بقلم:أحمد سلطان
في عام 2021، كتبت دراسة مطولة عن تنظيمات العمل المسلح بهدف تقديم رؤية عامة لفهمها، وبالطبع أشرت فيها لهيئة تحرير الشام وسأنقل بالحرف الواحد ما كتبه قبل أكثر من 3 سنوات، حتى أدلل على أن التحولات كانت واضحة لكن كثيرين لم يفهموا الحالة ولا تعقيدات الوضع في المنطقة، أنقل لكم جزءًا مما كتبت ومرفق نص الدراسة الكامل
وعلى غرار التجربة الطالبانية، سارت هيئة تحرير الشام التي تكونت من بقايا مقاتلي القاعدة في سوريا (جبهة النصرة)، ومجموعات محلية قريبة من خطها الجهادي، بالإضافة إلى مقاتلين من القبائل والعشائر السورية، في شمالي غرب البلاد .
ونحت هيئة تحرير الشام نحو إعادة تقديم نفسها في ثوب جديد كحركة سورية قطرية معنية بالقتال ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ووحلفائه (روسيا، وإيران) من أجل قضية إثنية وقومية تتعلق- كما تقول- بـ"المشروع السني" الذي يلتزم بالتفاهمات الإقليمية لخفض التصعيد بين روسيا وإيران وتركيا، وكذلك بالاتفاقات الدولية وفي القلب منها مكافحة الإرهاب العابر للحدود .
وظهرت تحولات هيئة تحرير الشام واضحة في أكثر من لقاء إعلامي لزعيمها أبومحمد الجولاني، الذي أكد أنها "فصيل محلي معتدل" تسعى للخروج من قائمة الإرهاب الأمريكية والدولية، وترفض تهديد الأمن الإقليمي والدولي انطلاقًا من الشمال السوري، ولا مانع لديها من إقامة علاقات مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول التي تؤمن بقضيتها .
ومع أن الهيئة لا زالت تُقدم، في خطابها التنظيمي والإعلامي، تبريرات لمواقفها استنادًا إلى اختيارات أيدلوجية سلفية جهادية، للحفاظ على المكون الجهادي وحاضنتها التقليدية، إلا أن مواقفها المتكررة تثبت تمسكها بمبدأ الجهاد القطري المحلي الرافض للقتال العابر للحدود، علاوة على تأكيدها، في أكثر من مناسبة، على العداء مع تنظيم حراس الدين (الفرع السوري للقاعدة)، وسعيها لتفكيك خلايا الحراس النوعية المعروفة بـ"خلايا خلف خطوط العدو" والتي تعد رأس حربة القاعدة في سوريا حاليًا، بجانب إلقاء القبض على كوادره، كما ذكر سامي العريدي، الشرعي العام للتنظيم الأخير .
وعلى هذا الأساس، قد يتم وصف "الجهادي القطري" بأنه تيار براجماتي أكثر انفتاحًا من تيار الجهاد المعولم، وأكثر تشددًا من الفصائل المسلحة ذات الإستراتيجية المحلية، ولا مانع لدى هذا التيار من الدخول في العملية السياسية سواء بصورة المفاوضات والتنسيقات مع القوى الإقليمية والدولية، أو قبول التواصل والدخول في المنظمات الدولية والإقليمية القائمة (كالأمم المتحدة أو غيرها)، وذلك خلافًا للجهاديين التقليديين الذين يعتبرون الأفعال السابقة وغيرها من التكتيكات السياسية، "كفرًا مخرجًا من الملة"
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك