مطاعم المغرب في مواجهة كلوفو..شراكة أم استغلال؟

مطاعم المغرب في مواجهة كلوفو..شراكة أم استغلال؟
تقارير / الأحد 26 يناير 2025 00:02:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ن.السعدي

تعاني العديد من المطاعم المغربية، خصوصاً في المدن الكبرى، من صعوبات متزايدة في التعامل مع شركة "كلوفو" المتخصصة في توصيل الطلبات. على الرغم من أن خدمات الشركة قد شكلت نقلة نوعية في طريقة تسليم الطعام، إلا أن العلاقة بين المطاعم و"كلوفو" أصبحت في نظر كثيرين أقرب إلى استغلال مقنّع.

في البداية، رحبت المطاعم بهذه الخدمة، خاصةً مع تصاعد الطلب على التوصيل خلال جائحة كورونا، حيث ساهمت "كلوفو" في الحفاظ على نشاط المطاعم خلال فترات الإغلاق. لكن مع مرور الوقت، ظهرت تحديات ومشكلات أثارت غضب أصحاب المطاعم، ووصلت في بعض الحالات إلى حد إنهاء التعاون مع الشركة.

أبرز الشكاوى التي عبر عنها أصحاب المطاعم تتعلق بنسبة العمولة المرتفعة التي تفرضها "كلوفو". فبينما تتراوح نسب العمولة في العديد من الدول ما بين 10% و15%، تطلب الشركة في المغرب عمولات تصل أحياناً إلى 30% من إجمالي قيمة الطلب. هذا الرقم يعتبره الكثير من أرباب المطاعم مجحفاً، خاصة وأن هامش الربح في القطاع ضيق أصلاً.

من جهة أخرى، يشتكي أصحاب المطاعم من غياب الشفافية في العقود مع "كلوفو". فبعضهم يفاجأ برسوم إضافية غير مذكورة بشكل واضح عند توقيع الاتفاقيات، مثل رسوم الإعلانات الترويجية أو الأولوية في ظهور المطعم على التطبيق، مما يزيد من الأعباء المالية.

بالإضافة إلى ذلك، يعاني أصحاب المطاعم من مشاكل متعلقة بخدمات التوصيل نفسها. حيث وردت شكاوى حول تأخر تسليم الطلبات أو سوء معاملة الزبائن من طرف بعض السائقين، وهو ما ينعكس سلباً على سمعة المطاعم أكثر من الشركة. وفي حال وقوع أخطاء في الطلب، يجد أصحاب المطاعم أنفسهم في مواجهة مباشرة مع الزبائن الغاضبين، بينما تكتفي "كلوفو" بدور الوسيط غير المسؤول.

وفي هذا السياق، يؤكد أحد مالكي المطاعم بالدار البيضاء أن "كلوفو أصبحت عبئاً أكثر منها شريكاً. نحن ندفع عمولات ضخمة، ولكننا في النهاية من يتحمل مسؤولية أي خطأ يحدث أثناء عملية التوصيل. لا يوجد أي توازن في هذه العلاقة."

أما من جانب "كلوفو"، فتدافع الشركة عن سياساتها، مشيرة إلى أن العمولة التي تحصل عليها ضرورية لتغطية تكاليف التشغيل، مثل أجور السائقين وصيانة التكنولوجيا وتطوير التطبيق. لكنها تواجه انتقادات لعدم وجود منصات حوار فعالة مع شركائها من المطاعم، ما يؤدي إلى تصاعد التوتر.

وما يزيد من تعقيد الوضع هو غياب إطار قانوني واضح ينظم العلاقة بين المطاعم وشركات التوصيل، حيث تعمل هذه الشركات بحرية كبيرة دون قيود تُلزمها بحدود معقولة للعمولات أو بمستوى معين من الخدمة. وفي هذا السياق، طالب عدد من أصحاب المطاعم بتدخل السلطات لوضع ضوابط على نشاط هذه الشركات، حمايةً لمصالحهم وضماناً لحقوق المستهلكين.

التحديات التي تواجه المطاعم لا تقتصر على كلوفو فقط، بل تمتد إلى المنافسة غير المتكافئة بين هذه الشركات العملاقة والمطاعم التي تعاني أصلاً من أزمات متعددة، مثل ارتفاع تكاليف المواد الأولية، والإيجارات الباهظة، والضرائب.

للتغلب على هذا الوضع، ظهرت محاولات خجولة من بعض المطاعم لإنشاء منصات محلية خاصة بها أو للتعاون مع شركات توصيل ناشئة توفر شروطاً أفضل. لكن هذه المبادرات لا تزال تواجه تحديات كبيرة في منافسة الشركات العملاقة التي تتمتع بموارد هائلة وانتشار واسع.

في النهاية، يظل السؤال المطروح: هل ستستمر المطاعم في التعايش مع شروط "كلوفو" القاسية، أم أن الوقت قد حان لإعادة صياغة العلاقة بين الطرفين بما يحقق التوازن؟ وماذا عن دور السلطات في تنظيم هذا القطاع سريع النمو؟ الإجابة قد تحدد مستقبل قطاع المطاعم في المغرب، الذي يُعد واحداً من أعمدة الاقتصاد المحلي وأحد أهم واجهات السياحة في البلاد.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك