مرافعات باردة من أجل التطبيع

مرافعات باردة من أجل التطبيع
... رأي / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

مغربنا 1 المغرب 
بداية، أسجل نقطتين اثنتين:
الأولى: يوم الثلاثاء، وقع سعد الدين العثماني اتفاقية ثلاثية بين المغرب وأمريكا والكيان الصهي.وني المغتصب لأرض فلسطين، وعاصمتها أولى القبلتين، ويوم الأربعاء، أعلنت البرتغال رفضها نقل سفارتها من تل الربيع إلى القدس. وأنها لن تجاري الرئيس الخاسر ترمب في قراراته.
هذان الخبران يوضحان معاني متعددة، منها الديمقراطية، ومنها استقلال اتخاذ القرار.
الثانية: أسجل بكل افتخار، أننا تعرفنا على كثير من الأدبيات المقاومة والمناهضة للتطبيع، والمعرفة بالقضية الفلسطينية من خلال حركة التوحيد والإصلاح بكل روافدها، ومن خلال فعالياتها وأنشطتها، التي أطرها المقرئ الإدريسي وسعد الدين العثماني وغيرهما. إضافة إلى ما تلقيناه من خلال جريدة التجديد والراية ومجلة الفرقان.
بعد هذا، أسجل مقولة السادة الصوفية، حيث يقولون: الصوفي ابن وقته.
ونحن أبناء وقتنا، لذلك أود مناقشة أبناء التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية بنفس منطقهم، وبمنهجهم الذي لم نكتسبه إلا منهم.
قرأنا مرافعات متعددة لبعض أطر الحزب والحركة، وهي مرافعات مختلفة، منها تصريحات تعبر عن الصدمة والقلق مما حصل. وهذه التصريحات بقيت وفية للمنهج العام للحركة والحزب.
وقرأنا تصريحات أخرى، هي مرافعات مدافعة عن رئيس الحكومة بعقلية تبريرية غير سائغة انطلاقا من قناعات ومبادئ الحركة والحزب وليس وفق معايير أجنبية عنهما.
وقد بنيت المرافعات الباردة على أسس غير متينة، منها:
أولا: الذي وقع هو سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، وتوقيعه تحت رعاية ملك البلاد، فلماذا تلومون العثماني ولا تلومون المسؤول الرئيس وهو الملك.
هذا الدفع لا يليق بأناس حزبيين، المفروض فيهم أن يكونوا أكثر وعيا، وأن يسهموا في تأطير المواطنين، وألا يعملوا جاهدين بمثل هذا الأسلوب البوليميكي على تسطيح العقل المغربي.
ونرد على هذا الدفع البارد بمنطق البيجيدي وأدبياته.
أ - من مبادئ البيجيدي، عدم انتقاد الملك، وانتقاد غيره، لذلك لما فتح المغرب مكتب الاتصال سابقا، انتقد البيجيديون الحكومة ووزارة الخارجية ولم ينتقدوا الملك، ولما كانوا ينتقدون موازين، كانوا ينتقدون منظميه المباشرين، ولم ينتقدوا الملك، رغم أنه منظم تحت رعايته السامية.
واليوم، من ينتقد العثماني والحكومة والبيجيدي ولا ينتقد الملك، هو يتبع منهج البيجيدي خطوة خطوة، فهل ينتقدون منهجهم؟ أم يعلنون إفلاسه؟
ب - حين يدعو هؤلاء المنتسبون إلى البيجيدي إلى انتقاد الملك وحده، فإنهم يخلون ساحة العثماني من أية مسؤولية، وكأنه لم يحضر، ولم يوقع.
ومعلوم أن البيجيدي كان يندد بمجرد حضور شخص مغربي لفضاء يضم صهاينة، فلماذا لا ينددون بحضور العثماني مع بعض مجرمي الصهاينة؟ هذه أدبياتهم، وهذا أرشيفهم.
ج - حين يدعو هؤلاء الضعفاء في علم السياسة والممارسة السياسية إلى توجيه النقد إلى الملك، فإنهم يقولون بلسان الحال، وبعضهم قالها بلسان المقال، أن العثماني لا يقدم ولا يؤخر أمام الملك، وأن الملك هو رئيس الدولة، إلخ ما قالوا.
طيب، لنرجع إلى 2011، حين كان هؤلاء التبريريون يدافعون عن دستور تلك المرحلة، ألم يدافعوا عنه انطلاقا من نقاط ومرتكزات، من أهمها أنه أعطى سلطة لمؤسسة رئاسة الحكومة، فأين هي تلك المؤسسة؟ وأين هي سلطتها الموسعة؟ وهل يقول دستور 2011 أن رئيس الحكومة لا يقدم ولا يؤخر شيئا أمام الملك؟ أم أنه مسؤول عن توقيعه وممارسته وحضوره وغيابه؟
ثانيا: يردد كثير من المنتسبين إلى البيجيدي مقولات مفادها أن العثماني مضطر، وأنه ملجأ لا خيار أمامه، وأنه خيار المكره، إلى آخر أسطوانتهم التبريرية.
أشير ابتداء إلى منهج الحركة والحزب، أن أدبياتهما كانت تتعامل بقسوة لا تبرير فيها مع كل الحركات التطبيعية، فالمهرجانات الرياضية أو الفنية أو العلمية التي حضرها صهاينة، واجهوها بالاحتجاجات، وبالمانشيطات العريضة في جريدة التجديد، وبالبيانات، وهلم جرا. ولم يعطوا التبرير تلو التبرير لوزراء ومسؤولي تلك القطاعات، رغم أنهم كانوا مثل العثماني، وفي دستور أقل من دستور العثماني.
وأكثر من هذا، ذهب عبد الرحمن اليوسفي وهو وزير أول مبعوثا من قبل الملك لحضور قداس أعياد الميلاد المنظم من قبل السلطة الفلسطينية في كنيسة القيامة، ولم يرحمه أحد من البيجيديين، ونزلوا عليه نزلة رجل واحد، ولم يمنحوه مبررا كونه مُلجأ، ولم يمنحوه مبررا كونه ممثلا للدولة المغربية.
هذا المنهج في الصرامة في مناهضة التطبيع دون مبررات أو مساحيق، هو المنهج الأصيل للحركة والحزب، وهو مما يفخران ونفخر به،
وكما لم يرحموا أحدا بمبرراتهم، فليقبلوا صرامةَ النقد وصراحته ضدهم الآن، لأن الناس لا يمارسون معهم إلا أدبياتهم ومبادئهم ومنهجهم. ما عليهم إلا أن يصبروا ويذوقوا الكأس الذي أذاقوهه غيرهم.
ثالثا: بعيدا عن العالمين، وقريبا من فلسطين والفلسطينيين،
لما لجأ ياسر عرفات وفتح وغيرها من الفصائل إلى خيار أوسلو، لم يعط البيجيديون لعرفات أي مبرر، وانتقدوا بشدة خياره، ونظموا في ذلك معارض ومحاضرات وندوات ومسيرات طلابية وغيرها، فلماذا لم يكن العقل التبريري حاضرا آنذاك؟ وأليس عرفات كان مضطرا وملجأ أكثر من سعد الدين؟
يبدو لي أن كثيرا من البيجيديين يتقنون فن التخلي عن المبادئ في لحظات معينة، دون أن يقوموا بإحداث ما يمكن أن يؤدي إلى التقدم نحو الأمام في الممارسة السياسية على المستويين النظري والعملي.
على المستوى النظري: لم يقدموا كتابات وأطاريح سياسية يمكن أن تكون بدائل عن الواقع، أو تسهم في تعميق الوعي السياسي لدى المغاربة، مما يجعلهم يبتعدون عن دنيا باطما وسعد المجرد والبيغ.
على المستوى التطبيقي: لم يستطيعوا لحد الآن القيام بفعل نضالي ضد تغول الجهة التي تقزمهم يوما بعد يوم، كتقديم استقالة ما من منصب ما، ولو قدم العثماني استقالته أمس لكانت أفضل وأصلح له ولحزبه ولمجتمعه،
هذه الاستقالة النضالية لا يمكن أن يقدم عليها الرجل إلا إن أحس أن معه رجالا، فهل هم موجودون؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك