مغربنا1-Maghribona1:القاسمي/ع في يناير 1554، احتلت الدولة العثمانية والوطاسيون مدينة فاس لبضعة أشهر قبل أن يطردهم السعديون.
ولم يكن ذلك في الواقع إلا مظهرا من مظاهر و هاجس الإمبراطورية العثمانية التي طالما حلمت بضم المغرب إلى مستعمرتها في شمال إفريقيا. لقد كانت الإمبراطورية العثمانية دائما مهووسة بالمغرب.
بعد احتلالها لما يعرف الآن بالجزائر في عام 1518، اتجهت السلطنة التركية نحو المملكة الشريفة، وتمكنت أخيرًا من إبرام تحالف خلال عهد الوطاسيين. و في القرن السادس عشر، أثار سقوط هذه السلالة، التي حل محلها السعديون، قلق القسطنطينية. ثم شهدت المملكة عدة محاولات من قبل العثمانيين لضمها إلى فتوحاتهم في شمال أفريقيا. المحاولات التي لاقت رفضا كبيرا من قبل محمد الشيخ مند عام (1554 الى 1557)، كأول سلاطين الدولة السعدية. وبدأ هذا العداء مع فتح فاس سنة 1549، والتي كانت بمثابة التوقيع على أول شهادة وفاة للسلالة الوطاسية. لأنه بعد سنوات قليلة، استعاد الوطاسيون فاس، بدعم من حلفائهم السابقين. في الواقع، اعتقد العثمانيون أن هذا القرار من شأنه أن يخيف محمد الشيخ. في كتابه "تاريخ المغرب العربي في العصر الإسلامي" (طبعات مطبعة جامعة كامبريدج، 1987). يقول أبو النصر أنه في يناير 1552، يبدو أن الرسالة التي أرسلها العثمانيون إلى محمد الشيخ "تشير إلى أن الحكومة العثمانية لا تزال تأمل في أن تكون قادرة على حث السلطان السعدي على الاعتراف بسيادة السلطان العثماني من خلال الدبلوماسية". لكن لم تكن الرسالة العثمانية ذات أهمية كبيرة لدى السعديين، الذين لم يبدوا أي اهتمام بالتعاون مع الأتراك.
وهكذا دفع رد فعل سلطان المغرب الجديد الإمبراطورية العثمانية إلى اختيار الغزو العسكري. ولذلك دعا القائد العثماني والأدميرال صلاح الرايس لاحتلال فاس. وفي يونيو 1557، أرسل العثمانيون سفيرًا إلى المغرب للقاء السلطان السعدي. ولذلك يطالب الأتراك محمد الشيخ "بإقامة الصلوات في المساجد باسم السلطان العثماني" ووضع صورته على عملة المملكة. وبحسب أبو النصر فإن صلاح الرايس "سار نحو فاس" و"احتلها في الأشهر الأولى من سنة 1554". بعد احتلال المدينة، عهد الرايس بمفاتيحه إلى علي أبو حسون الوطاسي، في محاولة قصيرة الأمد لاستعادة الدولة الوطاسية. القرار الذي كان يهدف إلى “تخويف محمد الشيخ وإرغامه على الخضوع، كان له أثر معاكس”. و بغضب شديد ، جمع السلطان السعدي جيشه واستعاد فاس في سبتمبر من نفس العام. وهكذا انطلق في التحضير للانتقام. مباشرة بعد استعادة فاس، بدأ محمد الشيخ "مفاوضات" مع إسبانيا، التي كانت تخطط بالفعل لطرد العثمانيين بالكامل من المغرب العربي. أمام المبعوث التركي، يسب محمد الشيخ ويقسم، ويهدد باحتلال الجزائر وتونس والوصول إلى مصر قبل مواجهة الجيش العثماني. تهديدات ستدفع السلطنة التركية للتخلص من السلطان السعدي. و خلال جولة قام بها في الأطلس، في نفس العام، اغتيل حينها على يد الضابط الذي كان يقود حرسه الشخصي، بأمر من حسن باشا، بيلربي الجديد في ولاية الجزائر العاصمة. ان الوهوس البالغ للامبراطورية العثمانية لغزو المغرب لم يتوقف. و مع وفاة عبد الله الغالب وصعود ابنه محمد المتوكل المسلوخ إلى العرش، دعمت الدولة العثمانية عبد الملك وأحمد المنصور، شقيق عبد الله الغالب والمطالبين بالعرش الى الخضوع مرة اخرى. في مارس 1576، اندلعت حرب بين الأشقاء السعديين، وكانت المعركة الأولى بالقرب من فاس. تسمى تاريخياً معركة الركن، وقد وضعت المعسكر السعدي للسلطان محمد المتوكل ضد الجيش العثماني بقيادة عمه عبد الملك وانتهت بهزيمة الأول.
بعد أن خرج منتصراً من هذه المعركة، اعترف عبد الملك بالسلطان العثماني مراد الثالث خليفةً. لكن محمد المتوكل المهزوم يصل إلى البرتغال لإقناع سيباستيان الأول بغزو المغرب. وهكذا وقعت معركة الملوك الثلاثة وانتهت بمقتل عبد الملك ومحمد المتوكل وسيباستيان الأول. وكان يقود المملكة آنذاك أحمد المنصور، خامس سلاطين الدولة السعدية، الذي تولى السياسة الخارجية لأسلافه، متخلياً بذلك عن كل إشراف عثماني. الهوس العثماني بالمغرب لن ينتهي أبدا. وحتى خلال السنوات الأولى من العهد العلوي، دعم الأتراك الرئيس الأخضر غيلان وعائلة النقشيس، في شمال غرب المغرب، لإبقاء المملكة منقسمة بعد سقوط السلالة السعدية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك