بقلم:مصطفى شكري
كان الرئيس السوري الهارب أسدا على السوريين وفي الحروب نعامة..، لكن لم يقدم شبرا واحدا للكيان الصهيوني عدا الجولان المحتل في عهد والده البائد..!! كان الرئيس السوري ونظامه سندا لمحور المقاومة وذرعا للنظام الايراني وحليفا لحزب الله ولو بأقل القليل.. لكن لم يجرؤ على الذهاب أبعد من ذلك بإعلان الحرب ميدانيا على المحتل الاسرائيلي، كما لم يستطع مسايرة موجة الربيع العربي على النحو الذي اختارته بعض الأنظمة العربية الأخرى في المشرق والمغرب.. وداهمته عسكرة الثورة وتسليحها من قبل أنظمة الجوار الخليجي والتركي والكردي واليهودي..!!
ورغم إنقلاب الربيع العربي الى خريف كئيب في كافة الدول العربية وخاصة في تونس ومصر..، وعودة الدولة العميقة لبسط هيمنتها على مقاليد السلطة وتجذير الفساد والاستبداد من خلال عقد صفقات معلنة وأخرى خفية مع حلفاء نظام البترودولار العالمي.. رغم هذا وذاك بقي النظام السوري طوال أكثر عقد من الزمن حبيس موقعه الجيوسياسي ورهين وعود الأطراف الخارجية بدعم عودته للمنتظم العربي والدولي مقابل مراجعة مواقفه وتحالفاته وفك ارتباطه بالاذرع الإيرانية الداعمة لمعركة طوفان الأقصى!!
ومع إعلان عودة الرئيس الأمريكي رونالد ترامب الى البيت الأبيض ودعوته لتهدئة الجبهة الاوكرانية/الروسية، وتوجيه بوصلة السياسة الامريكية الخارجية نحو ايران والصين تحديدا.. تحركت الآلة التركية الاردوغانية بتنسيق مع قوى الشرق والغرب لدعم ميليشيات داعش (الدولة الإسلامية بالعراق والشام) وهيئة تحرير الشام و ميليشيات اخرى من الدروز والمسيحيين واليهود الانجيليين، والزحف نحو أسوار المدن السورية الكبرى التي ستفتح أبوابها طوعا للفاتحين الأردوغانيين الجولانيين الجدد بعد إبرام اتفاقيات بالحروف الأولى مع أبرز قيادات النظام السوري العسكرية والأمنية، ( الجنرال طلال مخلوف نموذجا) والتعهد بإشراكهم في صناعة الوجه الجديد لسوريا الرفاه والمشاريع الخليجية والتركية والامريكية.. هذا مقابل التطبيع مع الكيان الصهيوني والتسليم بدولة إسرائيل الكبرى كجزء لا يتجزأ من منظومة العالم العربي الجديد ودرة تاج العصر الترامبي القادم بقوة لإتمام صفقة القرن وإرساء أركان الدين الجديد للشرق الأوسط الكبير المسمى بالديانة الإبراهيمية!!!
لم يستطع الكيان الصهيوني إلحاق الهزيمة بأبناء الشيخ الشهيد أحمد ياسين رحمه الله، ولم يستطع طوال أكثر من 14 شهرا فك ارتباط آل غزة بحركة المقاومة او النيل من التفاف الشارع العربي حول رموزها وخطها الجهادي وإصرارها على مواصلة ملحمة السابع من أكتوبر بكل قوة ويقين في النصر والفتح وتحرير الأقصى المبارك من سحرة الكابالا و قتلة الرسل و الانبياء.. كما لم يستطع النظام العربي الرسمي وإعلامييه المأجورين ومثقفيه الاغبياء، تشويه صورة النظام الايراني وحلفائه في اليمن والعراق ولبنان او النيل من مصداقية اصطفافهم مع حركة المقاومة الإسلامية بفلسطين رغم الاختلاف المذهبي.. إلى ان اهتدى النظام الصهيومسيحي أخيرا الى الورقة السورية لعل و عسى يعيد الشارع العربي الى حالة التفرقة والتشرذم والعصبية المذهبية والحروب الطائفية، و بالتالي إعادة القضية الفلسطينية إلى المربع الاول وغياهب النسيان.. !!!
والى يومنا هذا لم تستطع الانظمة العربية وأبواقها الاعلامية إقناع الشارع العربي ببراءة ما يجري على الساحة السورية ونفي شبهة التواطؤ في تقليم اظافر الظهير الإيراني وتحجيم قدرات حلفاء معركة طوفان الاقصى، مقابل تلميع صورة أردوغان اتاتورك الجديد وتقديمه في صورة المحرر والمنقذ من الطغيان الأسدي الضامن لتوبة المدعو الجولاني عن الضلال الإرهابي وعودته للظلال العثمانية الحالمة بتركيا الكبرى على حساب اقتصاديات دويلات الشام الأربع ( سوريا/ لبنان/ الاردن وفلسطين)
كما أن هناك تساؤلات عدة إلى يومنا هذا حول أصول زعيم هيئة تحرير الشام في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، فهل هو يهودي؟ أم صنيعة الموساد؟ ويبدو أن غموض ماضيه العائلي، وإجراء مقابلات معه على شبكة سي إن إن CNN. عززا وجاهة هذه التساؤلات، فعلى حد تحليل صحيفة "جيروزاليم بوست"، فإن البعض يشبه الجولاني بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "اليهودي".
بينما اعتمد آخرون على تصريح الجولاني في وقت سابق من هذا الأسبوع بأنه لا يبحث عن صراع مع إسرائيل، معتبرين إياه "يهوديًا". كما أنه من المحتمل جدًا أن يكون مثل أبو حفص خطيب المسجد الليبي الذي تبين أنه ضابط يهودي في الموساد الإسرائيلي". كما نشرت احدى الصحف رسما كاريكاتوريا يظهر الجولاني وهو يتم التحكم به كدمية بيد أردوغان الذي بدوره يخضع لسيطرة إسرائيل والولايات المتحدة. كما نشر السياسي الدنماركي والمحلل الاقتصادي مادس بالسفيج منشورا انتشر على نطاق واسع يتهم فيه الشرع بأنه عميل للموساد. وألمح بالسفيج إلى أن الجولاني يهودي اسمه يوناتان تسفي ديفيد، وتخرج من معهد سري اسمه "مدرسة الفقه الإسلامي في تل أبيب".!!!
خلاصة القول أن الاحتفاء بمغادرة عائلة بشار الاسد لكرسي الحكم لا يعني بأي شكل من الاشكال تحرر الشعب السوري من الوصاية والحجر والقهر والعيش تحت مطارق الحسابات الجيو سياسية للقوى العالمية الكبرى، كما لا يعني استعادة الشعب السوري لسيادته واستقلالية قراره السياسي.. لأن جبل الثورة لم يلد إلا فأر تجارب بمظلة تركية وتفويض صهيو/صليبي ومباركة مكشوفة من الحرس السوري القديم..!! ولأن إستعادة المنطقة لسيادتها رهين باستئصال الورم السرطاني الاسرائيلي المتغلغل في اقتصاديات جل دول الجوار وخاصة تركيا والإمارات والسعودية ومصر والأردن ، ولن تقوم للمنطقة قائمة إلى أن يصل أبناء الشيخ الشهيد أحمد ياسين الى إغراق أخر مستوطن يهودي في دماء آخر عميل متأسلم.. وللطوفان بقية
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك