... رأي / الجمعة 01 نوفمبر 2024 - 13:29 / لا توجد تعليقات:
مغربنا 1 المغرب
حيث أننا على أبواب "الاستحقاقات الانتخابية" و لم يبق بيننا وبينها إلا شهور قليلة،وحيث أن الظروف التي ستمُر بها هذه الاستحقاقات استثنائية، لعوامل أبرزها تحديات جائحة فيروس كورونا المستجد.
وحيث أن الانتخابات التي جرت في الماضي لم يكن لها أي دور في تحسين إدارة أمور و شؤون المواطنين، مما خلف لديهم إحباطا شديدا و ولد عندهم الشعور باليأس من كل هذه الممارسات "الديمقراطية" المزعومة.
و حيث أن تلك النتائج التي خلفها سوء التسيير و التدبير من قبل الكائنات المنتخبة هي كارثية بكل المقاييس و المعايير، مما يجعل نسبة كبيرة، وكبيرة جدا، من الكتلة المنتخبة تمتنع وتقاطع هذه الانتخابات، و أن هذه النسبة المقاطعة و تلك الصامتة، سيزيد حجمها و تتوسع رقعتها، و سيكون من العسير جدا أن تقوم أية جهة بدعايتها الانتخابية و التبشير بمشاريعها و برامجها
و حيث أنه من المتوقع أن لا يشارك إلا قليل القليل من الفئات المصوتة، فإن هذه العملية الانتخابية ستحتاج ، اليوم قبل الغد، إلى كميات كبيرة وضخمة من الدماء، لتُضخ فيها و تتدفق في شرايينها،حتى تمنحها المزيد من العمر، و تحتاج قبل ذلك إلى عمليات قيصرية دقيقة و ثورية تقوم بها الجماهير، و فقط الجماهير، و تتحمل مسؤوليتها فيها بالكامل.
لماذا يحدث ذلك؟
لا شك أن السبب الاول و الاخير في تفاهة العمليات الانتخابية برمتها في المغرب و عدم فائدتها، أن التعاقد ،الذي من المفترض، أن يكون بين الشعب وبين من ينتخبه، و الذي يلزم، بموجبه، المنتخب بما التزم به أمام الشعب، و يلزمه أن يكون دوما في مواجهة هذا الشعب ، تتدخل الدولة لتفسده . ا
تتدخل الدولة فتجعل العلاقة التي يجب أن تظل قائمة بين المسؤول وبين من صوت له، تنتهي مباشرة عند وضعه ورقته في صندوق الاقتراع، بل و تجعل هذا المنتخب المصوت له في حل من كل التزاماته مع الشعب، فتمنحه حصانة لا ينبغي أن تعطى له إلا في مواجهتها هي، أي الدولة، وبالمقابل تسحب البساط من عند الناخب فلا يبقى له أي حق في الاحتجاج و النضال، اللهم إلا ان يمتنع عن التصويت له في الاستحقاق التالي، وبذلك تقطع عليه كل طريق لمعاقبته المسؤول المنتخب لغدره و خيانته،و بما أنه يدرك أن الذي صوت له في المرة الاولى، قد لا يصوت له في الثانية للفشل الذريع الذي مني به، و لإخفاقه في تنفيذ الوعود العريضة التي يبالغ في طرحهاـ و هو الاخفاق الذي يعود ، في جزء منه، إلى العراقيل التي تضعها السلطةـلا يبقى أمامه إلا ان يجتهد كل الاجتهاد في سبيل ضمان مستقبله المادي و المالي بالخصوص، وذلك بمختلف الطرق المشروعة وغير المشروعة.
لا يؤمن الناس أن اصواتهم فرصتهم، كما يقال لهم، و لا يؤمنون أن هذه العملية برمتها تساوي شيئا. إن الناس على يقين تام من أنها لا تساوي فلسا، و أنها لا تسهم باي قدر في إحداث الإصلاح المزعوم، إنهم، بالكاد، يصدقون أن اصواتهم يمكن أن تساوي حفنة أو حفنتين من الدراهم فيهرعون إلى بيعها، و هم مقتنعون تماما، أن تلك الاصوات لا حظ لها في تغيير أوضاعهم و أحوالهم.
كما هم على يقين تام أيضا، و هذا هو الأهم، أن السلطة هي التي ترفع من تشاء و تضع من تشاء، و أنها هي التي تعز أو تذل، ولذلك هم يائسون قانطون.
ما الحل إذن؟
إذا بقيت الحال على ما هي عليه، فإنه من شبه المقطوع به أن الموسم الانتخابي هذه المرة سيكون فاشلا، وسيكون تعبيرا عن أزمة حقيقية تتخبط فيها الدولة، حيث لن يكون ممكنا لأحد أن يستعمل التورية في تناوله لهذا الفشل، إن هذا الإفلاس المرتقب لن يكون إلا تعبيرا عن أزمة ثقة بنيوية بين المجتمع و الدولة، التي تفسد عليهم رغبتهم في الإصلاح و تطلعهم نحو التغيير.
و بالتالي، فقد لا يكون هناك حل لضخ دماء جديدة في العملية ومدها بأسباب بقاء منطقية إلا بأن ترفع الدولة يدها عن هذه العملية، وتخلي بين الناس وبين من يزعمون أنهم يترشحون لخدمتهم و السهر على شؤونهم والإشراف على حسن سير أمورهم. إن الحل الوحيد و الأوحد لهذه العملية هو أن تخلي بين الناس و من يصوتون عليهم.
وهذا معناه أن تكف الدولة عن فرض عناصرها و أزلامها على الناس، و أن تكف عن التدخل في تزكيتهم، فالجماهير بمقدورها أن تختار من تراه هي مناسبا و بمقدورها أيضا أن تتحمل مسؤولية ذلك الاختيار. تعرف الجماهير من يصلح لها و تعرف من لا يصلح. حتى تكون الانتخابات مدخلا للإصلاح ينبغي أن تسمح الدولة للجماهير أن تتحمل مسؤوليتها كاملة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك