عصيد والمفاضلة بين الأديان السماوية؟الحلقة الثانية

عصيد والمفاضلة بين الأديان السماوية؟الحلقة الثانية
... رأي / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

مغربنا 1 المغرب      عندما تطلب منا المفاضلة بين دينين أو بين ثلاثة، فيلزمنا الإدلاء إما برأي نبين فيه للسائل ما يتميز به كل دين على حدة، وإما الإدلاء برأي نبين له فيه التطابق التام بين الأديان بكاملها، بحيث إن اليهودية والمسيحية، والإسلام، لا تمييز بينها على الإطلاق، إنها واحدة على المستوى النظري والتطبيقي؟ هذا ما قاله عصيد للسيدة التي وجهت إليه السؤال حول التفاضل بين الديانات السماوية الثلاث؟     فإذا كان  التفلسف تظاهرا بالحذق وادعاء المعرفة والعلم، وكانت الفلسفة تفسيرا عقليا منطقيا للأشياء. وكان المنطق طريقة استدلالية للبرهنة على صحة قضايا أو على فسادها، فإن عصيد استعجل الإجابة، وأخبر مستضيفته أنه لا يرى أي فارق بين الأديان الثلاثة. إنها بالنسبة إليه واحدة، مما يدل على أنه يستبطن شعوريا أو لاشوعريا قولة ماركس السائرة: "الدين أفيون الشعوب"! كاشفا عن هويته العقدية؟؟؟ فيكون علينا أن نخبره بأن الدين قناعات، وأن أسس العلمانية بدورها قناعات، وأن القناعات التي اعتبرها ماركس أفيونا، هي مفهوم الدين المسيحي، وما رافقه من تطبيقاتبابوية وكنسية في الجملة، والتي أخرت الدول الأوربية لقرون. لكن الإسلام كقناعات شاملة متكاملة، كان ممهدا لنهوض أوربا من كبوتها، ولخروجها من ظلمات الجهل والجاهلية إلى نور العلم والمعرفة. ويكون لا بد لنا من توجيه مجموعة من التساءلات إلى عصيد وإلى من معه من عصداء مغفلين مقلدين مخدوعين، وتساؤلاتنا هنا نركز على بعضها دون الآخر، لكون الصفح عنها تفرضه ظروف الكتابة الحالية. نسأله ونسأل من معه: هل مات موسى عليه السلام بعد ان أسس دولة يهودية ترسو على الأحكام الشرعية؟ وهذه الدولة أين توجد؟ ومن هم كبار قادتها من أصحاب موسى أو من كبار أتباعه؟ وكم دامت هذه الدولة من قرون أو من سنوات؟ وهل كان موسى عليه السلام يخاطب من مدينة إقامته رؤساء الدول بنفس الشجاعة، وبنفس الأسلوب الذي كان نبي الإسلام يخاطبهم به؟ وهل امتدت دولته التي أسسها – متى افترضنا هذا الاحتمال – إلى ما وراء سيناء، حيث تشمل شبه جزيرة العرب وبلدانا أسيوية أخرى، ثم مضى امتدادها إلى بعض الدول الإفريقية والأوربية؟     وهل نصف موسى عليه السلام بكونه ثوريا مناضلا صلبا ومجاهدا كمحمد بن عبد الله القريشي العربي؟ وهل يمكن الحديث عن غزوات موسى وسراياه؟ والنضال الذي قاده رسول الإسلام؟ أو لم يسفر عن نتائج باهرة؟ في مقدمتها القضاء على إمبراطوريتين: الإمبراطورية الرومانية، والإمبراطورية الفارسية؟ وهل يفهم عصيد وباقي العصداء الذين هم على نفس نهجه، أن الجاهلية التي يتحدث عنها القرآن تتقدمها الدكتاتورية، أو الاستبداد على المستوى السياسي؟ إنها إذن لا تعني الجهل بالقراءة والكتابة، وإنما تعني الاحتكام إلى الأهواء والنزوات، بعيدا عن العقل السليم، وأن الاحتكام إلى الأهواء تضليل وطمس لمعالم تميز الإنسان عن باقي الموجودات الأرضية؟ والإنسان هذا يمثل عصيد نموذجا من نماذجه؟ أو لم يساهم  هذا الإنسان كمسلم في بناء إمبارطورية قلبت العالم القديم رأسا على عقب؟ وكبار حكام الإمبراطورية الإسلامية، وكبار الدول الإسلامية المتفرعة عن هذه الإمبراطورية العظمى – ومنها المغرب – أو لم يكونوا وراء تشجيع العلم والعلماء ورعايتهما؟ وقادة الفكر في العالم الإسلامي، هل يمكن حذفهم من التاريخ بجرة قلم؟ وأين عصيد من متكلمي المسلمين وفلاسفتهم؟ أو لم يترك لنا الغزالي "تهافت الفلاسفة"؟ وابن رشد من بعده، أو لم يترك لنا "تهافت التهافت؟ وابن طفيل الأندلسي المغربي، ألم يترك لنا قصة "حي بن يقظان"؟ وأبو العلاء المعري، أو لم يترك لنا "رسالة الغفران"؟ وكلها مجتمعة أو متفرقة، ألم يتهافت عليها المفكرون الغربيون وينسخونها نسخا ويقلدونها تقليدا؟ فكيف يدعي عصيد أن الإسلام هو نفسه المسيحية، وهو نفسه اليهودية في كافة المجالات؟؟؟     وما كان للإبداع الإسلامي في شتى المجالات الثقافية والفنية والحضارة على العموم، أن يعرف طريقه إلى الانتشار لو لم تكن الحرية متوفرة لدى الكتاب والمفكرين والشعراء والناثرين والمتفلسفين، مع التيقن التام بأن المجتمع  البشري ليس مجتمع ملائكة، أو مجتمع الكمل الذين لا يخطئون،، فكما يخطئ الحكام يخطئ عامة المواطنين،، إنما لا تصح المقارنة بين مجتمعات تدين بالإسلام، وبين أخرى تدين باليهودية، أو بالنصرانية،، فالفرق بين هذه الديانات التي عاشت البشرية في أكنافها منذ قرون،، كالفرق بين النهار والليل. وإن شئنا قلنا: بين الأنوار والظلمات،، فاليهودية كما جاء بها موسى عليه السلام قلبت رأسا على عقب على يد الظلاميين المبتدعين. كما عرفت النصرانية التي جاء بها عيسى عليه السلام نفس المصير،، وهو ما سوف نسوق لأجل توضيحه أدلة واقعية في الحلقة الموالية، حتى نبرهن على ما ندعيه، بخلاف عصيد الذي يرسل الكلام على عواهنه؟؟؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك