... رأي / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:
أنتلجنسيا مغربنا 1-Maghribona 1:مصطفى شكري
رغم تأكيد جيش الاحتلال الاسرائيلي لمقتل قائد حركة المقاومة الإسلامية بقطاع غزة "يحيى السنوار" فإن خبراء "الحرب والسلم" في العالم يجمعون على صعوبة ـ إن لم نقل إستحالة ـ القضاء على الحركة وكسر تسلسلها الهرمي والنيل من إرادتها في استنزاف العدو الصهيوني وحلفاءه..
لقد أدرك الناس في مشارق الأرض و مغاربها بعد متابعتهم ليوميات معركة طوفان الأقصى أن النظام الصهيو/امريكي المريض جلب البلاء إلى العالم، فالحروب التي أشعلها الحلف الامريكي خلال العقود الثمانية التي تلت الحرب العالمية الثانية أودت بحياة مئات الملايين عبر أرجاء المعمورة، وكشفت زيف الديموقراطية الأمريكية ونفاق الدول الغربية وعجز مؤسسات المنتظم الدولي، كما أدرك القاصي و الداني أن غزة هي الشرارة التي تنذر بمتغيرات دولية كبرى وانهيار النظم الحالية وإنشاء نظام عالمي جديد، فمهما كانت النتيجة المرحلية للصراع الاسرائيلي الفلسطيني في قطاع غزة، فقد بات واضحا للجميع أنه لا يمكن تجاهل القضية الفلسطينية كقضية وجودية لكل أحرار العالم...
إن حرب الإبادة الجماعية الصهيو/أميركية التي يتعرّض لها سكان قطاع غزّة منذ أكثر من سنة، هي بمثابة المسمار الأخير في نعش النظام العالمي الذي تتزعّمه الولايات المتحدة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في سنة 1991م، هذا النظام الذي يقف وراء تعطيل كافة مؤسسات ومبادرات وقرارات وصيحات الضمير العالمي من أجل تمكين الاحتلال من إتمام جرائمه الوحشية وتبريرها.. كما أن تزامن هذه المعركة مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية يكشف حجم الشرخ الذي أحدثته اللوبيات الصهيو/أمريكية في جدار النظام العالمي القائم، حتى بات على شفا جرف هار....
إن معركة طوفان الأقصى تعكس بشكل او بآخر، مجموع المعارك والحروب الدائرة حاليا في الساحة الدولية، وتؤكد واقع الاستقطاب السياسي والحضاري، كما تعيد تشكيل التحالفات الدولية والإقليمية بناء على المعطيات الجيوسياسية، ووفقا للكثير من الأبحاث والتقارير السياسية الصادرة خلال الشهور الاخيره فإن الصين هي واحدة من المستفيدين القلائل من هذا الصراع المفتوح على كل الاحتمالات وفي مقدمتها تدويل النزاع ليشمل المنطقة والعالم بأكمله..
لقد عرت معركة طوفان الأقصى سوءات النظام العالمي وسلطت الضوء على انهيار المعايير الدولية، وانقسام السلطة السياسية داخل الولايات المتحدة الأمريكية وبداية تراجع دورها عبر العالم!!! فاليوم وبالتزامن مع التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة تعيش الولايات المتحده الامريكيه على إيقاع استقطاب سياسي واجتماعي لم تشهده البلاد منذ عقود، وتحديدا منذ الحرب الأهلية التي جرت في الفترة من 1861 إلى 1865 نتيجة لتوترات كبيرة بين الولايات الشمالية والجنوبية.
وبهذا الصدد يقول الخبير السياسي الأمريكي بروس ستوكس، في تقرير نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس)، إن الحرب الأهلية الأمريكية نشبت بسبب قضية العبودية وإلى حد أقل بسبب حقوق الولايات ومستقبل الاقتصاد، وفي الفترة الزمنية التي تسبق انتخابات الولايات المتحدة لعام 2024، هناك حديث عن حرب أهلية أخرى تختمر حول مستقبل البلاد، كما دعت النائبة مارغوري تايلور غرين، وهي عضوة يمينية في الحزب الجمهوري من ولاية جورجيا، إلى “طلاق وطني”، قائلة: “نحن بحاجة إلى الفصل بين الولايات الزرقاء والولايات الحمراء”، في إشارة إلى اللونيْن اللذين يرمزان إلى الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
إن معركة طوفان الأقصى أوضح مثال على تداعي النظام العالمي، وسقوط نظرية "نهاية التاريخ" للمفكر السياسي فوكوياما، وحاجة عالم اليوم والغد لإرساء نظام جديد وأجد، قائم على العدالة والمساواة والحرية والحكم الرشيد الأرشد، فقد لا نستطيع الجزم بأن الحرب على غزة هي القشة التي ستقصم ظهر هذا النظام وتنهيه، ولكنّها باليقين التام قامت بفضحه، وكشف زيفه أمام أكثر مؤيديه من مواطني الدول الغربية التي شهدت تواطؤ حكوماتها في دعم جرائم الإبادة، إرضاء للوحش الصهيوني!! وختاما نقول إن الولايات المتحدة أصبحت دولة غير متحدة الولايات، وأن هناك فعليا دولتان في أمريكا، وهما في حالة حرب حول معظم القضايا الاجتماعية والسياسات الداخلية والخارجية، وأن الانتخابات الأمريكية لهذه السنة هي معركة طوفانية أخرى في هذه الحرب الوجودية... وللحديث بقية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك