تقارير / الثلاثاء 25 مارس 2025 - 12:43 / لا توجد تعليقات: أنتلجنسيا المغرب:أبو جاسر
يُخلّد العالم يوم 24 مارس من كل سنة اليوم العالمي لمحاربة داء السل، وهو مناسبة للوقوف على الجهود المبذولة لمكافحة هذا المرض الذي لا يزال يحصد الأرواح، رغم التقدم الطبي. في المغرب، ورغم التراجع النسبي في عدد الإصابات، إلا أن داء السل لا يزال يمثل تحديًا صحيًا خطيرًا، خاصة في الأوساط الفقيرة والهشة. فكيف يتعامل المغرب مع هذا الداء؟ وما هي التحديات المطروحة للقضاء عليه نهائيًا؟
داء السل.. وباء قديم لا يزال يهدد الأرواح
يعدّ السل من أقدم الأمراض التي عرفها الإنسان، وهو مرض معدٍ تسببه بكتيريا تُعرف بالعصيات السلية (Mycobacterium tuberculosis)، وتنتقل عبر الهواء عند السعال أو العطس من شخص مصاب. ورغم كونه مرضًا قابلًا للعلاج والوقاية، إلا أنه لا يزال يشكل خطرًا في العديد من البلدان، خصوصًا في صفوف الفئات الهشة.
على المستوى العالمي، تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن السل يقتل أكثر من 1.5 مليون شخص سنويًا، مما يجعله أحد الأمراض المعدية الأكثر فتكًا. ورغم الجهود الدولية للقضاء عليه، فإن عوامل مثل الفقر، وسوء التغذية، وضعف المناعة تسهم في استمرارية انتشاره.
داء السل في المغرب.. أرقام مقلقة رغم الجهود
يعد المغرب من الدول التي لا تزال تعاني من انتشار داء السل، خاصة في المدن الكبرى والمناطق الهشة. وحسب وزارة الصحة المغربية، يتم تسجيل حوالي 30,000 حالة جديدة سنويًا، وهو رقم مقلق يعكس الحاجة إلى مزيد من الجهود للقضاء على المرض.
وتتركز أغلب الإصابات في الأحياء الفقيرة، حيث الظروف المعيشية الصعبة، والاكتظاظ السكاني، وسوء التهوية، مما يساهم في تفشي العدوى. كما أن بعض الحالات تُسجَّل في صفوف السجناء، والمشردين، والمصابين بأمراض مزمنة مثل داء السكري وفيروس نقص المناعة المكتسبة (السيدا).
كيف يتعامل المغرب مع داء السل؟
اعتمد المغرب استراتيجية وطنية لمحاربة السل، تهدف إلى الحد من انتشاره، وتحسين خدمات التشخيص والعلاج. ومن بين الإجراءات التي تم اتخاذها:
تعزيز برامج الكشف المبكر، خصوصًا في الأحياء الشعبية والمناطق القروية.
توفير العلاج المجاني للمرضى، وفقًا للبرتوكولات العلاجية المعتمدة عالميًا.
تحسين البنية التحتية الصحية، عبر تجهيز مراكز متخصصة لرصد وعلاج الحالات.
تعزيز حملات التوعية بأهمية التشخيص المبكر والالتزام بالعلاج.
التحديات التي تواجه المغرب في محاربة السل
رغم الجهود المبذولة، لا تزال هناك تحديات تعرقل القضاء على داء السل في المغرب، من بينها:
وصمة المرض: لا يزال السل يُعتبر مرضًا مرتبطًا بالفقر، مما يجعل بعض المرضى يترددون في طلب العلاج خوفًا من نظرة المجتمع.
ضعف الإمكانيات في بعض المناطق: رغم تحسن الخدمات الصحية، إلا أن بعض المناطق القروية والنائية تفتقر إلى مراكز متخصصة للكشف المبكر والعلاج.
مقاومة البكتيريا للأدوية: بعض السلالات الجديدة من البكتيريا أصبحت أكثر مقاومة للعلاجات التقليدية، مما يزيد من تعقيد العلاج.
التداخل مع أمراض أخرى: انتشار أمراض مثل السيدا والسكري يزيد من قابلية الإصابة بالسل، مما يجعل مكافحته أكثر صعوبة.
هل يمكن القضاء على السل في المغرب؟
وضعت منظمة الصحة العالمية هدفًا عالميًا للقضاء على السل بحلول عام 2035، لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب جهودًا مكثفة على جميع الأصعدة. وفي المغرب، ورغم الخطوات الإيجابية، فإن القضاء على المرض بشكل نهائي يحتاج إلى:
رفع الميزانية المخصصة لمكافحة السل، وتحسين البنية التحتية الصحية.
تعزيز البحث العلمي لإيجاد لقاحات وعلاجات أكثر فاعلية.
إطلاق حملات توعية قوية لتشجيع المرضى على طلب العلاج دون خوف من الوصم الاجتماعي.
تحسين الظروف المعيشية في الأحياء الفقيرة، حيث ينتشر المرض بشكل أكبر.
رسالة اليوم العالمي لمحاربة السل.. حان الوقت للتحرك
اليوم العالمي لمحاربة داء السل ليس مجرد مناسبة رمزية، بل هو دعوة للعمل الجاد من أجل إنقاذ الأرواح. وفي المغرب، رغم التحسن الملحوظ في التعامل مع المرض، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الجهود للقضاء عليه نهائيًا.
فهل سنتمكن من تحقيق هذا الهدف في السنوات القادمة؟ أم أن داء السل سيظل كابوسًا صحيًا يهدد الفئات الهشة؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة على هذا السؤال.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك