على هامش ما وقع في جماعة تمارة: أزمة الفراشة بين القمع والحلول المستدامة

على هامش ما وقع في جماعة تمارة: أزمة الفراشة بين القمع والحلول المستدامة
... رأي / الثلاثاء 25 مارس 2025 - 21:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: بقلم الأستاذة/فاطنة أفيد

مستشارة بجماعة " تمارة "

عن حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي/ وكاتبة فرع بتمارة

ما وقع في جماعة تمارة ليس حدثًا معزولًا، بل هو انعكاس يومي لصراع متكرر بين السلطات والمواطنين، غير أن أغلب هذه الحوادث لا تُوثَّق أو تحظى بالاهتمام الكافي، إن المشكلة الحقيقية تتجاوز مجرد المواجهات الظرفية، فهي مرتبطة بغياب حلول قانونية ومستدامة تحفظ كرامة الإنسان وتراعي حقوقه.

مشكل الفراشة ليس سوى وجه آخر لأزمة الفقر والاختلال في توزيع التنمية بين مختلف جهات المغرب.

فالهجرة الداخلية نحو المدن الكبرى ليست خيارًا ترفيهيًا، بل هي نتيجة مباشرة لسياسات التهميش والإقصاء التي تعاني منها القرى والمناطق النائية، في ظل غياب فرص العيش الكريم، يجد الفقراء أنفسهم مجبرين على البحث عن لقمة العيش في الشوارع والأسواق العشوائية، رغم كل ما يواجههم من مضايقات ومصادرات متكررة.

إن مسؤولية الدولة لا تكمن في مطاردتهم ومصادرة أرزاقهم، بل في تنظيمهم وتأمين إطار قانوني يضمن لهم العمل بكرامة.

فبدلًا من أن يُترك هؤلاء الشباب عُرضةً للجوع أو الانحراف أو حتى التفكير في خيارات يائسة كالهجرة غير النظامية أو الانتحار، ينبغي على الدولة أن توفر لهم بدائل واقعية، لا يكفي قمعهم في الأزقة والشوارع، بل يجب وضع سياسات تنموية عادلة تشمل كل المناطق، خاصة العالم القروي، من خلال تحسين التعليم والصحة والشغل والسكن، وتطوير البنية التحتية، وتوفير النقل والتكوين المهني، ودعم المشاريع المدرة للدخل.

إن أغلب الباعة المتجولين يقترضون المال لشراء بضائعهم، ثم تأتي السلطات وتصادرها دون أن تقدم لهم أي بدائل، فكيف يكون ذلك عدلًا؟ لا يمكن إنكار حقهم في البحث عن مصدر رزق بطرق مشروعة، خاصة أنهم لا يسرقون ولا يعتدون، بل يمارسون التجارة.

والحل يكمن في تنظيم الأسواق داخل المدن، وتسهيل إجراءات امتلاك محلات تجارية بعيدًا عن الوساطة الإدارية المعقدة.

كما أن تدبير الشأن الترابي هو اختصاص أصيل للجماعات المحلية، ويجب أن يتم في إطار القانون، دون تعسف أو شطط في استعمال السلطة.

في بلد يدّعي الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، لا ينبغي أن يُترك أحد على الهامش، الحكومات وُجدت لحل المشاكل، وليس لتفاقمها، ومشكل الفراشة موجود في كل دول العالم، لكنه يُعالج بالسياسات الحكيمة، لا بالقمع والعنف والتجريم.

الحل يكمن في مقاربة اجتماعية عادلة تضع الإنسان في صلب الأولويات، بدلًا من المعالجات الأمنية التي تزيد الأزمة تعقيدًا .

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك