أنتلجنسيا المغرب:الرباط
شهدت الساحة الوطنية المغربية، يوم السبت 22 فبراير 2025، ولادة مكون نسائي جديد يحمل اسم "مغربيات ضد التطبيع"، ليعزز صفوف الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، وذلك خلال انعقاد المجلس الوطني الخامس للجبهة.
المبادرة، التي يقودها وجوه نسائية بارزة في النضال الحقوقي والسياسي بالمغرب، تأتي في سياق تصاعد الغضب الشعبي من تمادي الدولة في سياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني، في وقت تتزايد فيه الجرائم الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إطار نسائي لمواجهة التطبيع والمرافعة عن القضية الفلسطينية
يقود هذا التكتل الجديد الأستاذة خديجة رياضي، الناشطة الحقوقية البارزة والرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والتي عُرفت بمواقفها الصلبة ضد التطبيع والاختراق الصهيوني لمفاصل الدولة والمجتمع. إلى جانبها، الدكتورة حسناء قطني، الناشطة النسائية والمدافعة عن القضايا العادلة، التي ستشغل منصب نائب المنسقة الوطنية.
يرى المؤسسون أن الحاجة إلى صوت نسائي قوي في هذا المجال أضحت ضرورة نضالية ملحة، خاصة بعد توغل التطبيع في المجالات السياسية، الاقتصادية، والثقافية، بل وحتى في المقررات الدراسية، في محاولة لشرعنة وجود الاحتلال في الوعي الجمعي المغربي. لذا، تسعى "مغربيات ضد التطبيع" إلى خلق دينامية نسائية قادرة على مواجهة هذا المد، ورفع منسوب الوعي لدى النساء بأخطار التطبيع على المجتمع وقيمه وهويته الوطنية.
تصاعد المد التطبيعي في المغرب وردود فعل غاضبة
منذ توقيع اتفاقيات التطبيع بين المغرب والكيان الصهيوني أواخر عام 2020، تصاعدت موجة الغضب الشعبي إزاء السياسات الرسمية التي تُقحم المغرب في تحالفات اقتصادية وعسكرية وأمنية مع الاحتلال. ورغم أن الشارع المغربي لطالما عبّر عن رفضه القاطع لكل أشكال التطبيع، إلا أن الحكومة مضت قدمًا في توسيع التعاون مع الكيان الصهيوني، حتى في ظل المجازر التي تُرتكب يوميًا ضد الفلسطينيين.
وكانت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع حاضرة بقوة في مختلف المحطات الاحتجاجية، مُنظمة لمسيرات وطنية كبرى ووقفات تنديدية أمام المؤسسات الرسمية، ومطالبة بإلغاء كل الاتفاقيات التطبيعية. اليوم، يأتي ميلاد "مغربيات ضد التطبيع" ليُعزز هذا المسار، من خلال توسيع رقعة النضال ليشمل النساء بشكل أكثر تنظيماً وفعالية.
أهداف وتوجهات "مغربيات ضد التطبيع"
وضعت المؤسِّسات لهذا الإطار الجديد مجموعة من الأهداف والمحاور الأساسية التي ستعمل عليها، ومن أبرزها:
تعزيز الوعي النسائي حول مخاطر التطبيع وآثاره على المجتمع المغربي، خاصة في ظل محاولات التغلغل الصهيوني في المجالات الاقتصادية، الثقافية، والتعليمية.
التصدي لكل محاولات "تأنيث التطبيع" عبر واجهات الجمعيات النسائية المُخترَقة من الكيان الصهيوني، والتي تسعى إلى إعادة تشكيل صورة الاحتلال في المخيال المغربي، عبر استغلال قضايا حقوق المرأة.
توسيع دائرة الاحتجاج والتعبئة النسائية، عبر تنظيم ندوات، لقاءات توعوية، ووقفات احتجاجية، تُبرز موقف المرأة المغربية الصلب تجاه القضية الفلسطينية.
العمل على كشف وتفكيك مشاريع التطبيع التي تستهدف النساء المغربيات، خاصة عبر البعثات الثقافية والسفريات المشبوهة التي يسعى الاحتلال من خلالها إلى خلق "نخبة نسائية مطبّعة".
التنسيق مع المنظمات النسائية والحقوقية الداعمة للقضية الفلسطينية عبر العالم، لإبراز الدور الريادي للمرأة المغربية في النضال ضد الاستعمار والاحتلال.
ردود الفعل حول تأسيس "مغربيات ضد التطبيع"
لقي الإعلان عن تأسيس هذا الإطار الجديد ترحيبًا واسعًا في أوساط القوى الحية المناهضة للتطبيع، إذ أشادت شخصيات سياسية وحقوقية ونقابية بهذه الخطوة التي اعتبرتها إضافة نوعية لنضالات الجبهة المغربية لدعم فلسطين.
وفي هذا السياق، قالت خديجة رياضي، منسقة "مغربيات ضد التطبيع"، في تصريح صحافي:
"نحن أمام مرحلة خطيرة يتم فيها استهداف المجتمع المغربي عبر بوابة التطبيع، خصوصًا من خلال استغلال النساء ومحاولة خلق "لوبي نسائي مطبّع" يدافع عن الاحتلال داخل المغرب. اليوم، قررنا أن نقول كلمتنا بصوت نسائي قوي: لن نسمح بجعل المرأة المغربية أداة لتبييض جرائم الاحتلال، وسنواصل النضال حتى إسقاط كل أشكال التطبيع".
أما الدكتورة حسناء قطني، نائبة المنسقة، فقد أكدت أن "تطبيع الحكومات لا يعني تطبيع الشعوب، ونحن كمغربيات نرفض أن يكون اسم المرأة المغربية مرتبطًا بأي شكل من أشكال العلاقات مع الاحتلال"، مضيفة أن هذا الإطار الجديد "سيكون منبرًا لكل النساء المغربيات الرافضات لممارسات الاستعمار الصهيوني ولكل سياسات التطبيع التي تُفرض علينا قسرًا".
المعركة مستمرة.. والتطبيع لن يمر
يُشكل تأسيس "مغربيات ضد التطبيع" إضافة نوعية للنضال الشعبي المغربي ضد التطبيع، ورسالة واضحة بأن المرأة المغربية ستكون في الصفوف الأمامية لمواجهة الاختراق الصهيوني للمجتمع. ومع استمرار التفاعل الشعبي الرافض للتطبيع، يُتوقع أن يُصبح هذا الإطار الجديد أحد أبرز الفاعلين في مواجهة هذه السياسات، وإحباط كل محاولات الاختراق الثقافي والاجتماعي للمجتمع المغربي.
التطبيع لن يمر.. والمرأة المغربية اليوم تؤكد أنها جزء أساسي من هذه المعركة الوطنية الكبرى.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك