انعكاس " صورة الفيل" ...أوالقومة التي لم ترها العدل والإحسان

انعكاس " صورة الفيل" ...أوالقومة التي لم ترها العدل والإحسان
... رأي / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

مغربنا 1 المغرب  نشرتُ قبل أيام ، مقالا بعنوان : " صورة البقرة " ، حول إحدى الطرائف المضحكة المبكية التي حدثت لي مع شخص انتقد بحدة إحدى تدويناتي المتعلقة باستغلال الدين لمآرب الدنيا ، من طرف بعض التنظيمات الإسلامية . واستدل صاحبنا حينها وحسب ما يعتقده ، بآيات من " صورة البقرة " كتبها بالصاد عوض أن يكتب سورة البقرة بالسين ، واليوم أجدني بحكم الأحداث الأخيرة المتعلقة باعتراض واحتجاج وتنديد جماعة العدل والإحسان علنا ، وجماعة التوحيد والإصلاح ضمنا ، على اعتراف الرئيس الجمهوري ترامب بسيادة المملكة على كامل تراب الصحراء المغربية ، أجدني أمام ما يمكن تسميته ب انعكاس "صورة الفيل " . وكما نعلم فإن " الفيل " هو رمز الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس ترامب بالفعل ولكن في مفهوم الانعكاس أيضا إحالة على " سورة الفيل " بالسين من حيث احتوائها على وصف دقيق للهزيمة المخزية التي مني بها تجار الدين وأعداء المغرب وكيف صار كيدهم في تضليل وكيف أصبحوا كعصف مأكول . مناسبة هذا الكلام هي الخرجة الإعلامية لجماعة العدل والإحسان التي أعطت لنفسها باسم المغاربة حق معاكسة مصالح المغرب والتهوين من الاختراق الدبلوماسي الكبير الذي حققه ، والركوب على القضية الفلسطينية لتصفية حساباتها السياسية مع الدولة ، هذه الجماعة التي تعيش على الخرافة ، كانت قد تنبأت منذ 2006 ، بحدوث ما أطلقت عليه إسم " القومة" ، في إحالة على رؤيا رئيسها آنذاك الشيخ ياسين ، الذي رأى في منامه " خيراً وسلام " تفاصيل هذه " القومة " التي كان يفترض أن تؤدي في نظره ونظر جماعته إلى انهيار الدولة وسيطرتهم على السلطة ، ولم يشرح لنا أحد من الجماعة لحد اليوم وبعد عقد ونصف من الزمن ، لماذا لم يحدث شيء من ذلك ، ولن يستطيعوا أن يشرحوا لنا ، لأن المسألة كلها كانت استغلالا للدين وتلاعبا بعقيدة الناس لتحقيق مآرب سياسية ، أما القومة الحقيقية ، " قومة " اليقظة وليس المنام ، والتي لم ترها العدل والإحسان لا في أحلامها ولا في يقظتها ، هي هذه " القومة" الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية التي ستضع حداً نهائيا لمنظومة الابتزاز التي تمثلها هي وربيبتها التوحيد والإصلاح ، والذين كانتا دائما تلوحان بالمساس بالاستقرار والأمن في ظل انشغال الدولة بمعركة استكمال الوحدة الوطنية . إن بيان العدل والإحسان العلني وبيان التوحيد والإصلاح الضمني ، ليسا في واقع الأمر سوى رسائل موجهة لبايدن وفريقه للقول بأنهم يضعون أنفسهم رهن إشارته وفريقه للضغط على المغرب ، وتحريضُُ جبان على أمن واستقرار الوطن ، لعلهم يجدون في الإدارة الأمريكية الجديدة سنداً لتحقيق الوصول إلى السلطة السياسية هذه المرة ، وكلنا يعرف أن التنازلات التي قد تكون الحركات الإسلاموية مستعدة لتقديمها ، سواء لإسرائيل أو أمريكا أو حتى للشيطان ، من أجل الوصول للحكم والبقاء فيه لاتخطر على بال أحد ، ولا حد لها ولا قياس ، ولنا في ما قام به البيجيدي وضهيرته التوحيد والإصلاح خير مثال منذ تسلمهم حكومة المغرب . إلا أنها هذه الجماعات أدركت اليوم أن حلمها مثل حلم قصر المرادية قد تحولا إلى كوابيس ، وأن شروط وزمن تفكيك بنياتها العنيفة في حق الوطن والإنسان قد حانت ونضجت منذ تم تفكيك مخيم الكركرات وإن اختلفت المنطلقات والإيديولوجيات ، وكما انتهى منذ ثلاثين سنة زمن الحرب الباردة الإيديولوجية بانهيار سور برلين ، فقد انتهى زمن الحرب العقائدية بالانهيار الرمزي لمعبر الكركرات وتحصين الوطن عبر استكمال بناء سور الحزام الأمني في الأقاليم الجنوبية ، وأطل علينا زمن الكلاسنوست والبيريسترويكا ، وهي لمن لا يتذكرها وبالنسبة للجيل الجديد مفاهيم جاءت مع الزعيم السوفياتي الأخير ميخائيل غورباتشوف وتتعلق بنهاية زمن التعتيم وانطلاق زمن الضوء والشفافية وانتهاء زمن الاستبداد وبداية زمن إعادة البناء . إننا أمام لحظة تاريخية تتعلق باندحار المرجعية الفكرية والسند الإيديولوجي للإرهاب المقدس الذي فقد بذلك ما كان يزايد به على الوطن وعلى النظام . وغني عن القول أن المغاربة يدركون جيدا قصور هذه التنظيمات عن بلورة أي مشروع مجتمعي وأي مخطط اقتصادي وسياسي واجتماعي ، فهل كان سيخطر مثلا ببال البيجيدي أو غيره من الجماعات الدينية إن هي وصلت للحكم ، أن تقوم بناء ميناء كالميناء المتوسطي وقطار سريع كالبراق وبنيات طاقية كمازين وطرق سريعة وغيرها ؟ كلنا يعلم أن أقصى ما كنا سنتعرض له هو الدخول في عملية تنويم حضاري وتنميط اجتماعي وإلغاء للمجتمع والدولة والغرق في تبعية فكرية وإيديولوجية للوهابيين والإخوان . لكل هذا لم تكن هذه الجماعات قادرة على " رؤيا " و إدراك " القومة " الحقيقية التي يعيشها المغرب على جميع الأصعدة ، ولم يكن بمقدورها أن تتفادى الدمار الذي سببه لها انعكاس " صورة الفيل "

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك