أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا
بات من الملحّ
اليوم أن تتحلى الحكومة بقدر أكبر من الجرأة لكشف المستفيدين الحقيقيين من فضيحة
1300 مليار، التي قُدمت تحت غطاء دعم مستوردي المواشي، لكنها لم تكن سوى عملية نهب
مقننة. فلكي نفرّق بين الصالح والطالح ولا نطلق الاتهامات جزافاً، لا بد من معرفة
من يقف وراء هذه المجزرة في حق المال العام، حيث تم تغليب خيار الاستيراد على دعم
الفلاح والصانع المحلي والمنتوج الوطني، ليظل الانحياز دائماً لصالح هذا التوجه
المريب.
رئيس الحكومة
السابق ووزير الفلاحة الأسبق، "عبد العزيز أخنوش"، يواجه اتهامات خطيرة
من طرف زميله السابق في حكومة "عبد الإله بنكيران"، حيث يؤكد
"إدريس اليزمي" أن شبهات حول أخنوش باستفاد من "60 مليار" من
دعم المحروقات، ولا شك أن اليزمي رجل أرقام يعرف جيداً ما يقول.
هنا يبرز دور
مجلس الشفافية والنزاهة، الذي صار مطالباً بإعلان قائمة المستفيدين من هذه الأموال
الطائلة، والتي زجت بالبلاد في أزمة اقتصادية خانقة، لقد تم اتباع سياسة "زيد
ما نايضش" التي أرهقت البلاد وأغرقتها في الديون، بينما المواطن البسيط هو من
سيدفع الثمن من عرقه وقوت أبنائه جيلاً بعد جيل.
ما جدوى الحياة
إذا كان المواطن يولد مستعبداً ويموت مستعبداً، فقط لأن هناك سياسيين فاشلين لا
يعرفون سوى النهب والسرقة؟.
في "برلمان الفراقشية"، وفي ظل غياب الشفافية، أصبح الجميع
موضع شك، فمن الذي نهب أموال الفقراء؟.
أي حسب المثل
المغربي "حوتا وحدة تخنز الشواري".
من الذي تسبب في تجويع الأطفال والنساء؟ .
من الذي كان وراء تفكيك الأسر بسبب الأزمات المالية التي قادت إلى
إنتشار الطلاق والتشرد؟.
إن هذه السرقات
لم تكن مجرد جرائم مالية، بل كانت جرائم اجتماعية خطيرة أدت إلى تدمير النسيج
المجتمعي المغربي، والحل لا يكون بتقارير تُركن في الرفوف، بل بتطبيق القانون
بحزم، واسترجاع الأموال المنهوبة من جيوب "الوزراء والبرلمانيين
الفراقشية" ووضعها في خزينة الدولة لتمويل مشاريع حقيقية تعيد التوازن إلى
المجتمع.
اليوم نجد
الشباب عاجزين عن الزواج بسبب غلاء المعيشة، والحكومة لم تقدم لهم أي دعم لتعزيز
الاستقرار الأسري، وهذا لا يؤثر فقط على المجتمع، بل سيمتد أثره إلى قطاعات حيوية
مثل الجيش والأمن والقضاء والصحة، حيث سنواجه مستقبلاً نقصاً خطيراً في القوى
العاملة بهذه المجالات الضرورية في القطاع العمومي.
ولا يمكن تحقيق
أي إصلاح دون معالجة مشاكل رجال ونساء التعليم، فهم أساس أي نهضة، وإذا لم نعد
جيلاً متعلماً قادراً على الإبداع، فستظل البلاد تراوح مكانها، في حين أن
"الوزراء والبرلمانيين الفراقشية" يواصلون نهب الثروات بلا حسيب أو رقيب.
يجب أن يكون
القانون فوق الجميع، لا أن يطبق فقط على "مول جوان" أو "كموسة
شقوفة وسبسي " أو "رابعة ماحيا" أو "شيك بدون رصيد"،
بينما ينجو أصحاب الصفقات الفاسدة الكبرى من العقاب.
المحاكمات
الظالمة التي أرهقت الشعب واستنزفت جيوبه لا بد أن تتوقف، لأننا اليوم أمام امتحان
حقيقي لمصداقية الدولة والمجالس العليا لتطبق القانون بما لديها من صلاحيات
وتوجهات تتماشى مع التوجيهات والخطابات الملكية والمتتالية التي تحت على أن
المواطنين سواسية أمام سمو القانون.
الحكومة
بأجهزتها تعرف حتى "نملة النمل" في هذا البلد، لكنها تختار التلاعب
بمصير الشعب وخلق نزاعات داخلية لإلهائه، بدلاً من خلق بيئة سليمة تعزز مكانة
المغرب بين الدول، ومن خلال تجربتي وسفري للعديد من الدول، وفي حوارات ونقاشات
يتساءل الكثيرون كيف لا يزال المغرب ضمن دول العالم الثالث رغم تاريخه وعقول
أبنائه.
المغرب يملك
طاقات عظيمة أبانت عن جدارتها في مختلف بقاع العالم، والمثال الأبرز هو العالم
"رشيد اليزمي"، الذي قهر العالم باختراعه بطاريات الهواتف والحواسيب...
وما دمنا نضع
العلماء في الخلف، بينما نسلط الأضواء على التافهين والمارقين، فسنظل في دائرة
المعاناة إلى أن نعيد الاعتبار للعقول النيرة في كل التخصصات، بغض النظر عن
خلفياتها وقناعاتها الفكرية .
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك