أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي، إيطاليا
قبل أن يفهمنا معالي السيد الوزير "مصطفى بيتاس" الفهم الخاطئ، لا بد أن نقول ونوضح أن عنوان مقالنا صحيح ولا يمس شخصه في شيء، شخصه بعيد كل البعد ويحترم، لكن مالنا "فلوسنا عمار" الذي نساهم به عبر الإرساليات والتحويلات المالية التي تضخ في احتياطي الدولة من العملة الصعبة من مجهودنا وتعبنا في بلاد المهجر "نهضرو عليه" .
معلوم أن
"الهضرة" تعني الكلام أو النقاش باللهجة المغربية، وإذا قلنا العنوان
كله بالدارجة، سنقول "الوزير اللي كيهضر باسم الحكومة"، وهو صحيح،
وأعتقد أنه لا مشكلة في أن نرش بعض الجمل بكلمات من الدارجة المغربية، حتى نبقى
محافظين على لهجتنا وتراثنا الوطني ووطنيتنا داخل وخارج المغرب.
غير أن بعض ذوي النوايا السيئة وهم كثر، يفسرون
"الهضرة" بالمفهوم السلبي، سامحهم الله، يقولون مثلاً: "قتلنا غير
بالهضرة" كثرة التصريحات بلا نتيجة، "الهضرة الخاوية" الكلام هو
الآخر بلا نتيجة، "الخضرة ما تشري خضرة" لا تحتاج توضيح حيث الخضرة في
تصريحاتك رخيصة أما في الأسواق ومحلات التجارة، "الشواا"، أما ذوي
النوايا الحسنة من أمثالنا فيقولون "هضرة حلوة" كلام جميل، "هضرة
نقية" كلام فيه نوع من المصداقية والجدية... في النهاية نقول وعلى نياتكم
تجزون، ولا يمكن أن نحاسب النوايا.
"أجي دابا نهضرو على الشاحنة" .
الشاحنة التي أحدثت ضجة في المغرب والعالم كله، في الحقيقة لم تكن شاحنة كاملة، ولكن حسب الصورة يتضح أن الشاحنة كان نصفها في البيت، ونصفها الاخر في الملك العمومي وهنا يحتار الشرع، وحسب ما نقل ونشر، أنه بيتك، وحسب إفادات أخرى تقول أن البيت هو بيت العائلة، والمثل يقول "قالوا طاح من الخيمة خرج مايل" .
وأقصد الشاحنة التي أحدثت ضجة " وخلات الناس بلا نعاس" يوم إنتشار الفيديوهات والصور، حيث كانت متوقفة مائلة العجلات الأربع في الخلف مرتفعة والإثنان الأماميان في الأسفل، ولوحة الترقيم كانت مغطاة، ماذا نزل وماذا صعد فيها العلم عند الله، وهو ما "خلى الهضرة تقوى، عدنا لـ "الهضرة".
هذا التصرف صراحة لم يعجب وزارة الداخلية ولا القائمين على
شؤونها، ولم يعجب جهات عليا في الدولة، والحقيقة أن هذه الشاحنة عرت عن ما وراء
الأكمة، وهي أن الاستفادة من أي شيء بالمجان سلوك ومرض عضال ينخر جسم كل من وصل
"للقصرية خاص يلحس صبعو".
وأين المشكلة
إن كنت دفعت مبلغ تنقل الحافلة من جيبك، ما شاء الله تتقاضى أجراً سميناً، اللهم
لا حسد ويزيدك من نعيم الله، لا نعيم الشعب "ما تخليش الهضرة الناس عليك" .
"سي وزير الهضرة باسم الحكومة"، منذ انتشار تلك الصورة الفاضحة لاستغلال المال العام، أوضح أكثر حين أقول المال العام، هل تتوفر على فاتورة توضح أن ثمن البنزين من جيبك أو من ميزانية الجمعية التي تسهر على هذه الأعمال التي يقدمها حزبكم؟، لا يهمني خيرية أو شيء آخر، سلمنا جدلاً أنك دفعت ثمن المحروقات من جيبك، وماذا عن إطارات الشاحنة التي أكلتها الطريق إلى "سيدي إفني" وزيت المحرك "الفلاتر"، أجرة السائق الذي أوصل تلك السخرة، وأشياء أخرى.
وهل أخذت إذن من المواطنين الذين يدفعون فواتير الشاحنة من مالهم عبر الضرائب التي يدفعونها للدولة؟. فتلك الشاحنة شاحنة الشعب فهل طلبت الإذن من الشعب؟. فقط استغليت وضعك الوزاري ولم تكلف نفسك حتى "تهضر مع شي واحد" .
"ما فيها باس نهضرو على قصة الوزيرة السويدية" .
حيث في سنة 2015، أي قبل عشر سنوات من الآن، اضطرت الوزيرة السويدية "مانا سالين" إلى تقديم استقالتها بعد أن أدانها القضاء السويدي باستخدام بطاقة صرف حكومية لملء خزان وقود سيارتها الخاصة، رغم أن المبلغ لم يتجاوز 60 دولارًا، "12 ألف ريال مغربية " .
وبرغم تبريرها بأنها نسيت بطاقتها الشخصية في المنزل واضطرت لاستخدام البطاقة الحكومية لمرة واحدة فقط، وأثبتت لاحقًا بوثيقة رسمية أنها أعادت المبلغ في اليوم التالي، إلا أن القانون السويدي اعتبر ذلك استغلالًا للمال العام، ما دفعها إلى تقديم استقالتها فوراً "بلا هضرة بل كلام ورجعات الفلوس غدا مع الصباح" أعباد الله وقدمت استقالتها.
يبقى السؤال الأهم: لماذا يستخدم الوزير أصلاً شاحنة مملوكة للدولة في مأربه الخاصة؟، لا تقل أن كان الهدف خيرا وتوزيع القفف فيه خير لمواطنين، "دير الخير من جيبك بلا هضرة" ألا ينبغي على المسؤولين إعطاء المثال في احترام الموارد العمومية؟.
هذه القضايا
تفتح النقاش حول مدى التزام المسؤولين في المغرب بمبادئ الحكامة الجيدة والشفافية،
في وقت تتزايد فيه المطالب بالمحاسبة الصارمة لكل من يستغل ممتلكات الدولة لأغراض
شخصية.
"ما فيها باس نهضرو على تصريحاتك" .
غالبًا ما نراك معالي الوزير تستأسد على الصحافة المغربية والتي تعتبر سلطة تحترم في جميع دول العالم الأول، والثاني، أما الثالث "بلا ما نهضرو" .
وأيضًا تواجه أربعين مليون مواطن بتصريحات غالبًا ما أجد أن أهل الفضاء إن كانوا لن يتقبلوها، وخاصة حول غلاء الأسعار، كما لا تتطرق نهائيًا للحديث عن المحروقات والتي هي السبب الرئيسي في معضلة غلاء الأسعار وحرق جيوب الطبقة المتوسطة وطحن الطبقة المطحونة أصلاً، أظن أن الوزير "اللي كيهضر باسم الحكومة" عليه التواصل مع المواطنين 24/24 ساعة من "الهضرة" .
هناك تقنيات،
هناك تكنولوجيا، إعلام رقمي "رابيد السريع فرط صوت"، إنه زمن السرعة، كل
وزراء العالم في الدول رقم واحد وإثنان يتواصلون مع مواطنيهم بشتى الوسائل ويوضحون
أي موضوع أثار ضجة في الحال بكل جرأة، ولا ينتظرون قدوم الأحداث لتغطي سوءات
تصرفاتهم.
أعرف أن فطام "بزولة الحكومة صعيب"، وتقديم الاستقالة مربوط بعملية حسابية مالية، ناهيك عن منصب ومال وجاه وأناس تخدم وآخرون يمسحون، و "بزاف الهضرة" .
هل تعرف أن
"علي بن أبي طالب" رضي الله عنه وأرضاه كتب إلى واليه على البصرة،
"عثمان بن حنيف"، يعاتبه بعد أن حضر مأدبة فاخرة لأحد الأثرياء قائلاً:
"أما بعد، فقد بلغني أنك أجبت دعوة طعام قوم غنيهم مدعو وعائلهم مجفو، فانظر
أين أنت ومما تأكل".
ثم ذكره بعدله
وزهده قائلاً: "ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعامه
بقرصيه". وختم بتحذيره من الترف والإسراف على حساب الرعية.
أن تصرف من مال الشعب إسراف يستدعي المحاسبة القضائية، معذرة .
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك