... رأي / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:
مغربنا 1 المغرب
رمزية سوريا في النظرية السلفية الجهادية:
تحظى بلاد الشام وفي مقدمتها سوريا في ادبيات السلفية الجهادية بمكانة مميزة من الناحية الدينية لعدة اعتبارات تناولتها جملة من الروايات والنصوص، فالأحاديث في تفضيل الجهاد فيها ومدح جيوشها والثناء عليهم واعتبارها ارض ملاحم بين الكفار والمؤمنين وكذلك مدح أهل الشام"اذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم !!" مع صور المأساة التي كانت تنقلها قنوات إعلامية للقتل والتعذيب الذي يطال الشعب هناك وتوالي نداءات الاستغاثة جعلها تجذب الكثير من ذوي التوجهات ذات البعد الجهادي؛ في ظل الصراع السوري الحالي باتت سوريا بؤرة لمختلف الجماعات الجهادية التي تعاملت في مجملها مع تلك النصوص(احاديث الفضائل)بمنطق ينم عن سذاجة كبيرة بحيث تم تنزيلها على الثورة فتعلقت بنصوص عامة تتحدث عن فضل المكان وبركته، (تكفل الله بالشام وأهله.. صفوة الله من أرضه الشام...
حالة النزوع إلى إنزال أحاديث الملاحم المستقبلية على الأحداث الجارية، خاصة ما يجري في سوريا قديمة ف التاريخ الإسلامي فقد قرأنا أن حديث فتح القسطنطينية تعرض لتأويلات فاسدة من قبل كثير من القادة الذين حاولوا إنزاله عليهم، فكان كل واحد منهم يجمع بضعة آلاف أو مئات، ويهجمون عليها، وهي ذات التحصين القوي، فتباد تلك الجيوش المسلمة على أسوارها.
اذكر ذات مرة التقيت أحد الشباب التونسيين يذكر لي الأحاديث التي تخبر عن كون سوريا ستكون معقل الإسلام في آخر الزمان وأن تنظيم الدولة هو الذي ينطبق عليه ذلك وهو المعني بتلك النصوص، وأن الثورة هي تمهيد لتلك الأحداث التي يبرز فيها سلطان المسلمين..طغى هذا المشهد على مجمل الجماعات الاسلامية...وقد يعزز هذا بعض المسميات التي أطلقتها بعض الجماعات كواجهة إعلامية لها "قناة المنارة البيضاء" لدى جبهة النصرة و مجلة "دابق" لدى تنظيم الدولة ولك لا المسميين لهم جذور تاريخية في التراث الملحمي الديني.
ورأى "أبو فرحة" أن الأمر ذاته يتكرر اليوم مع الجماعات الإسلامية في سوريا؛ بمحاولتها تأويل الأحاديث التي تتحدث عن الملاحم المستقبلية، ليكونو هم أبطالها، مفسرا ذلك بأنه
"يكمن في الرغبة بجذب أكبر قدر ممكن من العناصر، وتقوية إيمانها بقادتها وجماعاتها، وما ينتابهم من حب الذات، مبتعدين عن تقدير الواقع وظروفه تقديرا صحيحا، معولين على تفويض نتائج الأعمال إلى رب العالمين، مع تضييعهم لفرص توحيد صفوفهم حتى يكونوا قوة حقيقية مؤثرة على الأرض"، بحسب قراءته للمشهد بعد مرور خمس سنوات على اندلاع الثورة.
فإن أهمية المسرح الأفغاني في الخيال الجماعي وفي تاريخ الجهاد الحديث يجعل من السهل الترويج لهذه المؤسسة بشكل خاص.
في هذا السياق المتشابك بين مطالب الثورة(عدالة اجتماعية، كرامة حرية مساواة)وأفق الرؤية الدينية(إقامة الشريعة وجهاد المرتدين) برزت حركة مسلحة مغاربية في منطقة ريف اللاذقية عرفت ب "حركة شام الاسلام" بزعامة أحد الشخصيات البارزة ف الإطار الجهادي العالمي باعتباره صاحب تجربة جهادية خاضها في أفغانستان رفقة تنظيم القاعدة مرورا بعد ذلك بسجن غوانتنامو "بن شقرون" المكنى "أبو أحمد المغربي" في الفصول اللاحقة سنتوقف عند هذا الحدث باعتباره جزء من أرشيف الحركة الجهادية التي تضيف رصيد معرفي للباحث وللقارئ حول ديناميكية هذه الجماعة.
الخلفية الفكرية لزعيم "حركة شام" إبراهيم بن شقرون:
اشتهر بكنيته في الوسط الجهادي "ابو احمد المغربي" برز في السياق الثوري السوري كأحد أبرز المكونات الإسلامية التي شاركت في الحرب ضد نظام الأسد وحلفائه؛ كما يعتبر أحد الوجوه المعروفة في الدوائر السلفية الجهادية: سافر إلى أفغانستان في سن مبكرة20سنة حيث تم اعتقاله بعد ذلك بعد اجتياح أمريكا على خلفية تفجيرات 2001 ليودع في سجن جوانتانو لمدة 3 سنوات ليرحل بعدها إلى المغرب ويسجن بعدها بسبب الانتماء لجماعة التوحيد تحت "محمد رحا" مدة 6 سنوات قضاها بسجن سلا؛ متوجها بعد خروجه إلى الأراضي السورية عبر تركيا ليؤسس "حركة شام الإسلام". تميز ابو أحمد بدماثة الخلق وسعة الصدر فهو رجل التسويات في الخلافات سواء في فترة اعتقاله او تواجده بسوريا يحاول إرضاء الجميع، مع افتقاره لمهارة التسيير بحسب رواية رفاقه السجن، كما يعتبر من النوع الذي يتحفظ في مسألة النقاشات العقدية التي طغت على الشباب في السجون وساحات المعارك ولايمكن تصنيفه ممن تستهويه كثرة المطالعة والتحصيل الثقافي؛ بل أسير لحالة وجدانية ومتأثر بحالة جهادية يبحث فيها عن الشهادة.
اعتقد ان "ابو احمد" هو نتاج حالة جهادية عامة طغت على المشهد الإسلامي في تلك الفترة(قبل عقدين) من حيث التأثر، أكثر من كونه خرج من تحت عباءة أحد المنظرين او الشيوخ، ومع ذلك نشير الى رافدين هامين قد يكون لهم دور في بلورة فكر الرجل وأقصد مدرستي "جوانتانامو وسجن سلا"؛ بما كان يتداول في داخلهما من نقاشات وآراء وتوجهات عقدية ومنهجية ترجمت على مستويات نظرية وسلوكية..ولا نغفل ما كان يشاهده من تصرفات إدارة السجن وموظفيها أمام هؤلاء المعتقلين جعلها تعكس تلك المقولات الموجودة في أدبيات التيار الجهادي ان سوء المعاملة والتعذيب نابع من مواقف عقدية(الكفر والإيمان) كما هو شأن التفسيرات الإيديولوجية للمواقف المشابهة-الاعتقال- التي عاشها "ابو أحمد".
خلفيات تأسيس حركة شام:
قبل الشروع في تحليل الخلفيات نستعرض الخريطة الثورية في الساحل السوري باعتباره مكان إعلان "حركة شام الإسلام"؛ بداية قبل وصول ابو احمد كانت المنطقة بشكل رئيسي تحت نفوذ قوى "الجيش الحر" بقيادة ابو "بصير السوري" إلى جانبه بعض المجموعات الإسلامية(كتيبة المهاجرين الليبية) و"جبهة النصرة" بقيادة "ابو ايمن العراقي السفاح"-قبل الانشقاق الذي تمخض عنه تنافس تنظيم داعش وجبهة النصرة- "وأحرار الشام". كانت العلاقة التي تجمع ابو احمد مع كتيبة المهاجرين جيدة فقد تعرف عليهم فترة دخوله بحيث علموا تاريخه الجهادي ف أفغانستان وغير ذلك إضافة إلى التقارب الأيديولوجي بينهم، تمت استضافته لديهم إلى حين تم التنسيق مع مسؤول جبهة النصرة"أبو أيمن العراقي" وفق آلية التزكية بالسؤال حوله ممن قد يعرفونه فانتقل الى صفوف "الجبهة" بحيث سلمه ابو أيمن قيادة المغاربة داخل الجماعة.
كان "الجيش الحر" يرفض استقبال المهاجرين داخل صفوفه بل ينسق لهم مع تلك المجموعات الاسلامية(أحرار الشام او الليبيين) يتم تخييره طبعا، بحجة استمرار الدعم من قوى الائتلاف التي تشترط عليهم الابتعاد عن كل ما هو متعلق بالسلفية الجهادية من مظاهر حتى لا يتم تصنيفهم في خانات الإرهاب بعد ذلك وقطع المساعدات عنهم، رغم ذلك كان الجميع يجمعهم سقف التعايش دون مشاحنات تذكر..
من الواضح أن الليبيين قاموا بمسك العصا من الوسط مع ميول نحو جبهة النصرة بسبب وضوح الراية والمشروع(جهادي سلفي) في نظرهم. نتيجة فشل معركة "كسب" الأولى اضطر "ابو بصير" لفتح معركة ضد النظام حيث توجه عناصره للاستطلاع لكن حال دونهم حاجز تابع للجبهة(أبو أيمن العراقي) بحجة التجسس عليهم، لحق بعد ذلك"أبو بصير" وأراد المرور بالقوة و اضطر شباب الحاجز إلى إبلاغ
ابو ايمن للمجيء حيث دار حوا ر حاد بين الطرفين انتهى بقتل ابو بصير بدم بارد بطلقة من مسدس ابو أيمن بحجة ان الثاني تنقص من الشريعة(كفر) في ذلك النقاش! انفرط على إثر تلك الحادثة عقد "الجيش الحر" إلى مجموعات صغيرة، كما تم افتراقهم مع "كتيبة المهاجرين" الليبية نتيجة موت "ابو بصير".
ذاع صيت ابو ايمن بعد ذلك ودخل في عملية ملاحقة لبقايا "الجيش الحر". من تداعيات ذلك على "ابو احمد المغربي" انه بدأ يتراجع عن فكرة بقائه مع هذا الكيان لعدة اعتبارات تمثل قناعات فكرية لديه وهي نفوره من العنف والتسرع في القتل وتصفية المخالفين الذي عرف عن المدرسة العراقية، حتى جاءت القشة التي قسمت ظهر البعير وهي حادثة إعلان تنظيم الدولة في سوريا وإلغاء مسمى "جبهة النصرة" وما ستتبع ذلك من حروب طاحنة بين الطرفين سواء خلال مواجهات مباشرة او اغتيالات. من يعرف ابو احمد يدرك انه لا يستطيع ان يبقى ضمن هذا الوضع فهو الذي جاء تحت هدف واضح لقتال النظام السوري الذي استخدم العنف ضد شعبه وليس للانخراط في معارك بين أبناء التيار الجهادي برأيه بعيدة عن المقصود، لا شك قد خبرها في مساره الطويل من أفغانستان وجوانتناموا إلى سجون المغرب..
جاء الافتراق بين الطرفين تحت دواعي متعلقة بالسلطة والنفوذ بمبررات شرعية، فاستحوذ "ابو أيمن" نتيجة لذلك على كل مقدرات الجماعة، كما فضل الأغلبية البقاء معه وإعلان البيعة لتنظيم داعش. خرج "بن شقرون" من كل هذا ساعيا إلى ما يمكن أن نسميه تأسيس نواة لجماعة ذات مسار مغاير ينأى عن دوامة النزاع الداخلي في غفلة من طرف ابو ايمن" عن مساعيه التي تمثل منافسة غير مرحب بها قد تجر معها المغاربة الموجودين لديه او الذين يلتحقون بعد ذلك قد تتسبب في تصفيته كوسيلة لإبعاده؛ وقد تعرض بعد ذلك لمحاولة اغتيال بعبوة ناسفة استهدفت سيارة تشبه التي كان يقلها "ابو أحمد".
تزامن خروجه من داعش مع تقاطر المغاربة فكانت الفكرة-بناء كيان- التي سعى لها ممكنة، قام بالترتيب مع الليبيين لمحاولة دعمه ورتبوا لقاء مع أحرار الشام لاطلاعهم على حيثيات مشروعه الذي ينص على العمل العسكري ضد قوات النظام والابتعاد عن خلافات الفصائل ومشاكلهم. أراد "أبو أحمد" من كل هذا ان يقي الشباب مغبة الالتحاق بتنظيمات تزج بهم في دوامات الاقتتالات الداخلية.
آليات الاستقطاب لدى حركة شام:
عرف "ابو احمد: مؤسس "حركة شام" بسعة خلقه وعدم تحيزه لجهة على اخرى بين الشباب الذين عاشوا معه ف المغرب أو ممن تعرفوا عليه داخل السجن جعله ينال قبولهم والميل نحوه ناهيك عن سبقه الجهادي ف أفغانستان باعتباره تجسيدا لمعطيات المنهج السلفي، كل هذا يجعله يحظى بمنزلة في الوسط الجهادي المغربي الذي بدأ يتكون في تلك الفترة؛ السجن كان بمثابة الإطار الذي رسمت داخله المسارات التي ستبدو لاحقا ف السياق السوري، فأغلب من سجن في تلك الفترة تحديدا بعد أحداث ماي الشهيرة التحق بالحركة التي أسسها ابو أحمد؛ كما أن الساحة وقتها عرفت توترات بين الفصائل انتهت بسلسلة من الاقتتالات الداخلية نظر إليها البعض من جهة كونها جناية شرعية وابتعاد عن الهدف الذي هاجروا لأجله، فكانت الحركة ملاذا لهؤلاء الذين أرادوا الابتعاد عن التورط في هذه الصراعات والتركيز على القتال والرباط ضد النظام السوري باعتباره الواجب والهدف الذي تركوا بلدانهم للقيام به...
طغى على الحركة مناخ منع الكثير أيضا من الإلتحاق بهم بحيث أصبحت حكرا على طبقة معينة ممن عاشت تجربة السجن(حركة السجناء)، بحيث كان لهم الرأي والقول في ما يتعلق بماجريات الأمور الداخلية بغض النظر عن المؤهلات والمهارات التي يستحق بموجبها المناصب والمسؤوليات المسنودة لهم، فقد كان السجن بمثابة تزكية وورقة تمنح الحظوة الداخلية، ما دفع الكثير بعد ذلك خصوصا بعد مقتل "ابو أحمد" إلى ترك الحركة والالتحاق بمجموعات أخرى، وهذا يعكس ضعف التسيير الإداري والرؤية الاستراتيجية لدى الرجل(الذي لم يكن هذا ما يراود فكره بقدر ما كان يبحث عن القتل مظانه) وتحكيم العاطفة بدل العقل فانهار البنيان وتلاشت الحركة بعد انفجار تلك المشاكل التي اختمرت طوال فترة تواجده على رأس الحركة وانفجرت في أعقاب اختفائه بعد ذلك...!
موقف الحركة من مكونات الثورة:
اتفقت الحركة مع مختلف الفصائل في بدايات تأسيسها بريف اللاذقية، بحيث كانت الأرضية المشتركة التي وقف عليها الجميع المعارك او الرباط على المحاور، كان هذا هو الجو العام الذي طغى على المشهد في الساحل، وبالتالي كانت ترى في بقية المجموعات سندا لها م دامت ملتزمة بذلك، فانخرطت معها ضمن غرف عمليات مشتركة للعمليات العسكرية خصوصا الجماعات ذات الطابع الاسلامي؛ لم تكن ممن يفرض نفسه في الشأن المدني او تتدخل في أمور الناس ومظاهر المجتمع بل كان "ابو احمد" ملتفتا إلى الجانب العسكري وبعض الأمور التي تخدم ذلك كالجوانب الدعوية الشرعية الداخلية لرفع مستوى الشباب ايمانيا وبعض الدورات التدريبية لرفع الجاهزية لدى عناصره؛ فقد أثبتت الحركة حضورها في معركة بارودة في الساحل بحيث تناقلت وسائل الإعلام صور "ابو احمد" مع جنوده في قرى ريف اللاذقية، أضفى هذا مع سياسة الحياد في المشاكل الداخلية التي التزمت بها نوع من القبول الشعبي
والفصائلي، ستتعزز هذه الصورة في ما سيأتي لاحقا وأهمها "معركة الأنفال" محرقة المغاربة التي استنزفت الخزان البشري والتهمت معها الأمير نفسه "أبو أحمد" بحيث تصاعدت بسبب ذلك شعبية الحركة.
يمكننا القول إن الحركة في الفترة الأولى تعايشت وتفاهمت مع بقية الفصائل بسبب سياسة الحياد الداخلي والتركيز على الجهد العسكري ضد النظام السوري واستيعاب الواقع وتمظهراته مكتفية بعقد لقاءات وزيارات وإظهار أنفسهم انهم ذوي هدف عسكري بحث مع بعض العلاقات التي عقدوها عن طريق الزواج من الأهالي.. فكانت نموذج للانظباط الثوري بغض النظر عن الأخطاء التي طبعت مسارها الإداري والعسكري..
..
مسار "حركة شام" بعد مقتل "ابو احمد":
لقد سلكت مسارا لم يكن ليسلكه "أبو أحمد" كالتورط في الصراعات الداخلية وخلق حزازات داخلية بين الشباب بسبب سياسة الاستقطاب والتعالي، والاستئثار بمقدرات الجماعة لصالح لوبي معين عزز نفوذه في فترة مبكرة من خلال ألية جذب وإقصاء: جذب من سيخضع لقيادتهم المتوقعة مستقبلا باعتبار أن "ابو أحمد" كان يلقي بنفسه في المعارك فهو معرض للقتل في اي لحظة، والحركة التي وصلت إلى مكانة مرموقة في الوسط الثوري نتيجة تضحيات شبابها الذين قتلوا باعداد كبيرة حتى اشتهرت الحركة ببيت المرضى" لكثرة المصابين...تحتاج إلى من يأخذ بزمامها فظهر على المسرح أحد الشخصيات بتوصية من الراحل "بن شقرون" لكنه لم يعمل على تطوير الحركة او إضفاء لمسة على هيكليتها عبر جذب الكفاءات للمفاصل الحيوية ووضع استراتيجية جديدة تتناسب مع السياق الثوري وتقلباته ومستقبل الشباب المرتهن بمنعطفات القرارات السياسية الدولية للأطراف المعنية بالملف السوري؛ ما يعزز بعض ما شاع حوله من ضعف في شخصيته وكونه واجهة لتشكيل داخلي هو من يحرك كل شيء داخل الحركة لتوجيه دفتها في مسار انتهى بها في خوض تجربة، أقل ما يقال انها تفتقد الحس المسؤول بانظوائها ضمن تجمع أنصار الدين" بحيث كانت هذه الخطوة سبب إدراجها في خانة الإرهاب وما يترتب على ذلك سعيا وراء مكاسب مادية بغض النظر عن توريط عناصرها في استهداف مجاني من قبل التحالف، اما عن الثانية فهي دخولهم مع "هيئة تحرير الشام" وتسليم مقدرات الحركة على طبق الأخيرة وحرمان الشباب من الاستفادة منها علما أنها مستحقاتهم التي تكبدوا الصعاب حتى يحصلوا عليها؛ من المعلوم ان "هتش" سارت وفق سياسة التغلب وتفكيك الفصائل والبغي ضد أصدقاء الأمس تحت مبررات وتاويلات -جيشت لشرعنتها العديد من الفتاوى التي يبثها أنصاف الشرعيين داخل المقرات لدفع الشباب القتال - لكنها تهدف إلى انتزاع المعابر كما حدث في نزاعها ضد أحرار الشام لما انتزعت منهم "معبر باب الهوى" الذي يدر ملايين من الدولارات وحربها لفصائل الزنكي بعد ذلك سفك بموجبها دم المسلمين من الطرفين لإرضاء نزوات أمراء الحرب، ولعلهم ف الأخير قد لن يهنؤوا بكل ذلك مع استعدادات النظام وحلفائه لبسط نفوذهم على ما تبقى من المحرر؛ كل هذا اكسبها سمعة سيئة لدى شريحة واسعة وجعلها مسؤولة عن التراجع العسكري وخسارة المناطق، و-بالتالي فالذين اقحموا الحركة(البيضاوي: كان وقتها على رأس إمارة حركة شام الأسلام" بعد مقتل " أبي طلحة رحمه الله"- في هذا الوضع وإدخالها دوامة ان تكون مشاركة في هذا الظلم والفساد الذي تسببت فيه "هتش" لقاء مكاسب ضيقة سلطة هنا او هناك تمنح لهم مقابل ان يخدموا مشاريع التغلب ضد الفصائل..سفك دماء محرمة!!
خاتمة:
أردت من هذه الكتابة المختصرة مشاركة تجربة جهادية تمحورت حول مجموعة مغاربية عبرت الحدود ابان اندلاع الصراع السوري، دفعني لذلك إبراز بعض النقاط التي رسمت شكل الحركة في سياق نشأتها ثم في انتهائها من الولادة حتى الموت....
انتمي لنفس البلد الذي مثلته الحركة كان هذا حافزا للحديث عنها ولو بشكل مقتضب مجمل يتيح المجال للقراءة بين السطور من خلال عرض تاريخي موجز وبعض الانطباعات الشخصية حول تفسير بعض الأحداث، رغم كوني مغربي فلم أنظم للحركة لكني عايشتها عن قرب وصادقت عناصرها ما اتاح لي فرصة الدخول إلى فهم أوضاعها الداخلية، يمكنني القول أن الحركة هي ثمرة أجواء الجهاد الأفغاني وتجربة السجون وما يتداول داخلها؛ كما أود الإشارة إلى ان حركة شام الاسلام انتهت كمسمى بانضمامها لصفوف "هيئة تحرير الشام" بحيث أسدل الستار عن جماعة جهادية مغربية ساهمت بقوة في ميزان الصراع العسكري بين المعارضة وقوات النظام؛ ف الحركة في الحقيقة انتهت بمقتل مؤسسها "بن شقرون"...
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك