أنتجلنسيا المغرب: بقلم د. أحمد ويحمان
في قطاع الطرق وأجندتهم في المغرب.
الموت القادم إلى المغرب..من الشرق.
في أواخر التسعينيات، تابع المشاهد العربي
مسلسلًا سوريًا حمل عنوانًا لافتًا : الموت القادم إلى الشرق ، وهو عمل درامي حمل
في طياته رمزية سياسية عميقة، حيث عكس الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية من خلال
قصة مدينة تعيش في أمن وسلام قبل أن تستولي عليها عصابة من قطاع الطرق، تبدأ
بالتسلل الناعم عبر المال والتواطؤ، ثم تنتهي بالسيطرة المطلقة عبر القتل والبطش
وإرهاب السكان.
اليوم، بعد أزيد من عقدين، يبدو أن
سيناريو المسلسل الفنتازي ذاته يعاد في المغرب، لكن هذه المرة على أرض الواقع، حيث
يتغير عنوانه، بالتبعية، ليصبح : الموت القادم إلى المغرب..من الشرق‼️
، في إشارة إلى المشروع الصهيوني (الذي استوطن الشرق في قلب الشام بفلسطين ) الذي
يواصل تمدده داخل البلاد بوسائل أكثر خبثًا من الغزو العسكري المباشر، وتمهيدا له،
عبر اختراق القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية بأيدٍ محلية، من
خلال شبكة من المناولين ("العطاشة") الذين يقدمون خدماتهم لأجندة
صهيونية معدة سلفًا.
بين مقالة بوعشرين ومسلسل الفانتازيا السورية
كنت أتأمل في هذا الموضوع بعد اطلاعي على
مقال الصحفي المكلوم توفيق بوعشرين، الذي كشف عن 18 من قطاع الطرق
"الفراقشية" الذين اعترف بهم وزير الماء رسميًا، واستحوذ كل واحد منهم
على 72 مليارًا !!! ثم جاءتني مكالمة هاتفية من صديق ذكرني في خصم الحديث بمضامين
مسلسل الفانتازيا السورية، فربطت بين مسلسل الدراما الذي شاهدناه قبل أكثر من
عقدين ومسلسل اليوم، بما يحمله من مآسٍ مستمرة في بلادنا، والقادم يبدو أنه سيكون
أشد قتامة.. ‼
استباحة الأرض والشعب والدولة
كما في المسلسل الدرامي السوري المُبدع، واستغلالا لحالة التطبيع الرسمي
المتسارعة في موجاته المتلاحقة منذ عقود (وخاصة في الخمس سنوات الأخيرة) ...يبدأ
الاختراق عبر التسلل إلى بنية مفاصل المجتمع والدولة في مجالات متعددة ومتشابكة من
المال والمصالح والأعمال إلى غيرها، حيث يتم الاستيلاء على الأراضي والممتلكات تحت
شعارات زائفة مثل "تشجيع الاستثمار" و"إعادة تأهيل الحواضر"،
بينما الحقيقة أن الأراضي تُفوت لجهات غامضة، لا يجرؤ المسؤولون حتى على الكشف
عنها..
فمن الجنوب إلى الشمال، نشهد اكتساخا
واستحواذًا ممنهجًا على الأراضي والعقارات، سواء في الأقاليم الصحراوية ( الغربية
والشرقية على السواء؛ من الداخلة حتى
الرشيدية )، أو في مدن الشمال كطنجة وأصيلا، أو حتى في قلب العاصمة الرباط، حيث
تُهدم منازل المواطنين في حيي المحيط وسانية الغربية، ويُهجّر سكانها قسرًا،
تحضيرًا لتسليم الأرض لـ"جهات خفية".
الأخطر من ذلك أن هذه الهجمة لا تقتصر على
الأراضي فحسب، بل تمتد إلى البنية الاجتماعية والثقافية، بل وإلى مؤسسات الدولة
الأكثر حساسية، حيث تعمل المنظومة الصهيونية عبر واجهاتها على إعادة هندسة المجتمع
المغربي، من خلال السيطرة على الإعلام، التعليم، وحتى الرموز الثقافية والروحية،
في محاولة لطمس الهوية وإحكام الهيمنة الناعمة. وقد فصلنا، في عمود كلمات الأيام
الماضية، وكذا في سلسلة من الندوات والحوارات، كيف يشتغل الصهاينة على مشروع
"الهوية القاتلة"، واستراتيجيتهم الكبرى في نقل "إسرائيل" إلى
المغرب، وهي الاستراتيجية التي تلخصها إصدارات وأدواتهم الإعلامية:
ü مجلة زمان وغلاف أحد أعدادها في 2013
ü المغرب أرض يهودية ! .
حقائق مغربية
وغلاف عدد خاص في أكتوبر2023 (في شهر طوفان الأقصى ‼️)
بعنوان :
المغرب المملكة المقدسة لبني إسرائيل! .
ü أحمد الشرعي وعصابته:
ü كلنا إسرائيليون ! .
ü يوسف أزهاري:
ü محمد رسول الله ص صهيوني! .
ü محمد أوحساين:
الملك وأسرته يهود، ولا علاقة لهم بآل البيت !!!
... إلخ. .
بين دراما الخيال ودراما الواقع
في المسلسل، يظهر البطل "سيف"
الذي ينجو من المجزرة ليقود انتفاضة ضد الطغاة، وفي الواقع المغربي، لا تزال هناك
أصوات مقاومة تفضح المخطط وتتصدى له، رغم القمع والإغراءات. لكن الفرق بين المسلسل
والواقع أن السيناريو هنا لم يُحسم بعد، فهل سيكون المغرب تلك المدينة التي
استسلمت لعصابة قطاع الطرق، أم سينتفض كما فعلت المدينة في نهاية المسلسل، لتستعيد
سيادتها وهويتها من براثن الاستعمار الجديد ؟
آخر الكلام
توضيح ضروري: عنوان المقال "الموت
القادم إلى المغرب من الشرق" هو قلبٌ لوجهة الموت التي حملها عنوان المسلسل
الدرامي الشهير، وذلك للترميز إلى مسار أجندة التخريب الصهيوني القادمة من المشرق.
ومع ذلك، فإننا نتحفظ على اعتبار الكيان الصهيوني كيانًا مشرقيًا، فهو في جوهره
سرطان إمبريالي-غربي غريب، زُرع قسرًا في قلب الأمة بالحديد والنار منذ وعد بلفور
إلى وعد ترمب، ويراد له أن يكون بؤرة خادمة لأجندات الهيمنة الإمبريالية في عموم
المحيط العربي والإسلامي.
أما عن السؤال الذي طرحناه في متن المقال:
"فهل سيكون المغرب تلك المدينة التي استسلمت لعصابة قطاع الطرق؟" فإن
القادم من الأيام وحده سيجيب عليه. نسأل الله اللطف بالبلاد والعباد، خاصة في ظل
تسارع وتيرة تسلل هذا "الموت" عبر أجندة "توحيد الهياكل"،
التي يتصدرها أندريه آزولاي، الحاصل على وسام الشرف الإسرائيلي في سبتمبر 2023، أي
قبل شهرٍ واحد فقط من اندلاع "طوفان الأقصى".
للعلم، فإن شامة درشول، المستشارة السابقة
لمدير مكتب الاتصال السابق، المجرم سبق ولمحت إلى نفس المسلسل، وهي تكتب عن
الأجندة الصهيونية الإماراتية بعد 2020، تاريخ توقيع اتفاقية العار بين المغرب
وكيان الإجرام الصهيوني .
لكن ما هو مؤكد اليوم أن "الموت
القادم إلى المغرب" ليس مجرد عنوان لمقال، بل واقع يتمدد، ويحتاج إلى وعي
وإرادة لمواجهته قبل فوات الأوان. والواقع أن الأوان بدأ يفوت، بالنظر إلى الأشواط
التي قطعها "قطاع الطرق" في المغرب، سواء من "الفراقشية" أو
من غيرهم، ممن وصفهم الزعيم النقابي الراحل نوبير الأموي، قبل دخوله السجن،
بـ"المناݣطية" من الداخل
والخارج على حد سواء.
ولله الأمر
من قبل ومن بعد
باحث في علم الاجتماع السياسي، ورئيس المرصد
المغربي لمناهضة التطبيع .
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك