مغربنا 1 المغرب
من معيقات التنمية المحلية ببلدنا، تعطيل أو لنقل “فرملة” الدور الفعال المنتظر من “هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع” في العديد من الجماعات الترابية وخاصة منها في الجماعات، في حين أن المشرع المغربي يمكنها بشكل قانوني من القيام بدور كبير في مسلسل التنمية المحلية منذ 2015 سنة إصدار القوانين التنظيمية للجماعات الترابية.
وقبل ملامسة هذا الدور، يبدو أنه لا بد من التوضيح القانوني التالي لإزالة بعض اللبس: حسب الفصل 135 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011 “الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات”. ومن ثمة فالجماعات كحالة نهتم بها في هذه الورقة، تشكل جزءا لا يتجزأ من الجماعات الترابية.
وفي هذا الصدد، من أهم ما جاء به القانون التنظيمي للجماعات (رقم 113.14) نصه على إحداث “هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع”. فكيف تتألف هذه الهيئة ذات الطابع المدني؟ وما هي مواضيع اشتغالها؟ وما مدى قوة قراراتها في تدبير الشأن العام المحلي؟
تنص المادة 120 من القانون أعلاه على أنه تحدث لدى مجلس الجماعة هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني، تختص بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع (يقصد بمقاربة النوع إدماج الاهتمام بالنوع الاجتماعي في السياسات العمومية: المسنون، وذوو الاحتياجات الخاصة والأطفال، وخاصة النساء). ويحدد النظام الداخلي لكل مجلس جماعي، كيفيات وتأليف هذه الهيئة وتسييرها.
ونستفيد من خلال القراءة المتمعنة في أحد الأنظمة الداخلية لمجلس إحدى الجماعات من مجموعة من المعلومات حول هذا الموضوع منها، أنه يحدد عدد أعضاء هذه الهيئة الاستشارية بناء على أهمية النسيج الجمعوي والفاعلين المحليين، وبالتشاور معهم. ويأخذ بعين الاعتبار في تشكيلها المعايير التالية:
– تخصيص نسبة محترمة للنساء لضمان المساواة.
– المكانة والسمعة داخل المجتمع المحلي.
– التجربة في ميدان التنمية البشرية.
– الخبرة في مجال النوع الاجتماعي.
– الارتباط بالجماعة.
– التنوع المهني.
– (…).
تجتمع “هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع ” بمقر الجماعة، بدعوة كتابية من رئيسها أو بناء على طلب كتابي من ثلثي أعضائها. ويجب أن يهيئ رئيس المجلس الظروف الجيدة لعقد اجتماعاتها.
ولإغناء الحوار والتشاور واتخاذ القرارات المناسبة، يجوز لرئيس الهيئة أن يدعو ذوي الخبرة والاختصاص، للمساهمة بالرأي والنصيحة بخصوص الموضوع المعروض على الهيئة. كما يمكن لهذه الهيئة تكوين مجموعات عمل تهتم بقضايا معينة في مجالات اختصاصاتها. ويمكنها تقديم توصياتها وملتمساتها لرئيس المجلس الجماعي.
علاوة على ما تقدم، تبدي الهيئة رأيها، حينما تتلقى طلبا من المجلس أو رئيسه، في القضايا والمشاريع المتعلقة بالمساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع الاجتماعي. وتقوم بتجميع المعطيات التي لها صلة بهذه الميادين من أجل دراستها وإعداد توصيات بشأن إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في برامج الجماعة. وهي تتخذ قراراتها، وتصادق على التقارير المنبثقة عنها بأغلبية الأصوات المعبر عنها. وتودعها لدى رئيس المجلس الذي ينبغي أن يبلغها لأعضاء المجلس.
إن إحداث هذه الهيئة ليس بالأمر الجديد، فقد تم تكوينها في كل المجالس الجماعية السابقة بناء على مقتضيات الميثاق الجماعي السابق. لكن ما يسجله الباحث والإعلامي هو ضعف أداء هذه الهيئة في العديد من الجماعات. بل إن وجود نساء فيها لم يستسغه البعض في بعض المجالس، حيث تهيمن العقلية الذكورية.
لكن المستجد القوي الدلالة في 2015، هو التنصيص على هذه الآلية في القانون التنظيمي الجديد للجماعات (وهو أسمى رتبة من الميثاق الجماعي) وعلى كيفيات تأليفها وتسييرها.
وعلاقة بالموضوع ذاته، نعتقد أن نص النظام الداخلي لبعض المجالس على أن رئيس المجلس هو من يقترح شخصيات تنتمي إلى جمعيات محلية وفعاليات من المجتمع المدني التي تتكون منها هذه الهيئة، سيف ذو حدين، لأن شخصية الرئيس وتكوينه وعلاقاته بالمجتمع المدني كلها أمور يمكن أن تؤثر إما إيجابا وإما سلبا على تركيبة هذه الهيئة وبالتالي على أدائها. وهو أمر دفع بعض فرق المعارضة في بعض المجالس الجماعية إلى رفض الهيئة المقترحة من لدن رئيس المجلس الجماعي.
ولا يعتد برأي هذه الهيئة في بعض الجماعات بل إن وجودها حبر على ورق فقط، حيث إن دورها يكاد يكون منعدما.
مجمل القول، إن “هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع” آلية للمساهمة والتشارك في تدبير الشأن العام المحلي. وهي تمتلك الحق القانوني للقيام بدورها الكبير في التنمية المحلية.
لكن لإزاحة كل ما يعرقل أدوارها، يجب أن يتزود أفرادها بالمعلومة القانونية علاوة على قربهم من الساكنة المحلية والاستماع لنبضها.
ويجب قبل ذلك أن تتوفر الإرادة الحقيقية لدى كل مجلس جماعي لتفعيل أدوارها التنموية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك