أحمد عصيد يكتب:من الاستقالة إلى بيت الطاعة

أحمد عصيد يكتب:من الاستقالة إلى بيت الطاعة
... رأي / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

مغربنا 1 المغرب استقالة القياديين في حزب العدالة والتنمية لم تبلغ أهدافها كما أراد لها أصحابها، بل سرعان ما انقلبت لتعيدهم إلى بيت الطاعة. محاولة التمرد غير الذكية جاءت في توقيت جعلها في غاية الغباء، فالحزب يتلقى ضربات متوالية في الحكومة على مستويين: مستوى سياسي ومستوى إيديولوجي، فعلى المستوى السياسي انخرط الحزب في كل التوجهات الرسمية اللاشعبية التي صدرت عنها قرارات أساءت إلى الفئات الهشة في المجتمع فزادت الغني غنى والفقير فقرا، وعلى المستوى الإيديولوجي وجد الحزب نفسه في وضعية صعبة بعد أن اتخذت الدولة المغربية (نظام ملكية تنفيذية) قرارات غير منتظرة في مجالات عديدة تتعارض كليا مع ما يعتبره الحزب مرجعية له (يسميها “المرجعية الإسلامية” ونسميها نحن “المرجعية الإخوانية”). وعوض أن يقف القياديون بحزم للدفاع عن مواقفهم داخل مناصبهم الرسمية التي سيحاسبون عليها، فضلوا البحث عن طريقة تحايلية للهروب من المساءلة. ولعل أكبر ضربة يخشاها هؤلاء الهاربون هي زيارة الوفد الحكومي المغربي برئاسة العثماني لإسرائيل، حيث لا يتمنى أي منهم أن يكون ضمن الوفد أو حتى منتميا إلى الحكومة أو أجهزة الحزب في تلك اللحظة، ويدخل ضمن هذا التخوف ما أقدم عليه بنكيران من تجميد عضويته في الحزب بذريعة قانون “الكيف”، الذي لا يمكن أن يكون سبب “هروبه”. والمثير للاستغراب أن الرجلين لا يجدان حرجا في أن يحاسبا على الزيادة في ثمن الزيوت مثلا وكل القرارات الشبيهة، التي تمس بمواطني بلدهما، لكنهما يجدان حرجا كبيرا في أن يحاسبا على التطبيع مع إسرائيل، وهذا معناه أن الإيديولوجي أسبق من السياسي لأنهما تعودا على التغطية على عيوب السياسات بالإيديولوجيا. عندما تولى حزب المصباح مهامه في رئاسة الحكومة منذ عشر سنوات، قلنا له إن الشروط التي قبل فيها بتلك المشاركة في إدارة الشأن العام لن تسمح له بالوفاء بوعوده للناخبين، كما أن استهتاره بحركة 20 فبراير لن تجلب له أبدا ثقة الحُكام لأنه سيظل حزبا “إخوانيا” معزولا بسبب مشروعه المضادّ للدولة، وها هم قياديوه يحصدون اليوم ما زرعوه قبل عقد من الزمن ولا يبحثون إلا عن التملص من المسؤولية. وسيعلمون اليوم بأن الانتفاع الشخصي لن يُعوّض الفشل السياسي، وأن مصيرهم هو ممارسة السُّخرة الإدارية حتى النهاية.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك