... رأي / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:
مغربنا 1 المغرب
كنت وأنا الغلام المقبل على وشك وشيك بسن التكليف في بدايات الثمانينات من القرن الماضي، أسترق السمع في فضول طفولي، وأتلصّص فحواه المحيل على إخبار وهمس مفاده أن ثمة شباب بل كهول من محلتنا لا يصومون رمضان مع الصائمين...
يا الله ما أثقلها من تهمة، وما أشنعها من فِعلة، وما أفظعها من مصيبة، يحتاج لها القاذف إلى التوقيع على صدقها بالأيمان المغلظة مخافة أن يُرمى بالفسق إذا تبيّن الناس.
نعم لقد كانت تهمة الإفطار العمدي حقيقة متفشية في صفوف الشباب الجانح، ولكنها كانت معصية تُمارس في السر على استحياء وخوف من أقرب الأقارب بله من أبعد الأباعد، يعلم العامد أنه يأكل سحتا، فيتوارى من قومه من سوء ما يرتكب، يَحِيك الفعل في صدره ثم يستحيي أن يطلع الناس على حاله المشين، وتلك جنسية الحرام وسيرة المذنبين في غير استحلال أو جحود.
إنه إفطار عمدي لكنه في الإسرار لا الجهر به والإعلان.
إنه إفطار عمدي تُقْتَحمُ عقبة كبيرته تحت سياط الندم ومردوف الحسرة في غير استحلال.
إنه إفطار عمدي لم تكن لتؤطر سيئته مؤسسات المجتمع المدني المتناسلة تناسل الفطر في يوم ممطر.
إنه إفطار عمدي يحرص مرتكبه كل الحرص أن يمارسه في قبو الستر وعتمة الاختباء، مخافة التعزير الرسمي وغير الرسمي.
إنه إفطار عمدي يمج المجتمع المسلم بالفطرة والصبغة أصحابه، ويزري بهم أشد الزراية، فيمشون بين معشر الصائمين أذلة وكذلك يفعلون.
إنها بعض من الفروق بين ذلك الجيل من العصاة الذين كانوا يمارسون كبيرة الإفطار وهم خائفون وجلون يستخفون من الناس، كما يستخفون من أجهزة الرصد الرسمية، وبين هذه الأجيال التي سرى في أوصالها وجرى في مجاري دمها المروق والتمرد على الهوية، فقامت كالذي يتخبطه الشيطان من المس تطالب في صفاقة وجراءة بحقها في الإفطار ولكن بشكل علني.
وإنني لا زلت أذكر كيف هبّت مدينة "المحمدية" بكل مكوِّناتها ضد أولئك الفتية الخمسة أو الستة الذين كان سابعهم كلبهم ذي النباح الغربي والسحنة الفاقعة البياض، من معشر الأجانب الذين أرادوا أن يحيطوا هذه الظاهرة الدخيلة المقبوحة بهالة من الضجيج الحقوقي في ثوبه الاستغرابي، وفقاعة من الاستشهار لها والاحتفاء بأبطالها المزعومين، ولولا تدخل الأمن الوطني ليس لمنعهم فقط فهذا من صميم الاختصاص، ولكن لحمايتهم من تداعيات تلك الهَبّة والفورة الساخنة من سكان المدينة الآمنة، لكان أن وقع ما لا تُحمد عقباه من هؤلاء الذين كادوا يكونوا على فتية الإفطار لِبَدا، وهذا من بقايا الإيمان، ومعهود الإسلام، ومشهود الإحسان.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك