الهروب من المخيمات..لماذا ترفض نساء "الهول" و"الروج" العودة إلى أوطانهن؟

الهروب من المخيمات..لماذا ترفض نساء "الهول" و"الروج" العودة إلى أوطانهن؟
تقارير / الأربعاء 26 مارس 2025 - 04:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ع.ف.الحيداوي

في أعقاب الحادث المأساوي الذي أودى بحياة طفلة صغيرة داخل أحد مخيمات النزوح شمال شرق سوريا، عاد الجدل حول مصير آلاف النساء والأطفال المحتجزين في تلك المخيمات، خاصة أولئك المنحدرين من جنسيات أجنبية.

اللافت في هذه القضية هو إصرار العديد من النساء، ومن بينهن مغربيات، على رفض العودة إلى بلدانهن الأصلية، مفضلات البقاء في ظروف معيشية قاسية داخل المخيمات، أو حتى الهروب إلى مناطق سورية أخرى. فما الأسباب العميقة وراء هذا القرار الصادم؟

أبرز ما كشفت عنه تحقيقات ميدانية هو الخوف العميق لدى هذه النساء من نظرة المجتمع إليهنّ وإلى أطفالهن. فبعد سنوات من العيش تحت سيطرة تنظيم "داعش"، ثم الاعتقال في المخيمات، يشعرن أنهنّ تحولن إلى "وصمة عار" في نظر مواطنيهن.

"أطفالي سيعانون طوال حياتهم": إحدى النساء العالقات في مخيم "الهول" قالت: "إذا عدنا، سيُنظر إلى أبنائي كمجرمين قبل أن يولدوا. كيف سيقبلهم مدرسون أو زملاء في المدرسة؟ حتى لو حاولوا التعلم، فالفجوة التعليمية هائلة بسبب سنوات الحرمان".

الخوف من التنمر والعنف: تعلم النساء أن مجتمعاتهن قد لا تغفر لهنّ ارتباطهن السابق بالتنظيم، حتى لو كنّ ضحايا أو مرغمات. فالتجارب السابقة لعائلات عائدة كشفت عن تعرض أطفالها للتنمر المدرسي، ورفض الأهالي اختلاط أبنائهم بـ"أطفال داعش".

وبرغم الجهود الدبلوماسية لبعض الدول لإعادة مواطنيها، فإن غياب برامج إدماج حقيقية يزيد من توجس النساء:

شكوك الدولة: في المغرب مثلاً، تُنظر إلى العائدات من المخيمات كـ"تهديد أمني" محتمل، مما يجعلهنّ تحت رقابة مشددة دون دعم نفسي أو اجتماعي. إحدى الناشطات في جمعيات حقوقية تؤكد: "لا يوجد برنامج لإعادة التأهيل. الدولة تتعامل معهن كخلايا نائمة، لا كضحايا بحاجة إلى إعادة بناء حياتهن".

البطالة والتهميش: حتى لو قبلت الدولة عودتهن، ففرص العمل شبه معدومة. إحدى العائدات سابقاً ذكرت: "رفضت كل المحلات توظيفي عندما عرفوا أنني عدت من سوريا. حتى عائلتي تخشى أن أكون عبئاً عليهم".

في المقابل، يجدن في المخيمات أو في المناطق السورية ما يشبه "الملاذ":

التضامن مع من عاش نفس المحنة: داخل المخيمات، يشكلن مجتمعاً متجانساً يتشارك نفس الصدمات، مما يخفف من شعورهن بالعزلة. بينما في بلدانهن، سيواجهن اتهامات بالجهل أو الإرهاب.

الخوف من الانفصال عن الأبناء: بعض الدول تفصل الأطفال عن أمهاتهم بحجة "إعادة تأهيلهم"، مما يدفع الأمهات إلى رفض العودة خوفاً من فقدان آخر ما تبقى لهنّ.

لوقف معاناة هؤلاء النساء والأطفال، لا بد من:

1. برامج إدماج ملموسة: توفير دعم نفسي، تعليمي، ومهني تحت شعار "الضحايا أولاً".

2. حملات توعية مجتمعية: كسر الصورة النمطية عن العائدات عبر حوار وطني يُشرك الإعلام والمؤسسات الدينية.

3. ضمانات قانونية: وقف الملاحقات الأمنية غير المبررة، ووضع خطط واضحة لإعادة الدمج.

الخيار ليس بين بقاء النساء في جحيم المخيمات أو إعادتهنّ إلى جحيم الوصمة المجتمعية. بل في بناء جسر من الثقة يضمن لهنّ حياة كريمة دون خوف. فهل ستستجيب الحكومات والمجتمعات قبل فوات الأوان؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك