إشراقة التسامح: روحانية رمضان تدعو إلى التصالح ومحو الضغائن

إشراقة التسامح: روحانية رمضان تدعو إلى التصالح ومحو الضغائن
دين / السبت 29 مارس 2025 - 18:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:هيئة التحرير

مع اقتراب نهاية رمضان، تتجلى قيم الرحمة والتسامح في أبهى صورها، حيث تغمر الأجواء نفحات الإيمان وتتعالى أصوات المحبة، مما يجعل هذه الأيام الأخيرة فرصة ذهبية لمحو الأحقاد وفتح صفحات جديدة مليئة بالمودة.

الزمن المبارك الذي نعيشه لا يقتصر على الصيام والصلاة، بل هو مدرسة تربوية تدفع القلوب إلى الصفاء وتحث على تجاوز الخلافات، فالأجر مضاعف، والمغفرة قريبة، ومن يفوّت هذه الفرصة قد يخسر الكثير.

التخاصم سحابة سوداء تحجب نور القلب، ورمضان بما يحمله من دروس روحية يساعد الإنسان على تبديد هذه الغيوم، فكيف يُترك الشيطان يعكّر صفو النفوس في وقت تُصفّد فيه أبوابه؟

لا يوجد وقت أفضل للتصالح من العشر الأواخر، ففيها ليلة القدر، ليلة يُرفع فيها الدعاء وتُمحى الذنوب، فهل يكون القلب عامرًا بالبغضاء حين يُرفع الدعاء إلى السماء؟

العاقل من يبادر بالصلح ولا ينتظر أن تُمد له اليد، فالمبادر هو الأعلى مقامًا، وهو الفائز في ميزان الأخلاق، إذ لا يُنقص العفو شيئًا من قدر الإنسان، بل يزيده رفعة واحترامًا.

كم من علاقات فُقدت بسبب سوء الفهم، وكم من قلوب امتلأت بالحزن بسبب كلمة عابرة، لكن الحكمة تقتضي أن يكون رمضان فرصة لتجاوز هذه الصغائر وتذكّر أن الحياة قصيرة ولا تستحق كل هذا العناد.

المجتمعات التي يسودها التسامح هي الأكثر ترابطًا، والأسر التي تعلّمت كيف تغفر أخطاء أفرادها تعيش في راحة نفسية، فكيف لمن صام نهاره وقام ليله أن يبيت بقلب مليء بالكراهية؟

في هذه الأيام، تغلق أبواب النيران وتفتح أبواب الجنة، فهل يُعقل أن يظل العبد متشبثًا بخصومة دنيوية، بينما ربه يناديه بالمغفرة والتجاوز؟

ليست هناك فرحة تُضاهي فرحة من بادر بالصلح ومدّ يده لمن خاصمه، فذلك الشعور بالراحة والسلام الداخلي لا يعوّضه شيء، وكأن حملاً ثقيلاً أُلقي عن كاهله.

العيد على الأبواب، ولا معنى له دون قلوب متآلفة، فكيف تكون الفرحة مكتملة وهناك قطيعة بين الأحباب؟ أليس من الحكمة أن يكون الاستعداد للعيد مترافقًا مع صفاء النفوس؟

رسائل الاعتذار لا تُنقص من الكرامة، بل تدل على قوة الشخصية وسمو الروح، فمن يملك الشجاعة للاعتذار والتسامح هو المنتصر الحقيقي في معركة الحياة.

الأبناء يراقبون تصرفات الكبار، فإن وجدوا أهلهم يغفرون ويسامحون، نشأوا على قيم التسامح، أما إن رأوهم يتشبثون بالخصومة، سيتعلمون القطيعة ويصبح المجتمع أكثر تفككًا.

رمضان سيمضي، لكن أثره سيبقى، والسعيد من خرج منه بنفس مطمئنة، لا تحمل ضغينة لأحد، بل تحمل بين جوانحها حب الخير للجميع، فهذا هو جوهر العبادات.

ما أجمل أن يكون ختام هذا الشهر الفضيل مسكًا، بمبادرات تزرع البهجة في القلوب، وتُعيد الوصال بين الأصدقاء والأهل والجيران، فكم من ابتسامة ضاعت بسبب كلمة، وكم من قلب انكسر بسبب موقف، ورمضان فرصة لجبر كل ذلك.

اليوم فرصة، فلا أحد يضمن أن يعيش رمضان القادم، فهل يكون الختام خصامًا أم لقاءً دافئًا يملؤه العفو والتسامح؟

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك