ّ"الحسين‭ ‬أربيب" يكتب:التطبيع‭ ‬بين‭ ‬القبول‭ ‬والرفض‭

ّ"الحسين‭ ‬أربيب" يكتب:التطبيع‭ ‬بين‭ ‬القبول‭ ‬والرفض‭
... رأي / الجمعة 01 نوفمبر 2024 - 13:29 / لا توجد تعليقات:

مغربنا 1- Maghribona 1 بمناسبة‭ ‬عملية‭ ‬المقاومة‭ ‬‮«‬‭ ‬طوفان‭ ‬القدس‮»‬‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬شكلت‭ ‬تغييرا‭ ‬نوعيا‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬،‭ ‬والذي‭ ‬شكل‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬تاريخية‭ ‬بحيث‭  ‬استطاع‭  ‬الفلسطيني‭ ‬المحاصر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭  ‬والمجرد‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬دعم‭ ‬خارجي‭ ‬الى‭ ‬نقل‭ ‬الحرب‭ ‬الى‭  ‬أرض‭ ‬احتلها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬75‭ ‬سنة‭  ‬وشرد‭ ‬وقتل‭ ‬واغتال،‭ ‬ووصل‭ ‬العدد‭ ‬الحقيقي‭ ‬للمهجرين‭ ‬الفلسطينيين‭  ‬،وفق‭ ‬التقرير‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬2018‭-‬2019‮»‬،‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الزيتونة‭ ‬للدراسات‭ ‬والاستشارات‮»‬‭. ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬أيضًا‭ ‬أعدادًا‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬اللاجئين‭ ‬غير‭ ‬المسجلين‭ ‬لدى‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬الأونروا‮»‬،‭ ‬يبلغ‭ ‬نحو‭ ‬8.990‭ ‬مليون‭ ‬لاجئ،‭ ‬أي‭ ‬67‭.‬4‭% ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.  ‬وأشار‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬794‭ ‬ألف‭ ‬لاجئ‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬و1‭.‬335‭ ‬مليون‭ ‬لاجئ‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ونحو‭ ‬150‭ ‬ألفاً‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬1948‭ ‬مهجرون‭ ‬من‭ ‬أرضهم،‭ ‬والباقي‭ ‬خارج‭ ‬فلسطين‭.‬

هذا‭ ‬وقع‭  ‬كله‭ ‬وغيره‭ ‬كثير‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تهافتت‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬للتطبيع‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬،‭  ‬بدعوى‭ ‬أن‭ ‬صفقة‭ ‬أبراهام‭ ‬التي‭ ‬قادتها‭ ‬أمريكا‭ ‬ستساعد‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وإحلال‭ ‬السلام‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬إلا‭ ‬ان‭ ‬الواقع‭ ‬كان‭ ‬عكسيا‭ ‬بحيث‭ ‬صارت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تصول‭ ‬وتجول‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وتضاعف‭ ‬بناء‭ ‬المستوطنات‭ ‬واقتحام‭ ‬المقدسات‭ ‬الإسلامية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬القدس،‭ ‬واهانة‭ ‬المسيحيين،‭ ‬وحصار‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭.‬

لذا‭ ‬كان‭ ‬قرار‭ ‬التطبيع‭ ‬عرضة‭ ‬للرفض‭ ‬والقبول‭  ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬مكونات‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬وهيئات‭ ‬حزبية‭ ‬من‭ ‬أحزاب‭ ‬ومنظمات‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬غالبيتها‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬بعد‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬موقفها‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬وواضح‭ ‬وذلك‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭  ‬منها‭ ‬انعدام‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬وهيمنة‭ ‬الإعلام‭ ‬الرسمي‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الإعلامية‭ ‬ونسبة‭ ‬الجهل‭ ‬السياسي‭ ‬وتحويل‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬باختلاق‭ ‬أحداث‭ ‬هامشية‭ ‬ونشر‭ ‬التفاهات‭  ‬التي‭ ‬يزج‭ ‬بها‭ ‬الذباب‭ ‬‮«‬السبيراني‭ ‬‮«‬على‭ ‬شبكة‭ ‬الأنترنيت‭.‬

لكل‭ ‬هذا‭ ‬فإن‭ ‬بعض‭ ‬القرارات‭ ‬ليست‭ ‬هينة‭ ‬في‭ ‬اتخاذها،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تتطلب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التأني‭ ‬والدراسة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الجوانب،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعضها‭ ‬يتطلب‭ ‬إجراء‭ ‬استفتاء،‭ ‬خاصة‭ ‬لما‭ ‬يكون‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بشعب‭ ‬أسس‭ ‬قناعاته‭ ‬التاريخية‭ ‬والفعلية‭ ‬وعاداته‭ ‬وتقاليده‭ ‬على‭ ‬التعلق‭ ‬بمبادئ‭ ‬التضامن‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬الشرعية‭ ‬والحق‭ ‬أينما‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الأسس‭ ‬الإنسانية‭ ‬مهدورة‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬وضعية‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.  ‬لكن‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬الضيقة‭ ‬المساحة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬وعرض‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬بنسب‭ ‬متفاوتة‭ ‬الحدة‭ ‬ووفق‭ ‬مزاج‭ ‬الرقيب‭ ‬وسعة‭ ‬صدره‭ ‬وضمن‭ ‬سياسية‭ ‬القمع‭ ‬التي‭ ‬تنهجها‭ ‬غالبية‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يتحرر‭ ‬فيها‭ ‬بعد‭ ‬الإنسان‭ ‬ولم‭ ‬تكتمل‭ ‬بعد‭ ‬لديه‭ ‬مواصفات‭ ‬المواطنة‭ ‬الفعلية،‭ ‬كثيرة‭ ‬هي‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تتشكل‭ ‬وتتعقد‭ ‬وتنتهي‭ ‬وتجر‭ ‬معها‭ ‬مشاكل‭ ‬أخرى‭ ‬تترتب‭ ‬عن‭ ‬الأولى‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬سلسة‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬غير‭ ‬منتهية‭ ‬وتتفرع‭ ‬عنها‭ ‬أمور‭ ‬أخرى‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬السهولة‭ ‬بمكان‭ ‬حلها‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬وتترك‭ ‬الأمور‭ ‬لاتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬وفق‭ ‬القنوات‭ ‬الديموقراطية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المساحة‭ ‬الشاسعة‭ ‬الفاصلة‭ ‬بين‭ ‬الحكام‭ ‬والمحكومين‭ ‬في‭ ‬غالبية‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬،‭ ‬وخاصة‭ ‬الأنظمة‭ ‬الفردانية‭ ‬حيث‭ ‬تتخذ‭ ‬القرارات‭ ‬السياسية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الشعوب‭ ‬ومكوناتها‭ ‬بالنسبة‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬بنية‭ ‬سياسية‭ ‬ملامسة‭ ‬للأسس‭ ‬الديموقراطية‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متعارف‭ ‬عليها‭ ‬عالميا‭  ‬كوجود‭ ‬بنية‭ ‬حزبية‭ ‬ونقابية‭ ‬ومجتمع‭ ‬مدني‭  ‬لها‭ ‬وزنها‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬المصيرية‭ ‬،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المقومات‭ ‬الديموقراطية‭ ‬مجرد‭ ‬واجهات‭ ‬لأغراض‭ ‬خارجية‭ ‬وامتصاص‭ ‬الغضب‭ ‬الشعبي‭ ‬وتنفيس‭ ‬بالون‭ ‬التوتر‭ ‬الاجتماعي‭  ‬كتواجد‭ ‬مؤسسات‭ ‬تشريعية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البلدان،‭ ‬والتي‭  ‬لا‭ ‬تعكس‭ ‬عمق‭ ‬وطموحات‭ ‬تلك‭ ‬الشعوب‭.‬

والأكيد‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬القرارات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬عمدت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬هو‭ ‬قرار‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والذي‭ ‬جاء‭ ‬ضمن‭ ‬خطة‭ ‬أبراهام‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الإقدام‭ ‬على‭ ‬التطبيع‭ ‬كانت‭ ‬أولى‭ ‬إرهاصاته‭ ‬منذ‭  ‬1967‭ ‬حيث‭ ‬راجت‭ ‬أخبار‭ ‬عن‭ ‬زيارة‭ ‬شيمون‭ ‬بيريز‭ ‬للرباط،‭ ‬إلا‭ ‬انه‭ ‬رسميا‭ ‬بدأت‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬سنة‭ ‬1994‭ ‬ثم‭ ‬انقطعت‭ ‬عام‭ ‬2000‭  ‬ثم‭ ‬عادت‭ ‬عام‭ ‬2020‭  ‬تحت‭ ‬يافطة‭ ‬الاعتراف‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬وتلاه‭ ‬الاعتراف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭   ‬ولقد‭ ‬تباينت‭ ‬الآراء‭ ‬والمواقف‭ ‬بخصوص‭  ‬التطبيع‭ ‬المغربي‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬العبري،‭ ‬وتباينت‭ ‬بين‭  ‬القبول‭ ‬والرفض،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬سأحاوله‭ ‬تبيانه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭.‬

فمن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬ترحب‭ ‬مصر‭ ‬السيسي‭ ‬بهذا‭ ‬التطبيع‭ ‬،‭ ‬ومعلوم‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬هي‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬تعترف‭ ‬بالكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وفق‭ ‬اتفاقية‭ ‬كامب‭ ‬ديفيد‭ ‬التي‭ ‬أبرمت‭ ‬سنة‭ ‬1978،‭ ‬فكان‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الاتفاقية‭ ‬هو‭ ‬اغتيال‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬محمد‭ ‬السادات‭  ‬يوم‭ ‬6‭ ‬أكتوبر‭ ‬1981‭. ‬طبعا‭ ‬تلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬‮«‬وادي‭ ‬عربة‮»‬‭ ‬سنة‭ ‬1994‭ ‬التي‭ ‬ابرمت‭ ‬عند‭ ‬المعبر‭ ‬الحدودي‭ ‬الجنوبي‭ ‬‮«‬بين‭ ‬الأردن‭ ‬والكيان،‭ ‬وبموجب‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬استعادت‭ ‬الأردن‭ ‬380‭ ‬كلم‭ ‬مربع‭ ‬وحصتها‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬واد‭ ‬اليرموك،‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬توالت‭ ‬التطبيعات‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬وبالأخص‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬ومملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬وهناك‭  ‬مصادر‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬دول‭ ‬خليجية‭ ‬أخرى‭  ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬علاقات‭ ‬سرية‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬العبري‭..‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بردود‭ ‬فعل‭ ‬ومواقف‭ ‬الاحزاب‭ ‬المغربية‭ ‬وجمعيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬بخصوص‭ ‬هذا‭ ‬التطبيع،‭ ‬فلقد‭ ‬كانت‭ ‬متباينة‭ ‬وهكذا‭ ‬وكما‭ ‬كان‭ ‬متوقعا‭ ‬جاءت‭ ‬مواقف‭ ‬الأحزاب‭ ‬المصطلح‭ ‬عليها‭ ‬بالأحزاب‭ ‬الإدارية‭ – ‬تلك‭ ‬الأحزاب‭  ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬بلا‭ ‬قاعدة‭ ‬شعبية،‭ ‬عدا‭ ‬الدعم‭ ‬الإداري‭ ‬لوزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬لها‭ ‬وتوفيرها‭ ‬لها‭ ‬لقاعدة‭ ‬انتخابية‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬أصوات‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬المحلية‭ ‬والبرلمانية‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يسمح‭ ‬بمنحها‭ ‬أغلبية‭ ‬مبررة‭ ‬عدديا‭  ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭  ‬أيام‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬ادريس‭ ‬البصري،‭ ‬وإن‭ ‬استمر‭ ‬اليوم‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر،‭ ‬فإن‭ ‬الخريطة‭ ‬الحزبية‭ ‬اليوم‭  ‬بالمغرب‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الفرز‭ ‬والتنقية‭ ‬والتشخيص‭ ‬لمعرفة‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الأحزاب‭ ‬الممثلة‭ ‬للشعب‭ ‬والتي‭ ‬لها‭ ‬قواعد‭ ‬شعبية‭ ‬عريضة‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تقيم‭ ‬تجمعات‭ ‬في‭ ‬الساحات‭ ‬العمومية‭ ‬بل‭ ‬تحصرها‭ ‬في‭ ‬القاعات‭ ‬وبعد‭ ‬ما‭ ‬تتم‭ ‬عمليات‭ ‬جمع‭ ‬الجماهير‭ ‬عبر‭ ‬الحافلات‭ ‬من‭ ‬القرى‭ ‬والتي‭  ‬غالبيتها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬التهميش‭ ‬والجهل‭ ‬والفقر‭.                                                                                        ‬‭                                                 

وهكذا‭ ‬وبعد‭ ‬اعتراف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بمغربية‭ ‬الصحراء،‭ ‬لم‭ ‬تخرج‭ ‬أغلبية‭ ‬الأحزاب‭ ‬بأية‭ ‬بلاغات‭ ‬أو‭ ‬تصريحات‭ ‬تؤيد‭ ‬أو‭ ‬ترفض‭ ‬تطبيع‭ ‬الدولة‭ ‬المغربية‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بل‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬الأمريكي‭ ‬والإشادة‭ ‬بتأكيد‭ ‬العاهل‭ ‬المغربي‭ ‬بالموقف‭ ‬‮«‬الثابت‭ ‬والداعم‭ ‬‮«‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬السابق‭ ‬سعد‭ ‬الدين‭ ‬العثماني‭ ‬والأمين‭ ‬العام‭ ‬لحزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬ذي‭ ‬المرجعية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬صرح‭ ‬مرحبا‭ ‬بالاعتراف‭ ‬الأمريكي‭ ‬بمغربية‭ ‬الصحراء‭ ‬دون‭ ‬الإشارة‭ ‬الى‭ ‬مسألة‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭.  ‬في‭ ‬حين‭ ‬اعتبر‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحزب‭ ‬التقدم‭ ‬والاشتراكية‭ ‬أن‭ ‬اعتراف‭ ‬أمريكا‭ ‬بمغربية‭ ‬الصحراء‭ ‬يعد‭ ‬تحولا‭ ‬تاريخيا‭ ‬لقضية‭ ‬وحدتنا‭ ‬الترابية،‭ ‬مثمنا‭ ‬تأكيد‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬‮«‬التشبث‭ ‬بثوابت‭ ‬المغرب‭ ‬بخصوص‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

أما‭ ‬شبيبة‭ ‬حزب‭ ‬الاستقلال‭ ‬فقد‭ ‬رفضت‭ ‬ربط‭ ‬التطبيع‭ ‬بالاعتراف‭ ‬بمغربية‭ ‬الصحراء‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وعبرت‭ ‬عن‭ ‬‮«‬اعتزازها‭ ‬الكبير‭ ‬بمضمون‭ ‬المكالمة‭ ‬الهاتفية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أجراها‭ ‬الملك‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬والتي‭ ‬‮«‬أكدت‭ ‬على‭ ‬موقف‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬الثابت،‭ ‬ملكا‭ ‬وشعبا،‭ ‬والداعم‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عبر‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬‭.‬

إن‭ ‬تباين‭ ‬المواقف‭ ‬واحتشامها‭ ‬للتصريح‭ ‬علانية‭ ‬عن‭ ‬رفض‭ ‬واضح‭ ‬أو‭ ‬تأييد‭ ‬صريح‭  ‬وعلني‭ ‬يشكل‭ ‬ضبابية‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬المغربية،‭ ‬ويجعل‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الوطني‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬المواقف‭ ‬وأي‭ ‬اتجاه‭ ‬يتخذ‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬ولا‭ ‬زالت‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تشكل‭ ‬عصب‭ ‬التفكير‭ ‬السياسي‭ ‬والوجداني‭ ‬للشعب‭ ‬المغربي‭ ‬والتي‭ ‬يتشبث‭ ‬بها‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تفتح‭ ‬فجوات‭ ‬عبر‭ ‬المكون‭ ‬العبري‭ ‬للشعب‭ ‬المغربي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬السياق‭ ‬التاريخي‭ ‬والسياسي‭ ‬أبانا‭ ‬أن‭ ‬اليهود‭ ‬الذين‭ ‬هاجروا‭ ‬للاستيطان‭ ‬بالأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬والتي‭ ‬اغتصبت‭ ‬عنوة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لم‭ ‬يشكلوا‭ ‬معارضة‭ ‬هناك‭  ‬ضد‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬المحتل‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬بل‭ ‬اندمجوا‭ ‬في‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬وطعموا‭ ‬الآلة‭ ‬المدمرة‭ ‬لشعب‭ ‬بكامله‭ ‬و‭ ‬شردوه‭  ‬وهجروه‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬اجداده‭.‬

وتكشف‭ ‬المواقف‭ ‬المتذبذبة‭ ‬لبعض‭ ‬الفعاليات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تتردد‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬واضح‭ ‬وتدافع‭ ‬عنه‭ ‬أمام‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬بخصوص‭ ‬مسألة‭ ‬التطبيع،‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬قدرتها‭ ‬السياسية‭ ‬لاتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬ثابت‭ ‬وتعمل‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬قناعات‭ ‬وبنيات‭ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬تبني‭ ‬خطها‭ ‬السياسي‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعلاقة‭ ‬مع‭ ‬كيان‭ ‬استمر‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬كل‭ ‬مطالب‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والمؤيدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬وقرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬والإنساني‭.  ‬أما‭ ‬‮«‬مجوعة‭ ‬العمل‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬فلسطين‭ ‬‮«‬‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬حزبية‭ ‬ونقابية‭ ‬ومن‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬المغربي‭  ‬،‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬اعتبرت‭ ‬خطوة‭ ‬التطبيع‭ ‬،‭ ‬‮«‬خطوة‭ ‬مفاجئة‭ ‬وشاردة‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬العام‭ ‬للمغرب‭- ‬خاصة‭ ‬الدولة‭ ‬،وأكدت‭ ‬أن‮»‬‭ ‬الصحراء‭ ‬حررها‭ ‬وبناها‭ ‬ونماها‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬ولا‭ ‬تحتاج‭ ‬لتزكية‭ ‬الصهاينة‭ ‬ولا‭ ‬الأمريكان‭ ‬لتأكيد‭ ‬مغربيتها‭.‬

أما‭ ‬حزب‭ ‬الطليعة‭ ‬الديموقراطي‭ ‬الاشتراكي‭ ‬فلقد‭ ‬رفض‭ ‬التطبيع‭ ‬بالقضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬واكد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬القضية‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬المقايضة‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬مبرر‮»‬‭.  ‬وبالتالي‭   ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬استعراض‭ ‬مواقف‭ ‬بعض‭ ‬مكونات‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬والمنظمات‭ ‬حول‭ ‬قبول‭ ‬ورفض‭ ‬التطبيع،‭ ‬نعود‭ ‬لنؤكد‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬واستمرار‭ ‬إسرائيل‭ ‬كدولة‭ ‬عسكرية‭ ‬بفضل‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬والأمريكي‭ ‬لأغراض‭ ‬مصلحية‭ ‬لهذه‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إبقاء‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬تحت‭ ‬هيمنة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وتفوقه‭ ‬العسكري‭ ‬والتقني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إخضاع‭ ‬الشعوب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نخب‭ ‬سياسية‭ ‬محلية‭ ‬لخدمة‭ ‬الرأسمال‭ ‬الغربي‭ ‬واستمراره‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬الثروات‭ ‬المعدنية‭ ‬والطاقية‭ ‬والبشرية‭ ‬للوطن‭ ‬العربي‭  ‬بشكل‭ ‬يغذي‭ ‬صناعاتها‭ ‬ومعاملها‭ ‬واقتصاداتها‭.‬

ولفهم‭ ‬أكثر‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لنلق‭ ‬نظرة‭ ‬سريعة‭ ‬عن‭ ‬الثروات‭ ‬المعدنية‭ ‬والطاقية‭ ‬والبشرية‭ ‬التي‭ ‬يزخر‭ ‬بها‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬ليتضح‭ ‬لنا‭ ‬لماذا‭ ‬يتشبث‭ ‬الغرب‭ ‬ببقاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬قوة‭ ‬إقليمية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬لأنها‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭  ‬فسيفساء‭ ‬بشرية‭ ‬تحمل‭ ‬ثقافات‭ ‬أوروبية‭ ‬غربية‭ ‬وشرقية‭ ‬مما‭ ‬يسهل‭ ‬لها‭ ‬التواصل‭ ‬وتبادل‭ ‬الثقافات‭ ‬المشاعر‭ ‬والأحاسيس‭ ‬وأساليب‭ ‬العيش‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬وأمريكا‭ ‬وهدا‭ ‬الكيان‭ ‬الذي‭ ‬زرع‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬لخنق‭ ‬أنفاسه‭ ‬وإبقائه‭ ‬تابعا‭ ‬لتك‭ ‬القوى‭ ‬الصناعية‭ ‬والعسكرية‭ ‬وعدم‭ ‬الحاق‭ ‬بالدول‭ ‬الديموقراطية‭ ‬وتحرر‭ ‬شعوبها‭.. ‬فالفوسفاط‭ ‬يمثل‭ ‬نصف‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالمي‭ ‬والحديد‭ ‬13‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬أي‭ ‬2‭.‬5‭  ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬أما‭ ‬البترول‭ ‬فالوطن‭ ‬العربي‭ ‬لوحده‭ ‬يتنج‭ ‬حصة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالمي‭ ‬أي‭ ‬حوالي‭ ‬545مليون‭ ‬طن،‭ ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للثروة‭ ‬الطاقية‭  ‬فإمكانيات‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬ودول‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬هائلة‭ ‬وبخصوص‭ ‬الثروة‭ ‬البشرية‭ ‬فالوطن‭ ‬العربي‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬تضم‭ ‬شعوبا‭ ‬متعددة‭ ‬ومختلفة‭  ‬في‭ ‬قدراتها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬اللغات‭ ‬وأديانها‭ ‬وثقافاتها‭ ‬مما‭ ‬يشكل‭ ‬إضافات‭ ‬مهمة‭ ‬للحضارات‭ ‬العالمية‭ ‬لو‭ ‬استغلت‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬شعوبها‭ ‬علة‭ ‬أسس‭ ‬عقلانية‭ ‬ومتساوية‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬نعرف‭ ‬لماذا‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬المدروس‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬وخلق‭ ‬مشاكل‭ ‬تشكل‭ ‬له‭ ‬عرقلة‭ ‬للعيش‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬ورخاء،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الغرب‭ ‬الرسمي‭ ‬الأوروبي‭ ‬والأمريكي‭ ‬لهما‭ ‬استراتيجيات‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬لإبقاء‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬متخلفة‭ ‬رغم‭ ‬الثروات‭ ‬التي‭ ‬تتوفر‭ ‬عليها‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تبوأها‭ ‬الرتبة‭ ‬المتقدمة‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم‭.‬‮ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬الأوضاع‭ ‬السياسية‭ ‬المتسمة‭ ‬بالتبعية‭ ‬للغرب‭ ‬وإملاءاته‭ ‬تجعل‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬رهن‭ ‬تلك‭ ‬السياسيات‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬يكون‭ ‬همها‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬مصالحها‭ ‬أولا‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وما‭ ‬تواجدها‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬عربية‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬استعدادا‭ ‬لتتدخل‭ ‬بالقوة‭ ‬فيها‭ ‬كلما‭ ‬كانت‭ ‬هنا‭ ‬محاولة‭ ‬للتغيير‭ ‬السياسي‭ ‬لتلك‭ ‬الأنظمة‭ ‬المتحالفة‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬دون‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬شعوبها‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬مصدر‭ ‬كل‭ ‬استقرار‭ ‬واستمرار‭ ‬سياسي‭ ‬واقتصادي‭ ‬واجتماعي‭ ‬دائم‭.‬

إن‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬سياسة‭ ‬ذات‭ ‬استراتيجية‭ ‬لأن‭ ‬جذور‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬لها‭ ‬حلا‭ ‬بعد‭ ‬وليست‭ ‬هناك‭ ‬ضمانات‭ ‬أممية‭ ‬لأفق‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فالرافضون‭ ‬للتطبيع‭ ‬لهم‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬المنطقية‭ ‬والدلائل‭ ‬التاريخية‭ ‬لممارسات‭ ‬المحتل‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬سوى‭ ‬القتل‭ ‬العمد‭ ‬للمدنيين‭ ‬والأطفال‭ ‬بدون‭ ‬تمييز‭ ‬وبلا‭ ‬مراعاة‭ ‬للقوانين‭ ‬الدولية‭ ‬ولا‭ ‬للمبادئ‭ ‬الإنسانية‭. ‬أما‭ ‬الذين‭ ‬يرفعون‭ ‬راية‭ ‬التهليل‭ ‬بالتطبيع‭ ‬فهم‭ ‬يركزون‭ ‬على‭ ‬مبررات‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنها‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتجعل‭ ‬العدو‭ ‬الإسرائيلي‭  ‬أقل‭ ‬عنف‭ ‬تجاه‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتفتح‭ ‬أبواب‭ ‬المفاوضات‭ ‬لإيجاد‭ ‬حل‭  ‬الدولتين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬يشير‭ ‬الى‭ ‬عكس‭ ‬دلك‭ ‬فمازالت‭ ‬الاغتيالات‭ ‬وهدم‭ ‬المنازل‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬أصحابها‭  ‬والتطبع‭  ‬قائم‭  ‬من‭ ‬بين‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬سارت‭ ‬عليه‭ ‬الدول‭ ‬المطبعة‭  ‬مع‭ ‬الكيان‭  ‬والدول‭ ‬الرافضة‭ ‬له‭ ‬سيظل‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭  ‬بين‭ ‬القبول‭ ‬والرفض‭  ‬طول‭ ‬الزمن‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬سيكشف‭ ‬عن‭ ‬ماله‭ ‬،‭ ‬وتتم‭ ‬معرفة‭ ‬من‭  ‬هو‭ ‬على‭ ‬حق‭  ‬ومن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬ضلال‭.                                                          

أخيرا‭ ‬هل‭ ‬سيظل‭ ‬التطبيع‭ ‬صامدا‭ ‬الأن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬جاء‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬القدس‮»‬‭ ‬لتغيير‭ ‬المعطى‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬سائدا‭ ‬والمقولة‭ ‬التي‭ ‬لطالما‭ ‬ترددت‭ ‬على‭ ‬الألسن‭ ‬والمنابر‭ ‬الإعلامية‭ ‬ومنها‭ ‬العربية‭ ‬بكون‭ ‬إسرائيل‭ ‬قوة‭ ‬لا‭ ‬تقهر‭ ‬والتي‭ ‬سوق‭ ‬لها‭ ‬الإعلام‭ ‬الصهيوني‭ ‬وصدقتها‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬لتسقط‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬التطبيع‭ ‬معه‭ ‬بدون‭ ‬احترام‭ ‬مشاعر‭ ‬شعوبها‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والأماكن‭ ‬المقدسة‭ ‬وخاصة‭ ‬القدس‭ ‬الشريف‭ ‬أيما‭ ‬تعل؟‭ ‬وبالتالي‭ ‬ستعرف‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومن‭ ‬يساندها‭ ‬أن‭ ‬الحق‭ ‬لن‭ ‬يضيع‭ ‬من‭ ‬صاحبه‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬القوة‭ ‬والجبروت‭ ‬،‭ ‬وما‭ ‬المظاهرات‭ ‬العارمة‭ ‬الرافضة‭ ‬للتطبيع‭  ‬وللعدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬غزة‭  ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬والجزائر‭ ‬وتونس‭ ‬والعراق‭ ‬والأردن‭ ‬إلا‭ ‬بداية‭ ‬لجرف‭ ‬الطوفان‭ ‬لخزي‭ ‬التطبيع‭ ‬ونهاية‭ ‬الخنوع‭ ‬للعدوان‭ ‬وبداية‭ ‬واعية‭ ‬للتحرر‭  ‬من‭  ‬براثن‭ ‬التبعية‭ ‬والاحتلال‭  ‬البغيض‭. ‬

بقلم:الحسين أربيب

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك