أمام تحدٍ كبير، حيث أن فشلها في معالجة هذه الملفات سيضعف من حظوظها في استعادة ثقة الشارع المغربي.
فالانتقادات لم تعد تأتي فقط من المعارضة، بل حتى من داخل صفوف الأغلبية نفسها، حيث بات واضحًا أن هناك استياءً متزايدًا داخل الأوساط الشعبية من أداء الحكومة في الملفات الاقتصادية والاجتماعية.
ومع تزايد الضغط الشعبي، سيكون على الحكومة أن تتحرك بسرعة لإيجاد حلول ملموسة، سواء على مستوى ضبط الأسعار أو على مستوى تأهيل البنية التحتية، وإلا فإنها ستجد نفسها أمام معركة انتخابية صعبة في 2026، حيث سيكون الأداء الحكومي هو الفيصل في تحديد مستقبل المشهد السياسي بالمغرب.
هل تملك الحكومة أوراق إنقاذ الموقف؟
أمام هذه المعطيات، يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن حكومة أخنوش من تجاوز هذه الأزمة واستعادة ثقة المواطنين، أم أن هذه الملفات العالقة ستشكل بداية الانحدار نحو فقدان السيطرة على المشهد السياسي؟
الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال، لكن المؤكد أن التساقطات الأخيرة لم تغسل فقط الشوارع، بل كشفت أيضًا عن اختلالات عميقة في التدبير الحكومي، قد تعصف بمستقبل الأغلبية الحاكمة إن لم يتم تدارك الأمر في الوقت المناسب.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك