أسعار البترول تنخفض عالميًا..فلماذا لا تنخفض في المغرب؟

أسعار البترول تنخفض عالميًا..فلماذا لا تنخفض في المغرب؟
تقارير / الجمعة 11 أبريل 2025 - 22:30 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أبو آلاء

رغم التراجعات المتكررة في أسعار البترول في السوق الدولية، ما تزال أسعار المحروقات في المغرب تراوح مكانها، بل تعرف في بعض الأحيان زيادات غير مفهومة، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول كيفية تحديد هذه الأسعار، وأدوار الحكومة ومؤسسات الرقابة في ضمان عدالة الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.

هذا السؤال المحوري كان موضوع مراسلة كتابية من أحد نواب المعارضة البرلمانية، إلى وزيرة الطاقة والانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، حيث طالب بإجابات واضحة حول أسباب هذا "الانفصام" بين أسعار البترول العالمية وأسعار المحروقات المحلية.

سوق البترول العالمية: تراجعات مستمرة لكن بلا أثر داخلي

تشهد السوق العالمية للبترول منذ أشهر انخفاضات متكررة، نتيجة عوامل اقتصادية وجيوسياسية عديدة، على رأسها تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وارتفاع المخزونات لدى بعض الدول الكبرى، إضافة إلى تقلبات الطلب العالمي خاصة بعد جائحة كورونا والتوترات الجيوسياسية التي تعصف بعدة مناطق في العالم.

ومع كل تراجع عالمي في الأسعار، تتجه أنظار المواطن المغربي نحو محطات الوقود، على أمل أن تنعكس هذه التراجعات على السعر النهائي الذي يدفعه. لكن الخيبة تتكرر، إذ لا يظهر أي تغيير يوازي هذا الانخفاض العالمي، بل في أحيان كثيرة ترتفع الأسعار محليًا رغم أن البرميل ينخفض عالميًا.

أسئلة مشروعة حول "آليات تحديد الأسعار"

السؤال البرلماني الموجه إلى الوزيرة المعنية لم يكتف بعرض الوضع فقط، بل طرح جملة من الاستفهامات الحارقة:

لماذا لا تنخفض الأسعار داخليًا رغم الانخفاض الدولي؟

هل هناك شفافية في تركيبة الأسعار؟

ما هي هوامش الربح الحقيقية التي تحققها شركات التوزيع؟

أين دور الحكومة في تقنين السوق؟

وهل هناك نية لتسقيف الأسعار أو دعم المتضررين؟

كلها تساؤلات تعكس حجم الغضب الشعبي من غياب الشفافية والمحاسبة في قطاع حساس يرتبط مباشرة بمعيشة المواطنين.

تحرير القطاع أم غياب الرقابة؟

منذ سنة 2015، وبعد قرار تحرير سوق المحروقات في المغرب، أصبحت الأسعار تخضع لمنطق السوق والمنافسة بين الشركات. لكن هذه المنافسة، كما يرى مراقبون، سرعان ما تحولت إلى شبه "اتفاق ضمني" على أسعار موحدة، لا تتغير إلا بنسب طفيفة، رغم اختلاف الشركات والمزودين.

هذا الواقع طرح شكوكا حول وجود نوع من التنسيق غير المعلن بين الفاعلين الكبار في القطاع، خاصة بعد تقرير مجلس المنافسة الذي أشار بوضوح إلى وجود ممارسات تضر بمبدأ التنافس الحر.

وقد سبق لمجلس المنافسة أن سلّط الضوء على أرباح "غير مبررة" تحققها شركات التوزيع، وطالب بإجراءات صارمة للحد من التغوّل والاحتكار غير المعلن.

الانعكاسات الاجتماعية: نار الأسعار تُلهب جيوب المغاربة

استمرار ارتفاع أسعار المحروقات ينعكس بشكل مباشر على تكلفة النقل والإنتاج، وبالتالي على أسعار السلع والخدمات الأساسية. فالسائق المهني، والتاجر، والمزارع، والمواطن العادي... كلهم يدفعون ثمن هذا الغلاء، الذي يفاقم أزمة الغلاء الشامل ويزيد من هشاشة الطبقة المتوسطة والفقيرة.

في ظل هذا الوضع، ترتفع أصوات مطالبة بتدخل الحكومة لفرض سقف للأسعار، أو دعم الفئات المتضررة، خاصة في ظل تقارير دولية تشير إلى أن المغرب من بين الدول التي لم تستفد شعوبها من انخفاض أسعار البترول بالشكل المطلوب.

الحكومة بين صمت مريب وتبريرات غامضة

رغم الضغط الشعبي والنيابي، تظل مواقف الحكومة ضبابية. فبين من يبرر بوجود "تكاليف لوجستيكية وضرائب مرتفعة"، ومن يتحدث عن "عدم استقرار السوق الدولية"، يغيب الوضوح والمكاشفة.

والمثير أن تركيبة أسعار المحروقات في المغرب لا تزال غير واضحة للرأي العام، حيث تتداخل فيها الضرائب، والربح، وتكلفة النقل، مما يجعل من الصعب تحديد من يتحمل المسؤولية الحقيقية عن الغلاء.

المطلوب:شفافية، مراقبة، وعدالة

ختامًا، فإن السؤال البرلماني الأخير يضع الحكومة أمام مسؤولياتها، ليس فقط في شرح الأسباب، بل في اتخاذ إجراءات ملموسة لضمان الشفافية والعدالة في هذا القطاع الحيوي.

المواطن المغربي لم يعد يقنعه التبرير النظري، بل يريد أفعالا، يلمسها في جيبه ومحفظته. يريد أن يرى أن تراجع سعر البرميل ينعكس على ثمن اللتر. يريد حكومة تحميه من جشع الشركات، وتضمن له الحق في تنقل كريم، ومعيشة متوازنة، وعدالة سعرية.

فهل تستجيب الحكومة؟ أم ستبقى الأمور على حالها، بانتظار احتجاج جديد أو أزمة أشد؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك