في معنى الديمقراطية: ردا على محمد يتيم

في معنى الديمقراطية: ردا على محمد يتيم
... رأي / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

مغربنا 1 المغرب 
في تدوينة بعنوان "الديمقراطية ثقافة"، تأسف الأستاذ محمد يتيم "بطريقة غير مباشرة" لتفاعل بعض مناضلي الحزب مع مخرجات الدورة الأخيرة للمجلس الوطني وانتقادهم لتلك المخرجات، غير أن ما كتبه الأستاذ يتيم يؤكد أن من يحتاج لاستيعاب "الثقافة الديمقراطية" هو الأستاذ يتيم نفسه، بحيث يبدو أنه غير مستوعب "لمفهوم" الديمقراطية.
أولا: بين مشروعية القرارات والحق في انتقادها
هناك فرق جوهري بين التسليم القانوني بمشروعية القرارات التي تتخذ بطريقة ديمقراطية وبين انتقاد مخرجات العملية الديمقراطية، وهذا ما لم ينتبه إليه الأستاذ يتيم في تدوينته. فالتسليم بمشروعية القرارات الصادرة عن مؤسسات شرعية لا يعني عدم انتقادها وتخطيئها، وإلا فإننا نتحدث عن أمر غير الديمقراطية، ونحول المؤسسات وقراراتها "لأوثان مقدسة". فانتقاد القرارات المتخذة بطريقة ديمقراطية هو من جوهر العملية الديمقراطية، لأن المنتقدين يعتقدون برأي مغاير لما توصلت إليه المؤسسات، ويحاولون اقناع أعضاء تلك المؤسسات بصوابية طرحهم، وهم بذلك في عملية اقناع مستمرة، حتى يتحول رأيهم للرأي الغالب في تلك المؤسسات.
وحتى نبسط الأمر، نطرح السؤال التالي كنموذج: لماذا يرفض العدالة والتنمية تغيير القاسم الانتخابي؟ ألم يتم الأمر بطريقة ديمقراطية نزيهة من حيث الشكل تحترم الآليات الديمقراطية! فهل من المعقول أن نطالب الحزب وقيادته بالصمت عن تغيير القاسم الانتخابي ما دام تم اعتماده بطريقة ديمقراطية! فالعدالة والتنمية يسلم بمشروعية التعديل الذي اتخذه البرلمان، وسيشارك في الانتخابات المقبلة وفقا للتعديل الجديد، لكنه ينتقد التعديل ويناضل من أجل التراجع عنه! وإذا لم يتمكن في هذه الفترة الزمنية، فسيستمر في الترافع من أجل تغيير القوانين الانتخابية حتى تتوافق مع ما يعتقده أنه الأقرب للديمقراطية. وهذا هو جوهر العملية الديمقراطية، فما يعتبر رأي أقلية اليوم قد يصبح رأي أكثرية غدا، وهو أمر لن يتحقق إذا اتبعنا "نهج" الأستاذ يتيم وتوقفنا عن انتقاد قرارات نعتبرها خاطئة واعتبار رأينا هو الأصوب.
وحزبيا، ألم تحسم مؤسسات الحزب منذ سنوات قضية الموقف من الملكية ودورها السياسي؟ لكنه لم يمنع المدافعين عن الملكية البرلمانية وعلى رأسهم مصطفى الرميد في زمن ما من الاستمرار في الدفاع عن رأيهم باعتباره هو الأصوب، والخروج في حركة 20 فبراير بالرغم من قرار مؤسسات الحزب عدم المشاركة، وانتخاب المدافعين عن الملكية البرلمانية في مؤسسات الحزب والدولة.
ومثلا، فالقول بأن انتخاب العثماني على رأس الحزب هو قرار خاطئ –وإن اتخذ بطريقة ديمقراطية لا غبار عليها- والاستمرار في الاعتقاد بذلك أمر يتوافق مع الديمقراطية، لكن هذا لا يعني القول بعدم شرعية العثماني كأمين عام، فالفرق جوهري بين الأمرين، فرق بين رفض مخرجات العملية الديمقراطية وانتقاد تلك المخرجات.
ثانيا: بين شرعية المؤسسات والحق في انتقاد طريقة اختيارها
أما انتقاد طريقة تشكيل مؤسسات الحزب والمطالبة بتعديلها فهو الآخر يدخل ضمن "الثقافة الديمقراطية". ألا يطالب الحزب بتعديل طريقة انتخاب مؤسسات الدولة!؟ ألا يعتبر الطريقة المعتمدة طريقة غير سليمة! ألا يرفض الحزب اعتماد النمط الفردي في الاقتراع، ويعتبره في خدمة أصحاب المال ومنطق القبيلة!؟
ومعلوم أن طريقة انتخاب المجلس الوطني للحزب شهدت عدة تغييرات على فترات معينة، كما أن طريقة اختيار مرشحي الحزب للمهام الانتدابية عرفت هي الأخرى عدة تغييرات، لذلك فاعتبار الطريقة الحالية لاختيار أعضاء المجلس الوطني طريقة غير صائبة والمطالبة بتغييرها من الحق الديمقراطي، والقول بأن طريقة اختيار المجلس كان لها أثر سلبي على مخرجاته والقيام بوظائفه فهو الآخر من مشمولات الحق الديمقراطي في انتقاد المؤسسات وطريقة تشكيلها. غير أن هذا لا يعني رفض شرعية المؤسسات، فهي مؤسسات شرعية تم اختيارها وفق القواعد التي تم اعتمادها.
والغريب أن العدالة والتنمية طالب مرارا بتحديد سن معين للترشح للمؤسسات المنتخبة، وكان يريد اقصاء الملايين من المغاربة من حقهم في الولوج إلى المؤسسات المنتخبة، لاعتبارات وأهداف جيدة للرقي بعمل تلك المؤسسات خصوصا المؤسسة التشريعية –بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع هذه المطالب-، ثم عندما يتم انتقاد طريقة اختيار أعضاء مؤسساته الحزبية –لا أهلية الأشخاص بغض النظر عن سبقهم أو تكوينهم- واعتبار طريقة الاختيار لها نتائج سلبية على عمل مؤسساته الحزبية، ينتفض أمثال الأستاذ يتيم –وهذا حقه الديمقراطي- ضد المنتقدين لطريقة اختيار تلك المؤسسات ومخرجاتها.
أما مسألة التشكيك فلن أجيب عنها سوى بالتذكير بقضية عدم اخبار أعضاء المجلس الوطني بدخول الاتحاد الاشتراكي للحكومة، وهي من المحطات الفاصلة في تاريخ الحزب وأحد أسباب أزمته المستمرة، مع التساؤل: لماذا يحق لقيادة الحزب التشكيك في نوايا برلمانيي بقية الأحزاب التي صوتت على تغيير التعديل الانتخابي، ثم عندما يشكك البعض تشكيكا سياسيا –لأننا في دائرة السياسة- في بعض قرارات قيادة الحزب ينتفض أمثال الأستاذ يتيم!؟ فهل التشكيك السياسي في الآخرين جائز وفي قيادة العدالة والتنمية "محرم"!؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك