... رأي / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:
مغربنا1-Maghribona1
نقول بصريح العبارة: إننا مع احترام قانون الحريات العامة. وهو قانون يؤيده الكتاب المبين والسنة النبوية. إلى جانب قبولنا بالنقد الذي هو تناول مختلف القضايا بالدرس والتحليل، لإظهار العيوب والمحاسن. والناقد حر في تناول أي منهما مع تحمله لمسؤوليتهالكاملة، في كل ما يصدر عنه مما هو جدي ومما هو هزلي، ومن محاسن معقلنة، مؤيدة إما بالمنقول وإما بالمعقول، والمؤيدة بهما معا أحسن بكثير وكثير من المؤيد بواحد منهما لدينا كمسلمين بكل تأكيد، لا لدى العلمانيين من حملة ديننا ومن غير حملته.
وعليه يحق لنا أن نتساءل عن حديث الدكتور محمد الفايد عن الصلاة؟ وماذا عمن وصفه بالكلب العاوي؟ وبشيخ البطاطيس والبطيخ؟ إلى غيرها من صفات تدخل في إطار الهمز واللمز، مع حضور النهي عنهما في قوله سبحانه: "ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده"؟ في حين أن ما سوف يخلده هو "ما ينفع الناس ويمكث في الأرض".
فما ينفع الناس متقدم في الدين على ما يضرهم بكل تأكيد. والسنوات الطوال التي كنا نستفيد فيها من الدكتور محمد الفايد بخصوص التغذية، لم يمارس خلالها سوى ما ينفع آلافا من المؤمنين أينما وجدوا. مما يعني أنه لم يكن كلبا عاويا ولا شيخا للبطاطيس والبطيخ! إذ لو كان كذلك ما فتح أمامه المعهد الوطني للزراعة والبيطرة كأستاذ بارز، يستفيد منه مئات الطلاب بكيفية مباشرة، كما يستفيد منه مئات آخرين في المساجد التي كان يلقي فيها دروسا دينية معتبرة. إضافة إلى أننا نحن بالذات كنا نستفيد منه، فلو تأكد عندنا أن الرجل يعوي عواء الكلاب ما قبلنا أي شيء مما ينصحنا به ويرشدنا إليه.
إننا في كل الأحوال لا نسعى إلى إغلاق أبواب النقد، لأنها أبواب تحمل في صورتها الإسلامية كيفيات عنوانها التخلق بأخلاق نبي الله الذي خاطبه ربه بقوله: "وإنك لعلى خلق عظيم". وهذا الخلق هو الذي يسفر عنه كل من الإيمان والإسلام الصادقين. وما يسفران عنه لا بد من حضوره أثناء كل واجبات الدين، وفي مقدمتها الصلاة!
هنا نصل إلى تهمتين توجهان إلى الدكتور الفايد: كونه لا يصلي، وكون الصلاة عنده مجرد حركات؟ فكونه لا يصلي تهمة صدرت عن أقرب الناس إليه. والتهم الصادرة في الغالب عن الأقربين مصنوعة أو مصطنعة، ومن هنا قيل: "زامر الحي لا يطرب" ولدينا في هذا المجال خبرات أو تجارب، مما يعني أن تهمة مثل هذه الموجهة إلى الفايد باطلة وغير معتمدة؟ ثم إنها في الواقع تغطي كل مراحل الدكتور الفايد، حتى قبل تركيزه على انتقاد الكهنوتيين، وبعد إصراره على انتقادهم ليقينه التام بأنهم لا يهتمون سوى بالمتاع الدنيوي الزائل، وليقينه ـ وأنا معه ـ بأن أغلبهم بعيدون عن مبدأ " جلب المنافع ودفع المضار"، بينما الدكتور الفايد، كان لسنوات طوال ممن يعملون بجدية على ممارسة العبارة الأولى من هذا المبدأ، وفي الوقت ذاته ممن يعملون بجدية على ممارسة العبارة الثانية من نفس المبدأ؟؟؟
لكن خصومه ممن نعتهم بالكهنوتيين، لم يكن لديهم التوازن المطلوب بين شقي المبدأ المذكور كهدف أسمى للدين! يكفي أن هذا المبدأ ملخص لما يسمى ب «مقاصد الشريعة". وهي مرامي، أو أهداف، أو غايات لا يستهدف الدين غيرها، فالاستقامة ـ كمجرد مثال ـ تدخل في حدود "جلب المنافع، والانحراف عنها يدخل في حدود جلب المضار.
والتلاعب بمبدأ "الجلب للمنافع"، وبمبدأ "الدفع للمضار" بهاتين العبارتين نقف عليهما بوضوح تام حين نلاحق تصرفات من ينعتهم الفايد بالكهنوتيين! فتشوقهم للمآدب التي يحصلون فيها على الإشباع البدني، مع أنصبة من الدراهم المتفاوتة المقدار، معروف لدى الخاص والعام. فكلما توفي أحدهم هنا وهناك، إلا واشرأبت أعناقهم وقلوبهم إلى الحضور في أية مناسبة لإقامة الولائم، كاستكمال لما تغدقه عليهم وزارة الأوقاف، كما ورد على لسان وزير هذه الوزارة بعيدا عن استحضار أية نصوص أو براهين نقلية أو عقلية تحرم تصرفاتهم تلك، وقد بلغ الأمر بالأئمة أولئك وبمن تبعهم إلى حد أن وفاة أي مسلم عندنا مهما تكن هويته، يدخل السرور عليهم في الكتاتيب القرآنية والمدارس العلمية العتيقة، المنتشرة عندنا في كل النواحي، بحيث يمكن التمييز فيهم بين منتم إلى طريقة صوفية، وبين غير منتم إليها. كما يمكن التمييز فيهم بين متعاطي الشعوذة، وبين مبتعد عنها لأسباب شخصية أو دينية.
ويصح القول بأن أي مبتدع لا تجوز الصلاة خلفه، ففي الجزء الأول من "المدونة الكبرى" تحت عنوان "الصلاة خلف أهل الصلاح وأهل البدع" ورد قول مالك: "لا ينكح أهل البدع، ولا ينكح إليهم، ولا يسلم عليهم، ولا يصلى خلفهم، ولا تشهد جنائزهم".
فلماذا نحذر من هذه المنهيات على لسان مالك بن أنس الذي تسند إليه"المدونة الكبرى" لدى البعض، كما تسند إلى سحنون القيرواني لدى البعض الآخر.
لماذا لا نزوج بناتنا لأهل البدع؟ ولا نزوج بناتهم لأبنائنا؟ ولماذا لا نسلم عليهم متى قابلناهم أو قابلونا؟ ولماذا لا نصلي خلفهم صلواتنا الخمس، أي لماذا لا نتخذهم أئمتنا في صلواتنا؟ أخيرا لماذا لا نحضر جنازة من مات منهم رجلا كان أو امرأة؟
فمالك كما نعرفه عقلاني النزعة، وعقلانية أمثاله تستفتي النقل من بعيد، وإن لم تقدمه كدليل مباشر، ففي القرآن الكريم قوله سبحانه، وخطابه موجه إلى نبيه: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم".كما روي عن النبي ص قوله: "من أراد أن يحبه الله فعليه بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وأن لا يؤدي جاره".
هناك إذن حبان مترابطان، والفصل بينهما يجلب غضب الله عز وجل، إذ لا يمكن أن يكون حب العبد لله خالصا إلا بشرط واحد في غاية الوضوح، إنه الاقتداء برسول رب العالمين محمد بن عبد الله ص. أما من لم يقتد به في أقواله وأفعاله، فإنه يحرم لا محالة من حب الله، والحال أن الغاية القصوى في العبادة الشرعية أن ننال حب الله لناورضاهعنا!
فبالإضافة إلى الآية المذكورة قبله، والتي ربطت حب الله بحب رسوله. يقول تعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر". ويقول سبحانه: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما".
فهل أئمتنا في طول البلاد وعرضها يراعون كل ما ورد في هذه الآيات؟ وهل علماؤنا الذين يهاجمون الدكتور محمد الفايد، يحترمون أولا وقبل كل شيء، ما على الأئمة أن يتصفوا به؟ أم إنهم ساهون عن الظلاميات التي لم يكف الطرقيون والمشعوذون وحتى الحكام عن الترويج لها، حتى عبر القنوات الفضائية الرسمية للأسف الشديد؟
وقبل ولادة ظاهرة الفايد بسنوات، أو لم يكن واجبا على كل منتم إلى العلماء المؤطرين رسميا بالخصوص، أن يواجهوا بالصرامة ما واجهته شخصيا منذ أعوام، إلى حد أنني أتعرض حتى الآن لمعارضة قوية مفضوحة من أطراف عدة، بما فيهم بعض العلماء، ومدراء الجرائد الإلكترونية والمكتوبة.
وحتى تكتسي الآيات القرآنية المتقدمة صبغة سنية، أقدم إليكم يا علماءنا هذه الأحاديث:
ـ قال ص: "دعوني ما تركتكم، إنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم. فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم". متفق عليه.
ـ وعن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله ص موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا. قال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن أمر عليكم عبد، وأنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجد، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة". حديث حسن صحيح.
ـ وقال ص: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى". قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى " رواه البخاري.
ومن هنا ندرك كيف أن مصير المبتدعة معين معروف، ولم لا يكون مصير مؤيديهم أو مساعديهم شبيها بنفس مصيرهم كذلك!! يعني أن الصلاة خلف طرقيين على العموم، أو خلف أي مبتدع كان، صلاة باطلة في مهب الريح؟؟؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك