أنتلجنسيا المغرب:أبو فراس
اجتمعت الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية"، بصفة استثنائية يوم أول أمس الأحد 29 دجنبر 2024، برئاسة، الأمين العام "عبد الإله بنكيران".
وجاء الاجتماع المذكور، في إطار مناقشة العرض الذي قدمه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، بخصوص مقترحات مدونة الأسرة.
كما تناول اجتماع قيادة "البيجيدي"، تصريحات وزير العدل التي وصفتها(القيادة) بالمستفزة والمتحايلة...
وهذا النص الكامل لبلاغ حزب العدالة والتنمية كما توصلت الجريدة بنسخة منه:
حزب العدالة والتنمية
الامانة العامة
بــــــــــــــــــــــــــــلاغ
عقدت، بحول الله وقوته، الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية اجتماعًا استثنائياًّ يوم الأحد 27 جمادى الآخرة 1446هـ موافق 29 دجنبر 2024م، برئاسة الأخ الأمين العام الأستاذ عبد الاله ابن كيران، خصص لمناقشة العرض الذي قدمه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بخصوص مقترحات مراجعة مدونة الأسرة؛ والتصريحات التي أدلى بها وزير العدل وخلفت مخاوف وقلقًا شعبيين كبيرين، أججتها الطريقة غير اللائقة والمستفزة والمتحايلة التي يقدم بها وزير العدل هذه المقترحات، والتي لا تراعي المكانة الكبيرة للأسرة عند المجتمع المغربي المسلم ومرجعيتها الدينية لديه.
وخلال كلمته الافتتاحية نوه الأخ الأمين العام في البداية بالدور الكبير لجلالة الملك أمير المؤمنين ومنهجيته الحكيمة في مراجعة مدونة الأسرة وبإحالته للمقترحات المتعلقة بأمور شرعية على المجلس العلمي الأعلى.
كما ذكر بالنقاش المجتمعي الكبير الذي أثارته بعض المقترحات ولاسيما بعد تصريحات وزير العدل، التي أثارت جدلا كبيرا وواسعاً في المجتمع، وردود فعل سلبية غير مسبوقة على منصات التواصل الاجتماعي.
وبعد أن ذكر بدور الحزب ومقاربته السياسة لهذا الورش ومساهمته النوعية عبر لقاءات وندوات ومذكرات، أكد أن هناك قضايا حسمها المجلس العلمي الأعلى من الناحية الشرعية، لكن تبقى هناك أمور أخرى أثارت جدلا ومخاوف وتتطلب مزيدا من المناقشة والمعالجة الهادئة والمتوازنة في إطار القانون، وهو ما يتطلب أن يتولى هذا الورش المجتمعي الحساس من تتوفر فيه الكفاءة اللازمة ويحظى بثقة المجتمع.
ثم قدم بعد ذلك الأخ رضا بوكمازي قراءة في المقترحات التي قدمها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وقدمت الأخت أمينة ماء العينين قراءة في المقترحات التي قدمها وزير العدل، وقدمت الأخت سعادة بوسيف تعقيبًا على العرضين. وأعقب هذه العروض نقاش عام من طرف أعضاء الأمانة العامة، والتي خلصت إلى التأكيد على ما يلي:
أولا- تجدد الأمانة العامة تثمينها العالي للمقاربة التي اعتمدها جلالة الملك، أمير المؤمنين، والضوابط التي حددها لمراجعة مدونة الأسرة، والتي أكدت مرة أخرى الدرجة العالية ومكانة الصدارة التي يتبوأها الدين الإسلامي في الهوية المغربية وهو ما تتميز به عامة وفيما يهم شؤون الأسرة خاصة.
ثانيا- تؤكد الأمانة العامة تثمينها لدور المجلس العلمي الأعلى والسادة العلماء ومكانتهم المعتبرة لدى المجتمع المغربي المسلم وثقته فيهم، وتدعوهم إلى الانخراط في هذا الورش بالشرح والتفسير والبيان لرفع كل لبس وضمان انخراط المجتمع وتعزيز ثقته والمساهمة في نجاح هذا الورش المجتمعي الهام.
ثالثا- تعتبر الأمانة العامة أنه وبقدر ما أن المسائل الشرعية التي حسمها المجلس العلمي الأعلى ورفضها باعتبار أنها تتعلق بنصوص قطعية لا تجيز الاجتهاد فيها أصبحت محسومة بصفة نهائية، فإن المصلحة تقتضي التمحيص والتدقيق القانوني ودراسة ومراعاة الأثر بخصوص المسائل الشرعية التي استجابت لها لجنة الفتوى، أو تلك التي أعطت فيها حلولا بديلة، وذلك أخذا بعين الاعتبار المخاوف الكبيرة التي أثارتها لدى عموم المواطنين، ليس بالنظر إلى جانبها الشرعي، وإنما بالنظر إلى مآلاتها ونتائجها السلبية والخطيرة على تكوين الأسرة، باعتبارها مؤسسة تقوم أولا وأساسا على المودة والرحمة والمعاشرة بالمعروف والمكارمة، ولا ينبغي أن تتحول إلى شركة تجارية مبنية على المحاسبة والمشاححة المفضية حتما -في حالة الأسرة- إلى تفاقم ظاهرة العزوف عن الزواج، والصراع والنزاع المؤدي إلى تضاعف حالات الطلاق، وهو ما يتعارض مع مقاصد الشريعة التي تهدف إلى تشجيع الزواج والتماسك الأسري بما يحصن المجتمع ويقوي نسيجه وسواده، لا سيما في ظل النتائج المقلقة التي أسفر عنها الإحصاء العام للسكان والسكنى.
ويتعلق الأمر بالخصوص بالمسائل التالية:
1. إيقاف سكن الزوجية عن دخوله في التركة، بالنظر لما ينجم عنه من إخلال بالحقوق المرتبطة بالإرث وانتهاك لحقوق الورثة الآخرين، ولا سيما حينما يكون السكن يمثل التركة الوحيدة أو ذو قيمة كبيرة؛
2. جعل ديون الزوجين الناشئة عن وحدة الذمة على بعضهما ديونا مقدمة على غيرها بمقتضى الاشتراك الذي بينهما، وما سينجم عنه من تعقيدات وتحملات مالية وعنت لكلا الزوجين ضدا على مبدأ استقلال الذمة المالية؛
3. اعتبار عمل الزوجة المنزلي مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية، بالنظر لما تطرحه مسألة تثمين هذا العمل من إشكاليات عملية ومخاوف حقيقية من تحويل فضاء الأسرة القائم على التراحم والتعاون إلى فضاء للحسابات والنزاعات؛
4. تسهيل الطلاق والتطليق وحذف مسطرة الصلح في حالة الطلاق الاتفاقي؛ حيث ليس من الحكمة جعل تسهيل الطلاق كهدف في مدونة الأسرة، كما لا يجوز حرمان الأسرة في حالة الطلاق الاتفاقي من محاولة إصلاح ذات البين وتحضير الحكمين؛
5. بقاء حضانة المطلقة على أولادها بالرغم من زواجها، وذلك دون قيد أو شرط وهو ما يتطلب حماية حقوق الأب في المراقبة والزيارة وصلة الرحم، وتدخل القضاء لإسقاط هذه الحضانة قي حالة الخوف على مصلحة الطفل؛
6. الإلزام بالنفقة مباشرة بعد العقد؛ مع إشكالية التمييز من حيث الأثر لوضعية ما قبل البناء وبعد البناء؛
7. جعل النيابة القانونية مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها؛ وما يطرحه من مشاكل تتعلق بمن سيحسم القرار في حالة الاختلاف، وما سيؤدي إليه من ضياع لحقوق الأطفال بالأساس؛
8. إجبارية استطلاع رأْي الزوجة في موضوع التعدد أثناء تَوثيق عقد الزواج، في الوقت الذي تبقى الصيغة الحالية كافية، وليس من اللائق ولا من الصواب تحويل عقود الزواج إلى عقود إذعان واشتراط، كما أن هذا المقتضى تجاوز فيه وزير العدل حدود اختصاصه كما سيبين لاحقا؛
9. ضرورة تدقيق وتقنين الاستثناء من شرط شهادة شاهدين مسلمين حين تعذر الشهود المسلمين عند عقد الزواج بالخارج.
رابعا- تؤكد الأمانة العامة أن مدونة الأسرة، باعتبارها قانونًا ليس كغيره من القوانين، وورشًا مصيريًا يهم المجتمع والأسرة بجميع مكوناتها زوجا وزوجة ووالدين وأطفالا…، وباعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع، لا يمكن أن تُحسم تعديلاتها عبر الأغلبية العددية مهما بلغ حجمها، وإنما هي قضية جوهرية ومصيرية تعني المجتمع برمته، والذي ينبغي أن يحسمها هو مدى التزامها بالمرجعية الدينية والدستورية والوطنية، كما أكدها جلالة الملك، أمير المؤمنين، في أكثر من مناسبة، ومدى تحقيقها للمصلحة الفضلى للمجتمع، والمتمثلة في تشجيع الزواج الشرعي والحفاظ على الأسرة ووحدتها واستقرارها ودوامها.
خامسا- وفي هذا الصدد، وإذ تؤكد الأمانة العامة على أن ضمان القبول الحسن من طرف المجتمع لهذه المراجعة يتطلب ثقته في من يتولون هذا الورش ومراعاة التخوفات المشروعة للمجتمع، فإنها تعبر عن قلقها العميق بخصوص الطريقة التي يدبر بها وزير العدل هذه المراجعة، وعدم اطمئنانها نهائيا لسهره على الصياغة التشريعية لهذه المقترحات بما يلزم من الأمانة والاحترام للمرجعيات والضوابط، خصوصًا وأن خرجاته الأخيرة تثبت تحريفه لبعض المقتضيات وتجاوزه لاختصاصه، ومنها تجاوزه للتفويض الذي منحه العلماء لجلالة الملك، أمير المؤمنين، في مسألة نص المجلس العلمي الأعلى على أنه لا يمكن تجاوز رأي لجنة الفتوى فيها إلا بقرار من ولي الأمر باعتبار المصلحة، وهي: “عدم شرعية إدراج شرط موافقة الزوجة الأولى في التعدد”، حيث أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أكد أن العلماء أصدروا فتواهم وذيلوها بالتفويض لأمير المؤمنين، غير أن أمير المؤمنين لم يستعمل هذا التفويض، فيما نجد أن وزير العدل قد أعلن عن تعديل يقضي ب”إجبارية استطلاع رأْي الزوجة أثناء تَوثيق عقد الزواج، حول اشتراطها عدم التزوج عليها من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج”، وكذا تصريحه غير المسؤول حول الخبرة ومختلف الشروط الموضوعة للتحايل والتماطل بخصوص الاستثناء في تحديد أهلية الزواج والذي يُحدد في 17 سنة، وهو ما يرمي إلى جعل -وفق ما صرح به- هذا الاستثناء مستحيلا.
سادسا- تؤكد الأمانة العامة على أن الحزب سيواصل عمله الذي بدأه منذ شهور عديدة للتواصل والدفاع بقوة عن تشريع يحترم المرجعية الدينية والدستورية والملكية لهذه المراجعة، ويستجيب لتطلعات المواطنات والمواطنين، ويعالج المخاوف الكبيرة التي أثارتها لديهم بعض المقترحات بالنظر لآثارها السلبية والخطيرة على تكوين واستقرار الأسرة والمجتمع.
الرباط، الاثنين 28 جمادى الثانية 1446 هــ الموافق ل 30 دجنبر 2024م.
إمضاء:
الأمين العام
ذ. عبد الاله ابن كيران
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك