متى يُعفى المسلم من الصيام؟ حالات خاصة والتعويض ببدائل مشروعة في رمضان

متى يُعفى المسلم من الصيام؟ حالات خاصة والتعويض ببدائل مشروعة في رمضان
دين / الأربعاء 26 مارس 2025 - 18:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: هيئة التحرير

يُعدّ الصيام أحد أركان الإسلام، لكن هناك حالات تجعل الامتناع عن الطعام والشراب مشقة تفوق قدرة الإنسان، ولهذا أباح الشرع بعض الرخص لمن تعذّر عليه الصيام. هذه الرخص لا تعني تهاونًا أو تقصيرًا، بل جاءت لتيسير العبادة وفقًا للقدرة والاستطاعة، فالإسلام دين رحمة لا يُحمّل الإنسان فوق طاقته.

أولى هذه الحالات هي المرض المزمن، الذي لا يُرجى شفاؤه، حيث يُلزم المريض بإطعام مسكين عن كل يوم لم يصمه بدلًا من الصيام. وهذا الحكم يشمل كبار السن الذين لا يقوون على الصيام بسبب الضعف أو الأمراض المرتبطة بالشيخوخة.

أما المرض العارض الذي يُتوقع شفاؤه، فيجوز للمريض الإفطار على أن يقضي الأيام التي أفطرها بعد انتهاء رمضان، حين تتحسن حالته الصحية ويصبح قادرًا على الصيام دون مشقة.

وتشمل الرخص كذلك المسافر، حيث يجوز له الإفطار إذا كان السفر مرهقًا أو يُسبب مشقة بالغة. وعليه أن يقضي الأيام التي أفطرها بعد رمضان متى تيسر له ذلك.

أما الحامل والمرضع، فإذا خافت الحامل على نفسها أو جنينها، أو خافت المرضع على رضيعها، يجوز لهما الإفطار، وعليهما قضاء الأيام لاحقًا، وإذا تعذر ذلك بسبب استمرار الحمل أو الرضاعة لعدة أعوام، يمكنهما إخراج فدية بإطعام مسكين عن كل يوم.

وتشمل الحالات أيضًا المرأة في فترة الحيض أو النفاس، فهذه لا يجوز لها الصيام، وعليها قضاء الأيام بعد رمضان، وهو حكم ثابت بالإجماع.

ومن بين الأعذار كذلك الإجهاد الشديد، كمن يعمل في ظروف قاسية تجعله غير قادر على الصيام، مثل عمال المناجم أو المزارعين في الحر الشديد، بشرط ألا يكون لديهم بديل عن العمل. في هذه الحالة، إن عجزوا تمامًا عن الصيام، جاز لهم الإفطار وعليهم القضاء لاحقًا.

كما يُعفى من الصيام من يُعاني من اضطرابات عقلية، إذ لا تكليف على فاقد العقل، سواء كان ذلك مؤقتًا أو دائمًا، ولا يلزمه القضاء أو الفدية.

أما المسجون أو المكره على الإفطار، فمن أُجبر على تناول الطعام قسرًا، فلا إثم عليه، وعليه قضاء الأيام بعد زوال الإكراه.

وفي بعض الحالات، مثل من كان في حالة جوع أو عطش شديد يهدد حياته، يجوز له الإفطار لإنقاذ نفسه، وعليه القضاء لاحقًا، لأن حفظ النفس مُقدَّم على أداء العبادات.

أما من دخل عليه رمضان وهو عليه قضاء من العام الماضي، فعليه إتمام ما فاته أولًا، وإذا لم يقضِ بعذر مقبول، وجب عليه القضاء مع فدية.

وفي حالات الكوارث والطوارئ، مثل من ينقذ شخصًا من الغرق أو الحريق، وكان بحاجة للطعام أو الشراب ليستعيد قوته أثناء المهمة، جاز له الإفطار، وعليه القضاء بعد ذلك.

كما يُعفى الجنود في المعارك، إذا كان الصيام يضعفهم أثناء القتال، إذ ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح الإفطار في المعارك لعدم إضعاف المقاتلين.

وبالنسبة إلى المتخصصين في الأعمال الخطرة، مثل الأطباء أثناء العمليات الجراحية الطويلة، فإن احتاجوا إلى الإفطار لضمان سلامة أدائهم، جاز لهم ذلك، وعليهم القضاء لاحقًا.

أما من أسلم حديثًا في رمضان، فقد يكون غير معتاد على الصيام، وله أن يبدأ تدريجيًا، ويقضي ما فاته بعد رمضان إن لم يستطع الصيام فورًا.

وأخيرًا، من مات وعليه صيام واجب، يمكن لوليّه أن يصوم عنه، أو يطعم مسكينًا عن كل يوم، وفقًا لما ورد في السنة النبوية.

هذه الرخص ليست دعوة للتساهل، بل جاءت لتراعي الظروف المختلفة، وتحافظ على التوازن بين أداء الفريضة والقدرة على تحملها، فالله سبحانه وتعالى لا يريد بالناس العسر، بل يُريد بهم اليسر في عباداتهم.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك