اللحم المستورد في ورطة بالمغرب ورفض المستهلكين يُحرج الجزارين ويهدد حسابات الحكومة!

اللحم المستورد في ورطة بالمغرب ورفض المستهلكين يُحرج الجزارين ويهدد حسابات الحكومة!
تقارير / الأربعاء 19 فبراير 2025 - 16:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:رئاسة التحرير

أضحى استيراد اللحوم الحمراء من الخارج، يثير جدلا واسعا بالمملكة المغربية، سواء في صفوف المستهلكين والجزارين، أو لدى المهتمين والمتتبعين.

اللحم المستورد يفشل في غزو موائد المغاربة

في خطوة لم تكن في حسبان الحكومة، قوبلت شحنات اللحوم المستوردة التي تم إدخالها إلى السوق المغربي بنوع من النفور والرفض من طرف المستهلكين، وهو ما انعكس سلبًا على مستوى الإقبال عليها داخل محلات الجزارة. هذا الوضع دفع الجزارين إلى اتخاذ موقف غير معلن بمقاطعة بيعها تدريجيًا، بعدما باتت تعرضهم لخسائر متزايدة بسبب ركودها في محلاتهم، في الوقت الذي كان يُفترض أن تكون بديلاً عمليًا للحوم المحلية التي ارتفعت أسعارها بشكل قياسي.

قرار الاستيراد في مواجهة ثقافة الاستهلاك المغربي

كان الهدف الرئيسي من استيراد اللحوم الحمراء هو الحد من الارتفاع الصاروخي للأسعار، لكن المعادلة لم تسر وفق توقعات الحكومة. فالمستهلك المغربي يظل متشبثًا بعاداته الغذائية التي تفضل اللحوم المحلية، سواء من حيث الطعم أو الجودة أو طريقة الذبح. هذا العامل الثقافي لعب دورًا حاسمًا في عدم تقبل اللحوم المستوردة، التي وصفها البعض بأنها دون المستوى المطلوب من حيث المذاق واللون وطريقة الحفظ.

ويبدو أن المسألة لا تتعلق فقط بالجانب الذوقي، بل أيضًا بمسألة "الثقة"، إذ يعبر عدد من المواطنين عن مخاوفهم من مصدر هذه اللحوم وكيفية التعامل معها قبل وصولها إلى الأسواق، خاصة وأن جزءًا كبيرًا منها يأتي من دول تعتمد على معايير مختلفة تمامًا عن تلك التي اعتاد عليها المغاربة. كما أن طريقة الذبح في بعض الدول المصدّرة تطرح إشكالات شرعية لدى فئة من المستهلكين الذين يفضلون اللحوم المذبوحة وفق الضوابط الإسلامية المحلية.

الجزارون بين مطرقة الأسعار وسندان الركود

وجد الجزارون أنفسهم في موقف لا يُحسدون عليه؛ فمن جهة هم مجبرون على ترويج هذه اللحوم حتى لا تتسبب في خسائر لهم، ومن جهة أخرى يواجهون عزوف الزبائن الذين يفضلون اللحوم المحلية رغم أسعارها المرتفعة. ومع تكدّس المخزون دون تصريف، بدأ العديد من الجزارين في الامتناع عن بيع اللحوم المستوردة بشكل غير رسمي، معتبرين أن تسويقها في ظل هذا الرفض الشعبي لن يؤدي إلا إلى إضعاف تجارتهم.

وبحسب تصريحات بعض الجزارين، فإن "اللحم المستورد لا يحقق هامش الربح المتوقع، بل يؤدي إلى تراجع ثقة الزبائن، وهو ما يدفعهم إلى تجنبه، حتى لو كان ذلك يعني الاستمرار في التعامل مع اللحوم المحلية رغم غلاء أسعارها".

فشل حكومي في ضبط السوق

رغم محاولات الحكومة تقديم الاستيراد كحل سحري لأزمة ارتفاع أسعار اللحوم، إلا أن هذه السياسة لم تؤتِ أكلها، بل زادت من تعقيد المشهد. فمن جهة، لم تؤثر اللحوم المستوردة على الأسعار المحلية التي ظلت مرتفعة، ومن جهة أخرى لم تحقق هدفها في تلبية حاجيات المستهلكين الذين رفضوها لأسباب مختلفة.

ويطرح هذا الوضع إشكالية أعمق تتعلق بعدم قدرة الحكومة على فهم ديناميات السوق المحلي ورغبات المستهلكين قبل اتخاذ قرارات استراتيجية. فبدلًا من معالجة جذور الأزمة، مثل دعم قطاع تربية المواشي وتخفيف كلفة الأعلاف وتطوير الإنتاج الوطني، اختارت الحكومة حلًا سريعًا لكنه لم يصمد أمام الواقع.

ما البديل؟

في ظل هذا الإخفاق، أصبح السؤال المطروح: ما هو الحل الذي يمكن أن يحقق التوازن بين توفير اللحوم بأسعار مناسبة وضمان جودتها وثقة المستهلكين؟ الخبراء يرون أن الحكومة مطالبة بالتركيز على دعم الإنتاج المحلي بشكل أكبر، وتشجيع الكسابين والمربين عبر سياسات تحفيزية تضمن وفرة العرض بأسعار تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين.

كما أن تطوير بدائل أخرى، مثل تعزيز زراعة الأعلاف محليًا بدل الاعتماد على الاستيراد، يمكن أن يخفف من الضغط على الأسعار، ويعيد الاستقرار إلى السوق دون الحاجة إلى رهانات خاسرة على لحوم مستوردة لا تجد من يشتريها.

هل تعيد الحكومة حساباتها؟

في ظل استمرار الأزمة، يبدو أن السلطات مطالبة بإعادة تقييم سياستها في قطاع اللحوم الحمراء، بدلًا من الإصرار على حلول لم تُحقق النتائج المرجوة. فالمستهلك المغربي أرسل رسالة واضحة برفضه للحوم المستوردة، والجزارون وجدوا أنفسهم أمام واقع تجاري غير مربح، ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على التدخل بقرارات أكثر واقعية وفعالية في المستقبل.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك