شؤون أمنية وعسكرية / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات: مغربنا 1 المغرب
في ظل احتدام الصراع بين القوى الدولية والإقليمية في العديد من الملفات كما في حال التوتر بين الصين وأميركا، وإيران وأميركا، وتدهور العلاقات الأوروبية الروسية، فضلا عن الحروب في ليبيا وسوريا والعراق واليمن، بلغ الإنفاق العسكري عالميا ذروته في عام 2019 حيث وصل إلى 1.73 تريليون دولار أمريكي مقابل 1.67 تريليون دولار أمريكي في عام 2018
[1].
وفي بداية عام 2020 توقع تقرير صادر عن البنك الدولي ارتفاع النمو العالمي بنسبة 2.5% بدلا من 2.4% في عام 2019 لكن سرعان ما جاءت أزمة انتشار فيروس كورونا لتلقي بظلالها على صحة البشر، وهو ما دفع الحكومات المختلفة إلى تدشين خطط طوارئ وتخصيص حزم انعاش لمواجهة ما يحدث من انكماش اقتصادي وإغلاق للشركات وتعطل لسلاسل التوريد المحلية والعالمية مما ألقى بأعباء كبيرة على الموازنات المالية السنوية، وسط توقعات بألا يحدث تعافي اقتصادي من الأزمة سوى بعد عدة سنوات. وهو ما جعل البنك الدولي يعلن في يونيو 2020 أنه يتوقع حدوث انكماش في الاقتصاد العالمي بنسبة 5.2% خلال العام الحالي في أكبر ركود اقتصادي متوقع منذ الحرب العالمية الثانية
[2].
يمكن تقييم تأثير كورونا على الصناعات العسكرية والدفاع عبر ثلاثة مواضيع رئيسية تشمل الموارد البشرية، وشبكات التصنيع والإمداد، والبرامج والميزانيات. فقد تمثل الخطر الأبرز لكورونا في تهديد حياة البشر. حيث انتشر المرض بسرعة في جميع أنحاء العالم ليصيب عشرات الملايين عقب ظهوره الصين في أواخر عام 2019 مما أدى إلى توقف الحياة الاجتماعية والتجارية لعدة أشهر، وأدى إلى خسارة في القوى العاملة بسبب الوفيات أو العجز المؤقت الناتج عن تأثيرات المرض على المصابين. وبرز هذا التأثير بشكل خاص في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي عادة ما يكون لديها عدد قليل من الموظفين. وبالتوازي مع عمليات الإغلاق والحجر الصحي والإجازات أصبحت الشركات غير قادرة على مواصلة عملها بالشكل المعتاد في ظل التدابير اللازمة لحماية الموظفين وبيئة العمل
[3].
وفي ظل تعامل الصناعات العسكرية مع معلومات حساسة متعلقة بالأمن القومي والتكنولوجيا المتقدمة فيجري تخزين ومعالجة البيانات والمعلومات المتعلقة ببرامج التصنيع تحت رقابة مشددة مما يجعل من الصعب على العاملين بتلك المجالات القيام بأعمالهم من المنزل. وفي ظل اعتماد العديد من الصناعات العسكرية على سلاسل توريد عالمية حيث يشتري المقاولون أنظمة فرعية ومكونات من دول أخرى حدث تعطل في سير سلسلة التوريد واللوجستيات عموما وبالأخص في المواد التي تنتجها الصين في ظل تفشي الوباء بها. وبالتالي واجهت العديد من الشركات خطر عدم الوفاء بالتزاماتها التعاقدية.
تلك التطورات أثارت مطالبات بخفض مستويات الإنفاق العسكري وتوجيه المبالغ المقتطعة نحو تطوير أنظمة الرعاية الصحية استعدادا لمواجهة الأوبئة المستقبلية، وبالأخص في ظل انكشاف ضعف منظومات الأمن الصحي في دول كبرى مثل أمريكا وبريطانيا، ومتذرعين بأن أوجه القصور في الموارد الصحية نشأت بسبب الإنفاق الحكومي المفرط في الجوانب العسكرية والأمنية، وبأن تداعيات المرض من خسائر في الأرواح البشرية وفقدان للوظائف وغيرها من الأضرار الاقتصادية الخطيرة لا تقل خطورتها عن الدمار الذي تحدثه الحروب بين الدول.
تحت ضغط الأزمات الاقتصادية الناتجة عن كورونا أعلنت بعض الدول الأسيوية مثل إندونيسيا وتايلاند تخفيض إنفاقهما العسكري بنحو 588 مليون دولار أمريكي للأولى، و555 مليون دولار للثانية
[4]، فيما أوقفت تايلاند إكمال صفقة شراء غواصات صينية الصنع، وحجبت الهند 15-20 % من الأموال المخصصة لوزارة الدفاع في الربع الثاني (أبريل- يونيو) من عام 2020. وأعلن وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ إلغاء 9300 وظيفة في مجال الهندسة العسكرية
[5].
ومن جهة أخرى طالب العديد من الخبراء الأمريكيين بالحفاظ على مستويات الإنفاق العسكري الأميركي المحلي بحجة أن صناعة الأسلحة تتكامل مع القطاعات الاقتصادية الحيوية الأخرى حيث تأتي المدخلات المستخدمة فيه من الصناعات التحويلية الأخرى مثل الصلب والإلكترونيات والمواد الكيميائية وهو ما يساهم في تحفيز الاقتصاد الوطني في مواجهة الانكماش حيث تنعكس زيادة الإنفاق العسكري إيجابا على كافة الأنشطة الاقتصادية بداية من العقارات إلى مبيعات السيارات والطائرات المدنية والسفن، فصناعة الأسلحة في أميركا تجري عادة عبر استخدام المنتجات الأمريكية والعاملين الأمريكيين والبنية التحتية الأمريكية. كما يوفر البحث في تقنيات القتال والتكنولوجيا تمويلًا كبيرًا للجامعات من طرف الجيش الأميركي الذي يعتني بالبحوث في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والفضاءين السيبراني والجوي، وأجهزة الاستشعار الدقيقة وأنظمة التوجيه المتطورة. وعزز المطالبين بعدم تخفيض الإنفاق العسكري مطالبهم خلف التشديد على تخوفهم من استخدام الدول المنافسة مثل الصين لأزمة كورونا في تعزيز نفوذها في الشؤون العالمية.
فيما طالب خبراء أوروبيون في دراسة أصدرها المعهد الهولندي للعلاقات الدولية باستخدام أزمة كورونا لتعزيز دور القوات المسلحة من أجل ضمان قدرتها على تقديم مساعدة مماثلة في مواجهة الأوبئة والكوارث الإنسانية الأخرى المستقبلية، ولتعزيز القدرات العسكرية حتى تتمكن أوروبا من تحمل المزيد من المسؤولية عن أمنها فظل تنامي احتمال تصاعد انعدام الأمن في إفريقيا والشرق الأوسط في أعقاب أزمة كورونا
[6].
وجدير بالذكر أن التخفيضات في الإنفاق العسكري الناتجة عن أزمات مفاجئة عادة ما تظهر آثاره بعد عدة سنوات. ففي أثناء الأزمة المالية العالمية التي حدثت في عامي 2007- 2008، لم ينكمش الناتج المحلي الإجمالي العالمي سوى عام 2009، ولم تنخفض النفقات العسكرية سوى في عامي 2012 و 2013 قبل أن ترتفع مجددا في عام 2016 عقب زيادة دول الخليج لعربي لإنفاقها العسكري مع زيادة إيراداتها عقب تجاوز أسعار النفط لعتبة 100 دولار للبرميل وانخراط السعودية في حرب اليمن فضلا عن زيادة الإنفاق العسكري الصيني والهندي والروسي مع تصاعد التوترات الدولية والإقليمية
[7].
ما المقصود بالإنفاق العسكري؟
يوجد جدل بين المختصين حول أساليب حساب الإنفاق العسكري، مما يؤدي إلى اختلاف تقييم حجم الإنفاق من جهة إلى أخرى. فرغم أن الأمين العام للأمم المتحدة يدعو جميع الدول الأعضاء بالجمعية كل عام للتبليغ بحلول 30 إبريل عن نفقاتها العسكرية في آخر سنة مالية تتوافر عنها بيانات من أجل تضمينها في تقرير الأمم المتحدة السنوي بشان الإنفاق العسكري، والذي يشرف عليه مكتب الأمم المتحدة لنزع السلاح (UNODA)
[8]. إلا أن العديد من الدول لا تقدم تلك البيانات حيث تعتبرها من قضايا الأمن القومي. ومن ثم لا يتاح سوى الاعتماد على تقديرات الإنفاق العسكري التي تصدرها المراكز البحثية المتخصصة مثل تقارير التوازن العسكري السنوية الصادرة عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، والكتاب السنوي الخاص بالسلاح ونزع السلاح والأمن الدولي الصادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري SIPRI). ولإعطاء صورة تقريبية عن مفهوم الإنفاق العسكري نتناول التعريف المعتمد للإنفاق العسكري لدى معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، والذي ينص على أن الإنفاق العسكري يشمل التالي:
– مخصصات ومدفوعات أفراد القوات المسلحة.
– مخصصات المدنيين الذين يعملون في مؤسسات عسكرية.
– نفقات العمليات العسكرية والصيانة.
– نفقات شراء السلاح والمعدات العسكرية والذخائر.
– نفقات أعمال البحث والتطوير.
– نفقات الإنشاءات العسكرية أو تلك التي تخدم الأغراض العسكرية.
– معاشات التقاعد والضمان الاجتماعي لأفراد القوات المسلحة المتقاعدين.
– المعونات العسكرية.
– الدفاع المدني.
– نفقات القوات شبه العسكرية المدربة لتنفيذ عمليات عسكرية.
– الأوجه العسكرية للأنشطة المشتركة بين القطاعين العسكري والمدني مثل بحوث وعمليات الفضاء، والبحوث والتجارب الطبية التي لها استخدامات عسكرية، والصناعات التي تخدم كلا القطاعين..)
[9].
تداعيات كورونا على الإنفاق العسكري وشركات الأسلحة الأمريكية
جاءت أزمة كورونا في ظل مساعي واشنطن لضبط إنفاقها، ومن الملفت أن خفض الموازنة العامة قبل ظهور كورونا طال وزارة الخارجية التي انخفض المبلغ المخصص لها في موازنة عام 2021 إلى 40.8 مليار دولار أي أقل من ميزانية 2020 بمقدار11.7 مليار دولار أي أقل بنسبة 22 %. وسبق في مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية في عامي 2007 و2008 أن سنت أمريكا قانون مراقبة الميزانية لعام 2011، والذي دُشن كجزء من استجابة الكونجرس للعجز المتضخم الناتج عن الركود الاقتصادي، وبموجبه بلغ إجمالي التخفيضات في نفقات وزارة الدفاع الأمريكية قرابة 500 مليار دولار على مدى عشر سنوات، وفي ضوء ذلك كان من المتوقع أن يستمر تخفيض ميزانية وزارة الدفاع كحصة من الناتج المحلي الإجمالي من 3.2% في عام 2019 إلى 2.8% في عام2030
[10]. وبلغ الإنفاق العسكري الأميركي 732 مليار دولار بحلول عام 2020. فيما من المفترض أن يبلغ في عام 2021 مبلغ 716.2 مليار دولار بانخفاض بنسبة 2.2%
[11]. وتتضمن الموازنة الجديدة لعام 2021:
- 9 مليار دولار ميزانية المشتريات، أي أقل بمقدار 6.2 مليار دولار عن موازنة العام السابق.
- 6 مليار دولار للبحث والتطوير والاختبار والتقييم، أي أكثر من العام السابق بمقدار 2.3 مليار دولار.
- 105 مليار دولار لإدارة شؤون المحاربين القدامى، بزيادة قدرها 14% عن المبلغ المقرر لعام 2020.
- 3 مليار دولار للدفاع الصاروخي[12].
تلك الأرقام المخصصة لموازنة عام 2021 أعلنت قبل تعرض الاقتصاد الأميركي الذي بلغ حجمه الإجمالي 21.4 تريليون دولار إلى ضربة اقتصادية قوية في ظل أزمة كورونا وسط تقديرات بأن يصل إجمالي الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الوباء إلى 19 تريليون دولار موزعة على مدى 10 سنوات
[13].
في ظل تلك الأجواء ازدادت احتمالية ارتفاع تكاليف شراء وصيانة الأسلحة في ظل السعي لتوطين العديد من صناعات المواد الداخلة في صناعات الأسلحة بأمريكا بدلا من صناعتها حاليا في الصين بتكاليف منخفضة. ومن ثم ظهرت أصوات تطالب بتخفيض الإنفاق العسكري بحجج مثل أن (من الأفضل إنفاق بعض الأموال التي تُنفق على الجيش الأمريكي على أشياء مفيدة أكثر لأميركا، حيث يمكن لبضعة ملايين من أقنعة N-95 الإضافية أن تحمي عددًا أكبر من الأمريكيين أكثر من تطوير عدد قليل من دبابات إبرامز، ويمكن للأموال المخصصة لشراء طائرة مقاتلة واحدة من طراز F-35 أن تنقذ المزيد من الأرواح في حال استخدامها لشراء بضعة آلاف من أجهزة التنفس، فتكلفة الطائرة الواحدة يمكنها شراء 2800 جهاز تنفس على الأقل.. ووردت تلك الأمثلة في ظل تضمن الموازنة العسكرية المطلوبة لعام 2021 طلبات بمبلغ 11.4 مليار دولار لشراء 79 طائرة مقاتلة من طراز F-35، ومليار دولار لتحديث 89 دبابة M-1 Abrams)
[14].
وعلى جانب آخر ظهرت أصوات تطالب بتحديد أولويات الإنفاق لتجنب الإضرار بتفوق أميركا التقني والعسكري في حال إجراء تخفيضات غير مدروسة جيدا. وذلك باعتبار أن التفوق العسكري الأمريكي يمثل العمود الفقري لنفوذها العالمي
[15]. وهو ما يتسق مع توصيات لجنة استراتيجية الدفاع الوطني (NDS) المشكلة من مجموعة من خبراء الأمن القومي من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، والتي أوصت في عام 2018 بأن “يزيد الكونجرس موازنة الدفاع الأساسية بمعدل يتراوح بين 3 إلى 5% زيادة عن معدل التضخم في السنوات التالية لتجنب تآكل التفوق العسكري الأمريكي
[16].
وواجهت الأصوات المشجعة على تخفيض الإنفاق العسكري اعتراضات موضوعية وأخرى سياسية. فمن حيث الموضوع جادل مؤيدو زيادة الإنفاق العسكري الأميركي بأنه نسبته من إجمالي الناتج المحلي تقترب من أدنى مستوياتها منذ الحرب العالمية الثانية، وبأنه يساهم في تحفيز مجمل النشاط الاقتصادي محتجين بأن خفضه يخاطر بجعل التفوق العسكري الأمريكي ضحية أخرى لفيروس كورونا
[17]. أما من حيث الجانب السياسي الداخلي فشركات الأسلحة الكبرى توفر آلاف الوظائف في الولايات الأمريكية، مما يجعل هؤلاء الموظفين يمثلون كتل تصويتية كبيرة مؤثرة على قرارات أعضاء الكونجرس الذين يخشون من الإطاحة بهم في حال إقرارهم لتخفيضات كبيرة في الإنفاق العسكري تؤدي إلى فقدان الكثير من الوظائف في دوائرهم الانتخابية
[18].
التنافس الأميركي مع الصين له دور في صياغة مقترحات الخبراء الأمريكيين بخصوص إدارة أولويات الإنفاق العسكري الأميركي في ظل زيادة الصين في عام 2019 لإنفاقها العسكري بنسبة 6.6% مما يعزز من قدرة الصين على فرض مطالبها الإقليمية في بحر الصين الجنوبي وزيادة وجودها العسكري في غرب المحيط الهادئ والمحيط الهندي
[19]. فيقول المحلل العسكري في معهد أمريكان إنتربرايز ماكنزي إيجلن (إذا كانت هناك قيود على الميزانية، وظلت المنافسة طويلة الأمد مع بكين هي الأولوية القصوى، فحينئذٍ ينبغي إعطاء الأولوية لجهود ردع الصين من خلال تعزيز توازن القوى في آسيا مع ضمان اقتصاد القوة في مناطق أخرى. ونظرًا لأن شرق آسيا هو مسرح بحري، فمن المفترض أن يتحول تركيز البنتاغون إلى القدرات الجوية والبحرية والصواريخ بعيدة المدى مع قبول المخاطر على المدى القريب عبر خفض حجم القوات البرية وجاهزيتها)
[20]. وفي نفس السياق اقترحت دراسة لمعهد بروكنجز إجراء تعديلات محسوبة على عدد عناصر الجيش الأميركي الذي يضم 2.1 مليون من الأفراد النظاميين يشملون 1.3 مليون في الخدمة، و 800,000 عنصر احتياطي (بما في ذلك الحرس الوطني وأفراد الاحتياط). وذلك عبر زيادة عدد عناصر الحرس الوطني والاحتياط من 800,000 إلى مليون فرد، مع إجراء تخفيضات في عدد العاملين في قوات الخدمة الفعلية، وهو ما قد يوفر30 مليار دولار سنويا
[21].
الشركات الأمريكية: التحديات والدعم الحكومي
واجهت العديد من شركات صناعة الأسلحة الأمريكية تحديات بخصوص الالتزام بمواعيد تسليم منتجاتها في المواعيد المقررة وتباطؤ مستويات العمل في ظل تدابير التباعد الاجتماعي، وتباطؤ مستويات العمل، وتعطل سلاسل التوريد فضلا عن تحمل أعباء مالية إضافية لتوفير أدوات الحماية الشخصية والتنظيف والتعقيم، مما أدى إلى إغلاق بعض منشآت التصنيع العسكري بشكل مؤقت. وقد أشارت وكيلة وزارة الدفاع لشؤون المشتريات والاستدامة إلين لورد، في شهادتها أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب في جلسة استماع في يونيو2020 إلى أنه من بين 10,509 شركة تابعتها وكالة إدارة عقود الدفاع، أغلقت شركتان فقط بشكل دائم، في حين أغلقت 267 شركة بشكل مؤقت وأعيد فتحها مجددا. بينما من بين 11,413 شركة تابعتها وكالة الدفاع اللوجستية، أغلقت 31 شركة بشكل دائم في حين أغلقت 661 شركة بشكل مؤقت وأعيد فتحها.
[22] وتلك الأرقام تشير إلى تمكن شركات صناعة الأسلحة الأمريكية من امتصاص الأثار الآنية لانتشار كورونا. ويعود ذلك إلى عدة إجراءات قام بها البنتاجون دعما لتلك الشركات. ففي ظل قرار حكومات الولايات بإغلاق جميع الشركات غير الأساسية لإبطاء انتشار الفيروس، واجه البنتاغون احتمال عدم السماح لصانعي الأسلحة وغيرهم من العاملين في سلسلة التوريد العسكرية بالذهاب إلى العمل كما جرى رصد تسجيل مخالفات لبعض من حاولوا الحضور إلى مصانعهم. وتركزت الخطورة على شركات التوريد الصغرى التي سرعان ما تغلق أبوابها لمدة أسبوعين مع إصابة أحد موظفيها بالفيروس مما يؤثر على إنتاجيتها وقدراتها المالية المحدودة.
كما واجهت بعض الشركات الكبيرة تحديات دفعتها لإغلاق بعض مصانعها حيث أغلقت شركة بوينج مصانعها في ولاية واشنطن التي تصنع طائرات النقل (KC-46)، وطائرات المراقبة البحرية (P-8)، كما توقفت بشكل مؤقت بعض خطوط الإنتاج الرئيسة في شركتي (
BAE) للأنظمة ولوكهيد مارتن، لكن سرعان ما عادت للعمل في شهر مايو 2020
[23]. وكشف رئيس المكتب التنفيذي لبرنامج الطيران بالجيش بأن الجدول الزمني لتسليم المحرك المستقبلي للطائرات طراز أباتشي (AH-64E) وبلاك هوك (UH-60) سيتأخر قليلا في ظل تأجيل مرحلة مراجعة تصميم المحرك من الربع الثاني للسنة المالية الحالية إلى الربع الثالث نظرا لوجود عراقيل في سلسلة التوريد تؤخر إنتاج بعض مكونات المحرك بسبب كورونا
[24]. كما كشف جيمس جورتس مساعد وزير البحرية للبحث والتطوير والتسليح بأنه لفترة قصيرة انخفض حضور العمال إلى 50% من قوة العمل في أحواض بناء السفن كما عانت 250 شركة من بين 10,000 شركة يتعامل معها مكتبه من الإغلاق المؤقت
[25]. في حين صرح جيمس سميث المدير التنفيذي لقيادة العمليات الخاصة في 13 مايو بأن برامج الأسلحة المرتبطة بالقوات الخاصة ستتأخر بضعة أسابيع
[26].
وفي 17 يونيو 2020 قامت الجمعية الصناعية للدفاع الوطني(NDIA) وهي جمعية تهتم بالصناعات العسكرية الأمريكية بنشر استبيان شمل 770 شركة صغيرة تعمل في الصناعات العسكرية بناء على طلب من مكتب المشتريات والاستدامة التابع لوزارة الدفاع، كشف أن 60% من المستطلعين تعرضوا لمشاكل في التدفق النقدي، ودفع أجور الموظفين، وتلبية متطلبات الفواتير مثل الإيجار، والقدرة على شراء الإمدادات والمواد الخام. وتبين أن الشركات التي تضم أقل من 50 موظفًا تعرضت لاضطراب في تدفقها النقدي بمعدل 63.45% مقارنة بـ 38% في الشركات التي تضم أكثر من 500 موظف. كما توقعت العديد من الشركات أن تفقد موظفين مهرة تقنيًا لصالح شركات تجارية تتيح لهم فرص عمل جذابة من المنزل، لا سيما في مجالات تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات
[27]. وفي ضوء تلك المستجدات برزت تحذيرات بأن الأضرار التي لحقت بقطاع الطيران التجاري والصناعات غير العسكرية الأخرى بسبب فيروس كورونا الجديد قد تؤثر على قطاع الصناعات العسكرية في ظل التداخل العميق بين سلاسل التوريد التي تدعم أنشطة الصناعات المدنية والعسكرية.
وفي مواجهة ذلك أقر مجلس النواب الأميركي قانون في 27 مارس 2020 باسم قانون المساعدة والإغاثة والتعافي الاقتصادي لفيروس كورونا يختص بإنفاق 2.2 تريليون دولار لتحفيز الاقتصاد ومساعدة المتضررين من كورونا. وشملت الحزمة 500 مليار دولار للصناعات المتضررة و290 مليار دولار لتمويل مدفوعات لملايين الأسر فضلا عن 350 مليار دولار كقروض للشركات الصغيرة و250 مليار دولار للتوسع في إعانة البطالة و100 مليار دولار للمستشفيات والأنظمة الصحية ذات الصلة
[28]. كما تم تخصيص 10 مليارات دولار لوزارة الدفاع. كما أعاد ترامب في 27 مارس 2020 تفعيل قانون الإنتاج الدفاعي، وهو قانون صدر في عام 1950 أثناء الحرب الكورية يتيح للحكومة الأمريكية التحكم في الإنتاج الصناعي بما يساعد على تسريع وتوسيع إمدادات الموارد من القاعدة الصناعية الأمريكية اللازمة للدفاع الوطني مثل برامج الجيش والطاقة والفضاء والأمن الداخلي، وبموجب هذا القانون تعاقدت وزارة الدفاع مع العديد من الشركات الصناعية حسب
البيانات المنشورة على موقع الوزارة وفق المبلغ المخصص لذلك والمقدر ب 2.9 مليار دولار، ومن بين تلك التعاقدات:
- عقد في 11 إبريل بقيمة 133 مليون دولار لزيادة الطاقة الإنتاجية المحلية لأقنعة N95 إلى أكثر من 39 مليونًا قطعة خلال التسعين يومًا التالية. وهو أول عقد تجريه الوزارة بموجب قانون الإنتاج الدفاعي الثالث.
- عقد في يونيو بقيمة 56 مليون دولار مع شركة (ArcelorMittal) لزيادة إنتاج الألواح الفولاذية المسبوكة الداخلة في صناعة السفن.
- عقد في يوليو بقيمة 22 مليون دولار مع شركة رولز رويس لبناء محركات لصالح برامج بناء السفن لحساب سلاح البحرية.
- عقد في يوليو بقيمة 13.4 مليون دولار مع شركة (DPA) لتوفير الدعم الهندسي للمساعدة في دمج قدرات المنظومات الخاصة بالطائرات بدون طيار في برامج وزارة الدفاع.
- عقد في سبتمبر بقيمة 1.9 مليون دولار مع شركة (فيشن كونترول) لتحسين أجهزة الاستشعار البصرية في مجال الطيران.
كما أعلنت الحكومة الفيدرالية الأمريكية أن القاعدة الصناعية الدفاعية تمثل قطاعا حيويا، وهو ما يستثني العاملين بها من قرارات حظر التجوال، وكذلك عمل البنتاجون على تسريع وتيرة مدفوعاته لشركات الأسلحة مقابل أعمالها الجارية بغرض تعزيز السيولة في القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية وتسريع نشاطها. فرفع معدلات السداد المرحلي للعقود من 80% من التكلفة إلى 90% للشركات الكبيرة، ومن 90% إلى 95% للشركات الصغيرة. كما سرع معدل المدفوعات المقدمة للمقاولين الرئيسيين، ووجههم لتسريع مدفوعاتهم إلى المقاولين من الباطن. كما أنشأ البنتاجون فرق عمل لمراقبة المشاكل التي تواجه شركات الأسلحة ولتلبية الاحتياجات في سلاسل التوريد، حيث أشار مساعد سكرتير الجيش للمقتنيات واللوجستيات والتكنولوجيا “بروس جيت” إلى أن فريق العمل في مكتبه يراقب جميع البرامج الخاصة بتسلم الأسلحة، والتي يزيد عددها عن 800 برنامج، ويتلقى قائمة طويلة كل يوم لتوثيق المشكلات المحتملة. وجدير بالذكر أن عقود البنتاغون مع شركات الأسلحة تتضمن بنودا تبرر التأخير في تسليم المنتجات وزيادة التكلفة إذا كان الإخفاق في الالتزام خارج نطاق السيطرة وبدون خطأ أو إهمال من المقاول. حيث يحق للمقاول المطالبة بتعديل عادل لجدول العقد، وكذلك لسعر العقد.
[29]
وفي مواجهة احتمال تأثر إنتاج طائرة (إف 35) بانتشار كورونا، أعلنت شركة لوكهيد مارتن المصنعة للطائرة عن جدول عمل بديل لموظفي خط إنتاج الطائرة، وأضافت أن هذا سيقلص الإنتاج لمدة ثلاثة أشهر فقط، وسيؤثر على تصنيع عدد يتراوح من 18 إلى 24 طائرة
[30]، كما أعلنت الشركة في منتصف مايو أنها ضمن مساعيها لتعزيز سلسلة التوريد الخاصة بها قامت بتسريع دفع 300 مليون دولار للشركات الصغيرة التي تعمل معها، علاوة على 450 مليون دولار دفعتها في السابق. كما أعلنت الشركة أنها وظفت خلال الجائحة أكثر من 3,400 موظفا جديدا وستضم 12,000 موظفًا جديدًا بحلول نهاية العام
[31].
ومن جهته قال كلارك كوبر مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الخارجية، إن تجارة الدفاع لم تتأثر بشكل كبير بعد كورونا قائلا في مايو 2020 أنه (حتى الآن، لم يسع أي من شركائنا في التعاون الأمني أو أي دولة إلى إلغاء أي عقد معين أو طلب ذلك.. مضيفا أن تجارة الدفاع وتراخيص التصدير تسير بنفس الوتيرة والحجم كما كانت قبل ظهور كورونا…حتى إن بعض الشركاء يتطلعون بالفعل إلى طلبات جديدة وإضافية)
[32].
تداعيات كورونا على الإنفاق العسكري في أوروبا والناتو
في أعقاب الأزمة المالية العالمية في عامي 2007 و2008، اتخذت الدول الأوروبية قرارات بخفض إنفاقها العسكري بمقدار يتراوح من 30% في الدول الصغرى إلى 8% في الدول الكبرى مما انعكس على صغر حجم الجيوش الأوروبية وتراجع قدراتها العسكرية بمقدار 35%، فتقلصت أعداد الدبابات في الجيش الهولندي، وتخلت بريطانيا عن بعض برامجها لبناء طائرات الاستطلاع
[33]، في حين تدهور تسليح الجيش الألماني حيث تراجعت جودة وحجم الذخيرة، ونظارات الرؤية الليلية، والبنادق الهجومية التي يمتلكها
[34]. وأصاب الانخفاض بالدرجة الأولى موازنة البحث والتطوير التي انخفضت بضعف معدل الانخفاض في موازنات الدفاع
[35]. وحدثت تلك التخفيضات بشكل منفرد دون تنسيق بيني أو ترتيب مع الناتو مما أثر على قدرة الدول الأوروبية على تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة. لكن في ظل ضغوط إدارة ترامب على الحكومات الأوروبية العضوة بالناتو لرفع مستوى إنفاقها العسكري السنوي إلى 2% من ناتجها المحلي الإجمالي، ارتفع الإنفاق الأوروبي مجددا ليبلغ 289 مليار دولار أمريكي في عام 2019
[36].
بدأ فيروس كورونا يضرب عناصر الناتو في شهر مارس 2020 حيث ثبت في نهاية مارس إصابة ثلاثة موظفين في مقر الناتو ببروكسل بالمرض ثم تلى ذلك إصابة أربعة من أعضاء بعثة الناتو في أفغانستان
[37]. واكتشفت العديد من الدول الأوروبية مدى اعتماد سلاسل التوريد الخاصة بها على المنتجات المصنوعة في الصين، ليس فقط في مجال معدات الحماية الشخصية، ولكن أيضًا في مجالات الإنتاج والاستهلاك الأخرى
[38].
وفي مواجهة ذلك انشغل الناتو بتنسيق عمليات نقل الأدوية والإمدادات وإطلاق البرامج العلمية لدراسة الفيروس، ونفذت قواته أكثر من 100 مهمة نقل للإمدادات أو الأفراد في ربيع عام 2020 في مقدمتها دعم فيلق الانتشار السريع بالناتو المتمركز في إيطاليا لسكان منطقة لومباردي الإيطالية عبر تطهير المستشفيات وتوصيل الإمدادات والدعم اللوجستي المتنوع
[39]. وخلال ذلك ألغت قوات الناتو العديد من التدريبات العسكرية المختلفة لحماية الجنود والموظفين، كما اجتمعت اللجنة العسكرية لحلف الناتو افتراضيا عن طريق الفيديو لأول مرة في التاريخ في 14 مايو 2020. وناقشت الدروس المستفادة من الوباء وكيفية تحسين قدرة الناتو على الصمود في مواجهة الأزمات الصحية المستقبلية.
وتخلص آنا بوبيسكو المحللة في موقع جينيس إلى أنه في ظل انفاق المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا ما يصل إلى 50% من إجمالي الإنفاق الأوروبي على الدفاع، فمن المرجح أن يؤدي تخفيضهم لإنفاقهم العسكري على المدى القريب في ظل تداعيات كورونا إلى انخفاض متوسط الإنفاق العسكري الأوروبي بشكل طويل الأمد نسبيًا، حيث سيكون إنفاقهم الدفاعي المشترك في عام 2031 أقل بمقدار 25 مليار دولار أمريكي عما كان متوقعًا في البداية ليصبح 165 مليار دولار أمريكي مقابل 190 مليار دولار أمريكي
[40].
وتكاد تكون اليونان من أبرز الدول الأوروبية التي عقدت صفقات تسليح في ظل أزمة كورونا نظرا لتصاعد التوتر بينها وبين تركيا. حيث أعلنت في 12 سبتمبر 2020 عقب أيام من لقاء عقده رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس مع الرئيس الفرنسي ماكرون، عزمها شراء 18 طائرة حربية من طراز رافال فرنسية الصنع و4 فرقاطات متعددة الأغراض و4طائرات هليكوبتر تابعة للبحرية، وأسلحة جديدة مضادة للدبابات وطوربيدات بحرية وصواريخ تابعة للقوات الجوية، فضلا عن تجنيد 15 ألف جندي جديد.
وفيما يخص حجم الإنفاق العسكري أعلن الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ في نهاية مارس 2020 أن الدول الأوروبية حريصة على تحقيق التعهد الذي سبق أن قدمته خلال قمة الناتو لعام 2014 في ويلز بإنفاق ما لا يقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول عام 2024. وهو التعهد الذي حققته بالفعل 8 دول فقط في عام 2019 هي بلغاريا وإستونيا واليونان ولاتفيا وليتوانيا وبولندا ورومانيا والمملكة المتحدة، بينما ارتفع الإنفاق الدفاعي الألماني إلى 1.38% من الناتج المحلي الإجمالي ليبلغ 50 مليار دولار في عام 2019 بدلا من 1.24% في عام 2018
[41]. بينما تخطط ألمانيا حسب وزيرة الدفاع أنغريت كارينباور إلى الوصول إلى نسبة 2% بحلول عام 2031
[42]. ورغم أن الوصول إلى إنفاق عسكري بنسبة 2% من إجمالي الناتج المحلي لا يدل بالضرورة على زيادة الإنفاق العسكري، ففي ظل الأزمة الاقتصادية يتوقع انخفاض إجمالي الناتج المحلي نفسه إلا أن الرئيس الأميركي ترامب أصدر في يوليو 2020 قرارا بسحب 12 ألف جندي أميركي من ألمانيا
[43]، وذلك عقابا لها على عدم رفع نسبة إنفاقها العسكري.
وفي ظل تلك الإضرابات دعت دراسة أصدرها القسم السياسي بالبرلمان الأوروبي إلى ضرورة تنسيق أي عمليات تخفيض أوروبي في الإنفاق العسكري بين الدول الأوروبية من أجل الحفاظ على التقنيات والمهارات الرئيسية وحماية القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي وأمن التوريد، وللحفاظ على سلامة الأصول والبنية التحتية الحيوية عبر تجنب بيع الشركات المندرجة ضمن القطاعات الاستراتيجية لأطراف أجنبية في ظل تدهور أوضاعها المالية. وهو ما حرصت الدول الأوروبية على تنفيذه عبر فحص خطط الاستحواذ وتشديد عتبات الرقابة على الاستثمارات الأجنبية
[44]، ففي شهر مايو من عام 2020 أقرت باريس قانونا يقلل حجم الحصة التي يمكن للمستثمرين الأجانب أن يستحوذوا عليها في أي شركة فرنسية من 25% إلى 10%، في حين أنيط بوزارة الخارجية وشؤون الكومنولث البريطانية مراجعة الاستثمارات الأجنبية التي قد تشكل خطرا على الأمن القومي، كجزء من مشروع قانون الأمن القومي والاستثمار
[45].
التخوف من حدوث تخفيضات جديدة في الإنفاق العسكري الأوروبي دفع العديد من الخبراء للقول بأنه في حال اختيار الدول الأوروبية هذا الخيار، فلابد أن تقوم بذلك من خلال التقييم المشترك لعواقب تدابير التقشف المحتملة بالتنسيق مع واشنطن
[46].
روسيا تخفض إنفاقها العسكري
مع ارتفاع أسعار النفط في مطلع العقد الثاني من القرن العشرين وانخراط روسيا في النزاع السوري ارتفع الإنفاق العسكري الروسي لتبلغ ميزانية الدفاع الروسية الرسمية ذروتها في عام 2015 بنسبة 3.8 % من الناتج المحلي الإجمالي. وجرى آنذاك تطوير وتحديث القوات الجوية ومنظومات الدفاع الجوي. ولكن تأثرت روسيا اقتصاديا بانخفاض أسعار النفط في آخر عامين، حيث بلغ متوسط سعرها برميل النفط في عام 2020 قرابة 40 دولارا، ثم جاء فيروس كورونا ليزيد الأمر سوءا ويلقي بتبعات سلبية على الاقتصاد الروسي، ويقيد من الإنفاق المحلي الروسي بما فيه الإنفاق العسكري. ويتوقع صندوق النقد الدولي حدوث انكماش بنسبة 6.6% في الناتج المحلي الإجمالي لروسيا خلال العام الحالي. وفي هذا السياق اقترحت وزارة المالية الروسية في شهر يوليو 2020 إجراء تخفيض بنسبة 5% في تمويل برنامج التسلح الحكومي على مدى السنوات الثلاث المقبلة
[47].
ورغم ما سبق، يمثل انخفاض العملة الروسية الروبل عامل جذب للدول الراغبة في شراء الأسلحة، حيث تتمتع الأسلحة الروسية بانخفاض ثمنها مقارنة بنظيرتها الغربية فضلا عن وجود تيسيرات في السداد وتقديم موسكو لشروط تمويل مرنة مما قد ينعكس على انتعاش الصناعات العسكرية الروسية
[48].
تباطؤ الإنفاق العسكري الصيني
بلغت ميزانية الدفاع الصينية لعام 2019 مبلغ 1.1899 تريليون يوان، بزيادة 7.5% عن عام 2018، وفقًا للمعلومات المنشورة في الدورة الثانية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في مارس 2019. وخلال الثلاثين عامًا الماضية، ظلت نسبة الإنفاق العسكري إلى الناتج المحلي الإجمالي للصين في حدود 2% وفقًا للكتاب الأبيض للدفاع الوطني الصادر عن المكتب الإعلامي لمجلس الدولة في يوليو 2019
[49]. ووفقا لتقرير معهد ستوكهولم للسلام الدولي فقد أنفقت أميركا 732 مليار دولار في عام 2019 بنسبة 38% من الإنفاق العالمي مقارنة بإنفاق الصين التي حلت في المرتبة الثانية عالميا نسبة 14% بمبلغ 261 مليار دولار
[50]، وهو رقم أعلى من الرقم الرسمي الذي أعلنته بكين.
جدير بالذكر أن مبيعات الأسلحة الأمريكية لليابان وتايوان تثير حفيظة الصين. وقد وافقت واشنطن في 9 يوليو 2020 على بيع 105 مقاتلة من طراز أف-35 لليابان في صفقة تقدر قيمتها بحوالي 23.11 مليار دولار
[51]. فيما وافق البنتاجون في أغسطس 2020 على بيع 90 طائرة إف 16 إلى تايوان في صفقة قد تصل قيمتها إلى 62 مليار دولار
[52].
ويتوقع في ظل تداعيات كورونا أن ينمو الإنفاق العسكري الصيني بشكل أبطأ مما كان عليه في عام 2019، ليصل إلى حوالي 1.27 تريليون يوان (179 مليار دولار) وربما ترليون يوان فقط
[53]، وذلك في ظل حرص الصين على تحديث قوات الدفاع الوطني والقوات المسلحة بشكل أساسي بحلول عام 2035 في مواجهة التوترات المتزايدة سواء مع أميركا أو الهند.
الهند تخفض إنفاقها العسكري
مع انتشار فيروس كورونا في الهند وشكوى الأطباء من نقص الأقنعة ومعدات الوقاية الشخصية، أعلنت حكومة نيودلهي حجب 15-20 % من الأموال المخصصة لوزارة الدفاع في الربع الثاني (أبريل- يونيو) من عام 2020، ولكن مع تصاعد التوتر الحدودي في منتصف عام 2020 بين الهند والصين، أعلنت الحكومة الهندية موافقتها في يوليو 2020 على شراء 33 طائرة روسية مقاتلة بمبلغ 2.43 مليار دولار، وتحديث 59 أخرى. كما عقدت الحكومة الهندية صفقة مع الكيان الصهيوني في نهاية مارس 2020 لشراء عدد 16479 رشاش خفيف بمبلغ 116 مليون دولار. وأعلنت وزارة الدفاع الهندية أن (توفير هذا السلاح التشغيلي والمطلوب للغاية سيعزز ثقة القوات في الخطوط الأمامية ويوفر القوة القتالية التي تشتد الحاجة إليها)
[54].
وكذلك استلمت الهند أول خمس مقاتلات من طراز رافال الفرنسية في نهاية يوليو 2020 بعد أن تأخر تسلمها وتشغيلها رسميا لمدة 3 شهور بسبب كورونا، وهي أول دفعة تتسلمها الهند من بين 36 طائرة رافال تعاقدت على شرائها من فرنسا في عام 2016 في صفقة بلغت قيمتها 8.7 مليار دولار. ومن المرجح أن تسليم الدفعة الثانية التي تتكون من أربع طائرات بحلول أكتوبر 2020.
صفقات السلاح الجديدة أثارت اعتراضات المعارضة الهندية التي تذرعت بتدهور البنية التحتية للرعاية الصحية في الهند على خلفية عقود من نقص التمويل حيث يبلغ الإنفاق العام السنوي على الصحة 1.28% فقط من الناتج المحلي الإجمالي. ويوجد في الهند ثمانية أطباء لكل 10,000 شخص، مقارنة بـ 21 في البرازيل، و 40 في روسيا، و 18 في الصين، ومن ثم طالب لاكسمان بيهيرا، الباحث في معهد دراسات الدفاع والتحليل في الهند (IDSA) إلى العناية بعقد صفقات التسليح المستقبلية مع شركات محلية لتحف
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك