أنتلجنسيا المغرب:رئاسة التحرير
تشهد الأسواق المغربية منذ بداية 2025 موجة غير مسبوقة من غلاء الأسعار، مست كل القطاعات الحيوية، من المواد الغذائية الأساسية إلى المحروقات والخدمات، مما عمّق معاناة المواطنين وزاد من حالة الاحتقان الاجتماعي.
هذا الارتفاع الحاد، يأتي في ظل استمرار حكومة عزيز أخنوش في نهج سياسات توصف بالمرتبكة وغير الفعالة، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول مدى قدرتها على الوفاء بتعهداتها الانتخابية، وتأثير ذلك على حظوظها في الاستحقاقات التشريعية المقبلة سنة 2026.
الأسعار تشتعل..والمواطن يئنّ
منذ مطلع العام، عرفت أسعار المواد الغذائية ارتفاعات صاروخية، حيث تجاوزت بعض المواد الأساسية مثل اللحوم والخضر والزيوت والأسماك مستويات غير مسبوقة، ما جعل القدرة الشرائية للمواطن المغربي في تراجع خطير. فمثلاً، ارتفع سعر اللحوم الحمراء إلى أرقام قياسية، بينما سجلت أسعار الدقيق والزيوت ارتفاعات متتالية، وسط غياب أي تدخل حكومي ملموس للحد من الأزمة.
ولم تقتصر موجة الغلاء على المواد الغذائية فقط، بل امتدت إلى قطاع المحروقات، حيث شهدت أسعار البنزين والغازوال ارتفاعًا جديدًا رغم وعود الحكومة بإيجاد حلول لخفض الكلفة الطاقية. هذا الارتفاع انعكس بدوره على أسعار النقل والخدمات اللوجستية، مما زاد من تعقيد الوضع الاقتصادي وضغط أكثر على الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
حكومة أخنوش..الوعود الانتخابية تتبخر؟
خلال الحملة الانتخابية لسنة 2021، وعدت حكومة أخنوش المغاربة بتحسين وضعهم الاقتصادي، وتعهدت بإجراءات صارمة لضبط الأسعار، وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين. لكن بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على توليها المسؤولية، تبدو هذه الوعود مجرد شعارات لم تتحقق، حيث لم تفلح الحكومة في كبح جماح الأسعار أو تقديم حلول فعالة للحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية.
بل على العكس، يرى العديد من المتتبعين أن الحكومة الحالية فشلت في تدبير الملفات الاجتماعية والاقتصادية الكبرى، خاصة مع استمرار تفاقم الدين العام، وغياب سياسات ناجعة لدعم الفئات الهشة، فضلاً عن غياب قرارات حقيقية لمحاسبة المضاربين والمتلاعبين بالأسعار.
هل يدفع أخنوش ثمن الغلاء في انتخابات 2026؟
في ظل هذا الوضع المتأزم، بدأ الحديث مبكرًا عن تأثير هذه الأزمة على الانتخابات التشريعية المقبلة سنة 2026، حيث تواجه الأغلبية الحكومية خطر فقدان ثقة الناخبين، ما قد يهدد حظوظها في الاستمرار في تسيير الشأن العام.
فمع استمرار ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية، يتزايد الغضب الشعبي ضد حكومة أخنوش، وهو ما قد يدفع الناخبين إلى معاقبة الأحزاب المشكلة للأغلبية الحالية، وعلى رأسها حزب التجمع الوطني للأحرار. فكما حدث مع حزب العدالة والتنمية في انتخابات 2021، عندما تعرض لهزيمة قاسية بسبب فشله في تدبير ملفات اقتصادية واجتماعية حساسة، فإن السيناريو نفسه قد يتكرر مع الحكومة الحالية إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة وفعالة لإنقاذ الوضع.
المعارضة تتحرك..هل تستفيد من فشل الحكومة؟
في المقابل، تبدو المعارضة مستعدة لاستغلال هذا الوضع لصالحها، حيث صعّدت من خطابها ضد الحكومة، مطالبة بتدخل فوري لوقف الغلاء ومعاقبة المتلاعبين بالأسعار. أحزاب مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب التقدم والاشتراكية، وحزب العدالة والتنمية، بدأت في استقطاب الناخبين من خلال تبني خطاب يعكس مخاوف الشارع المغربي، ما قد يجعلها في موقع قوي خلال الانتخابات المقبلة.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن المعارضة من تقديم بديل حقيقي وواقعي لحل أزمة الغلاء، أم أن الناخب المغربي سيظل محبطًا من الطبقة السياسية ككل، ويفقد الأمل في أي تغيير جذري؟
الخيارات أمام حكومة أخنوش..هل تتدارك الموقف؟
أمام هذا الوضع المتأزم، لا تزال أمام الحكومة فرصة أخيرة لتدارك الموقف قبل فوات الأوان. ومن بين الخطوات التي يمكن أن تتخذها للخروج من الأزمة:
فرض رقابة صارمة على الأسعار، ومعاقبة المضاربين والمحتكرين لضمان استقرار السوق.
تقديم دعم مباشر للفئات الهشة، لمساعدتها على مواجهة تداعيات الغلاء.
إصلاح نظام المحروقات، وإيجاد حلول واقعية لخفض أسعار الطاقة التي تؤثر على باقي القطاعات.
تحسين التواصل مع المواطنين، وتقديم توضيحات مقنعة حول الإجراءات الحكومية بدل الصمت والغياب الذي يفاقم غضب الشارع.
هل تكون أزمة الأسعار القشة التي تقصم ظهر حكومة أخنوش؟
في ظل استمرار الغلاء وتفاقم الاحتقان الاجتماعي، تبدو حكومة أخنوش أمام تحدٍّ حقيقي قد يحدد مصيرها السياسي في انتخابات 2026. فإذا فشلت في إيجاد حلول فعالة لاحتواء الأزمة، فإن الناخب المغربي قد يعاقبها بشدة في صناديق الاقتراع، مما قد يعيد رسم الخارطة السياسية للبلاد بشكل غير متوقع.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك