... رأي / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:
أنتلجنسيا المغرب
منذ فجر التاريخ عرف الإنسان ظهور العديد من الأمراض النفسية ،وبذل أقصى جهوده لمعرفة أسبابها الكامنة حيث كان يعتقد البعض أنها تنتج من تلبس الالهة و الأرواح الشريرة ،لكن مع التطور والتقدم الذي عرفه مجال البحث العلمي بدأت هذه الأفكار الوهمية تتبدد و تختفي ،ليظهر ثلة من الأطباء النفسيين ،البعض ربطها بالعوامل البيولوجية والبعض الآخر نسبها إلى العوامل البيئية
فما هو تعريف الإضطرابات النفسية؟ وما هي الإضطرابات التي يمكن أن تترتب عن أزمة كورونا؟
يمكن تعريف الإضطرابات النفسية على أنها نمط سلوكي و سيكولوجي ونفسي ،سلوكي ينتج لدى الفرد نتيجة شعوره بالضيق أو العجز ،حيث تعتبر هذه الإضطرابات نموا غير طبيعيا في المهارات العقلية ويعتقد أنها في الغالب تحدث نتيجة ظهور بعض المشاكل في الدماغ وذلك بسبب التفاعل الذي يحدث بين العديد من العوامل أهمها المشاكل التي يتعرض لها الفرد في فترات من حياته الشخصية أو المهنية أو بعض المشاكل المرتبطة بالأزمات الإقتصادية و الإجتماعية ،التي قد تشهدها العديد من دول العالم .
والتي قد يكون لها تأثير كبير على المجتمع خاصة تلك الشريحة التي تعاني من أمراض نفسية والتي قد تكون معرضة لتزايد تفاقم تلك الأمراض ،خاصة في مثل هذه الأوضاع وهذا ما سنحاول أن نركز عليه في مقالنا المتواضع
فلا شك أن كلنا يعلم الحرب البيولوجية التي يشهدها العالم منذ العديد من الأشهر والتي بدأت بالمدينة الصينية ووهان،التي شكلت البؤرة الرئيسية التي ظهر فيها هذا الوباء ليزحف بذلك إلى باقي بقاع العالم ويصل في آخر المطاف إلى إفريقيا
،ليسود الهلع والخوف بين مختلف الأفراد و بعبارة أخرى يمكن أن نسميها أزمة نفسية لأن الآثار التي تخلفها من الجانب النفسي أكبر بكثير من عدد حالات الوفيات التي يتم تسجيلها يوميا ،وهذا ما ظهر جليا في أوساط المجتمع المغربي الذي قد أبان من خلال العديد من التصرفات التي يمكن أن نقول عنها أنها ليست في محلها فعبرت بذلك عن ثقافة المجتمع المغربي ،وكشفت عن الإضطرابات التي يعاني منها وعلى سبيل المثال ظاهرة تكديس المواد الغذائية بكثرة ،حيث لاحظنا مؤخرا قبل إصدار قرار الحجر الصحي توجه العديد من الأسر المغربية إلى إقتناء أكبر عدد من المواد الغذائية ،وهو دليل على وجود رد حيوي لا إرادي يكشف عن مدى حب الحياة والتعلق بها ،والخوف من الموت بسبب الجوع.
حيث كشفت ردات الفعل هذه عن مجموعة من المفارقات السوسيوثقافية والوعي الثقافي لدى الشعوب في الدول العربية مقارنة بباقي دول العالم ...
لذلك يتوقع أن تخلف هذه الأزمة مجموعة من الإضطرابات ، أهمها القلق الذي أصبح ظاهرة يعيشها الفرد ولا يستطيع التحكم فيها حيث تجده دائماً يتابع اخبار كورونا في مختلف وسائل التواصل ،أضف إلى ذلك نوبات الهلع والشك الذي أصبح يعيشه باستمرار خاصة إذا ظهرت عليه أعراض شبيهة بأعراض هذا الفيروس،تجده بين الفينة والأخرى يتصفح موقع غوغل محاولا بذلك مقارنة تلك الأعراض بحالته، إضافة إلى كثرة غسل اليدين والتعقيم وتجنب ملامسة الأسطح ،هي توصيات طبية واحترازية لحماية أنفسنا من هذا الوباء إلا أنها قد تتحول عند العديد خاصة الذين يعانون من الوسواس القهري سيزيدهم هذا الأمر تعقيدا ،ناهيك عن الفئة السليمة التي قد لا تشعر بخطورة هذا الأمر إلا بعد ٱنتهاء هذه الأزمة ،ستجد نفسها حبيسة اضطراب نفسي جديد يجعلها تعيش في قوقعة مغلقة.
بالإضافة إلى ما ذكرناه يمكن الحديث عن مظهر آخر من مظاهر الإضطرابات النفسية التي قد تظهر ،وهي الخوف من فقدان الأحبة ففي ظل هذه الظروف نجد كثرة الإتصال بين العائلات من أجل التطمن على أحوالهم الصحية ،من جهة يكشف هذا الفعل عن مظاهر التكافل والتضامن والإنسانية التي لا زالت قائمة في مجتمعاتنا العربية ،إلا أنها من ناحية ثانية قد تتحول لمرض وٱضطراب نفسي لدي البعض يتحدد في الخوف من فقدان أفراد العائلة وخاصة كبار السن ،والذي يظهر جليا من خلال الاتصالات المتتالية والخوف من الأمراض خاصة تلك المرتبطة بضعف المناعة ،ويمكن في نهاية المطاف أن تتحول إلى فوبيا تقول الكاتبة "ريانون لوسي كاتليت" أن الشخص المصاب بقلق من جراء هذا الفيروس يحتاج إلى التوقف لفترة عن تلقي هذه الأخبار،
ربما هذا انسب حل يمكن الحديث عنه في وقتنا الراهن لتفادي ٱرتفاع عدد الأشخاص المصابين بالٱضطرابات النفسية الناجمة عن جائحة كورونا أو بالأحرى التخفيف من حدتها.
من جهة أخرى لا بد من التطرق لجانب ٱخر وعدم إهماله نظرا لأهميته القصوى في مقالنا ،وهو مصير هذه إلا ضطرابات ما بعد الكورونا بعبارة أخرى هل ستستمر هذه إلا ضطرابات و تتفاقم حدتها بين أفراد المجتمع المغربي ،أم أنها وليدة هذه الفترة الزمنية ولن يكون لها وجود بعد ذلك.
للإجابة عن هذا التساؤل لا بد بداية من إلا شارة إلى أن أي اضطراب نفسي يمكن أن يصيب الشخص جراء تعرضه لأزمة نفسية وٱجتماعيةأوٱقتصادية ،لا يمكن أن نربطه بفترة زمنية معينة كون خطورة هذه إلا ضطرابات تكمن بعد ٱنتهاء تلك الأزمات ،كمثال على ذلك الشعور بالقلق الزائد والرغبة في الغسل والتنظيف سلوك قد يبدوا من الوهلة الأولى ،سلوك عادي خاصة في هذه المرحلة التي نعيشها،الا أنه بعد ٱنتهاء هذه الأزمة يمكن أن يتحول هذا السلوك أو الفعل إلى قلق ناتج عن أحد الأعراض المرتبطة بالوسواس القهري ،مثل الشعور بالأوساخ على الجلد والتي قد تتطور لتصل إلى الهلوسة اللمسية .
بالإضافة إلى كون معظم الأفراد أو نسبة كبيرة منهم ستصاب باضطراب التوتر ونقصد هنا ذاك التوتر المرتبط بالأمراض المعدية والخوف من ٱنتقال العدوى بين الأقارب و الأصدقاء ،والذعر من التجمعات المكثفة أضف إلى ذلك أن هذه الإضطرابات من قبيل القلق والهلع و الخوف التي تحدثنا عنها ،مرتبطة بما هو نفسي من الصعب جدا التخلص منها بسهولة ،على عكس الأمراض العضوية الأخرى التي قد يتعاطى مريضها بعض العقاقير الطبية لفترة معينة ثم العودة إلى الحياة الطبيعية.
لذلك فالأمر هنا مختلف تمام الاختلاف،فالضغوطات النفسية التي أصبح يعيشها الأفراد داخل المجتمع جراء هذه الجائحة ،والتي نتج عنها مجموع الإضطرابات لا يمكن القول أنها لن تتفاقم بعد مرور هذه الأزمة بل إن معظم تلك الإضطرابات ستزيد حدتها بشكل كبير بين الأفراد ،الأمر الذي سيؤدي إلى حدوث تغييرات على مستوى العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع المغربي ومن ثمة القول بأنه ستظهر أشكال وبنى ٱجتماعية جديدة بعد هذه الأزمة ،بل أكثر من ذلك يمكن القول بأن العالم سيتغير ولن يعود كما كان وهذا التغيير بطبيعة الحال يشمل جميع المجالات والقطاعات ،أهمها المجال الصحي كقطاع في النظام الإقتصادي والذي يشكل اللبنة الأساسية في تقدم البلاد إلى جانب قطاع التعليم الذي يعد من أهم القوى التي تحقق التنمية الاقتصادية والإزدهار ثم المجال السياسي كمجال مرتبط بالأنظمة السياسية .
أمام كثرة التساؤلات والإفتراضات حول فيروس كورونا المستجد ،هل هو مصنع من قبل دولة تسعى إلى تحقيق أرباح ٱقتصادية تخول لها تحقيق قوة إقتصادية عظمى. أم أن مصدره حيواني من خفاش ؟كيف سنقضي عليه هل بالإلتزام بالحجر الصحي أم بالكلوروكين أم بالقيام بأكبر قدر من الفحوصات اليومية؟
أمام كل هذا لا يسعنا سوى القول بأن هذه الجائحة التي عرفها العالم ستعد محطة أساسية لإعادة النظر في بناء مجتمع جديد وأنظمة سياسية جديدة من شأنها أن تقلب العالم رأسا على عقب وبالتالي لن يعود العالم كما كان.
أنتلجنسيا المغرب
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك