أنتلجنسيا المغرب:رئاسة التحرير
في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعاني منها المواطن المغربي، يبرز ملف أسعار المحروقات كواحد من أكثر القضايا إثارة للجدل، حيث تتهم أصابع النقد لوبي المحروقات، بقيادة شركات كبرى يتحكم في إحداها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، باستنزاف جيوب المواطنين دون رقيب أو حسيب.
ومع استمرار ارتفاع أسعار الوقود على الرغم من تراجعها في الأسواق الدولية، يتساءل الشارع المغربي: من يحمي هذا اللوبي؟ ولماذا تستمر الحكومة في التغاضي عن ممارساته؟
ارتفاع الأسعار: معاناة مستمرة للمواطنين
رغم تراجع أسعار النفط عالميًا في بعض الفترات، إلا أن المواطن المغربي لا يشعر بأي انعكاس إيجابي على أسعار المحروقات المحلية. على العكس من ذلك، استمرت الأسعار في الارتفاع لتصل إلى مستويات قياسية، متجاوزة أحيانًا 17 درهمًا للتر الواحد. هذا الفارق بين الأسعار العالمية والمحلية يثير استياء المواطنين، الذين يرون أن شركات التوزيع تحقق أرباحًا خيالية على حسابهم، دون أي تدخل جدي من الحكومة للحد من هذا الجشع.
دور عزيز أخنوش في الأزمة
يشكل الدور المزدوج لعزيز أخنوش، رئيس الحكومة ومالك إحدى أكبر شركات توزيع المحروقات في المغرب، محور الجدل. فبصفته على رأس السلطة التنفيذية، يُفترض أن يكون مسؤولًا عن وضع سياسات تحمي المواطنين من الاستغلال. إلا أن تضارب المصالح بين منصبه كرئيس للحكومة وملكيته لشركة تعمل في قطاع المحروقات، يثير شكوكًا حول قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات جريئة لإصلاح هذا القطاع الحيوي.
منذ تحرير أسعار المحروقات في 2015، شهد المغرب موجة غير مسبوقة من الزيادات في الأسعار، دون أن تقابلها أي إجراءات رقابية أو آليات لضمان المنافسة العادلة. وتُظهر التقارير أن شركات المحروقات، وعلى رأسها تلك المملوكة لأخنوش، حققت أرباحًا ضخمة، في حين تُرك المواطن ليواجه تبعات هذه القرارات وحده.
حماية غامضة من الجهات المسؤولة
رغم الانتقادات الواسعة من قبل المواطنين والمجتمع المدني، يبدو أن لوبي المحروقات يحظى بحماية غير مفهومة من السلطات المختصة. تقارير مجلس المنافسة أكدت وجود شبهات تواطؤ بين شركات التوزيع لتحديد الأسعار بشكل يضر بالمستهلك، إلا أن العقوبات المفروضة ظلت رمزية ولم تؤدِ إلى أي تغيير حقيقي في السوق.
هذا الواقع يثير تساؤلات حول سبب غياب الحزم في مواجهة هذا اللوبي، وما إذا كانت هناك مصالح مشتركة بينه وبين بعض الأطراف المؤثرة في القرار السياسي والاقتصادي.
تأثيرات كارثية على الاقتصاد والمجتمع
ارتفاع أسعار المحروقات لا يقتصر تأثيره على المواطن فقط، بل يمتد ليشمل قطاعات اقتصادية حيوية مثل النقل، الصناعة، والزراعة. هذا الواقع يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والخدمات، مما ينعكس في النهاية على أسعار المواد الأساسية ويزيد من معاناة الأسر المغربية، خصوصًا في ظل معدلات التضخم المرتفعة وتآكل القدرة الشرائية.
الحلول الممكنة: هل من مخرج؟
لحل أزمة المحروقات في المغرب، يتطلب الأمر إجراءات شجاعة وجذرية، تتضمن:
- إعادة النظر في تحرير الأسعار: فرض آليات تنظيمية تضمن شفافية السوق وتحد من استغلال المواطنين.
- تعزيز الرقابة على القطاع: تمكين مجلس المنافسة من سلطات أكبر لمعاقبة الممارسات الاحتكارية.
- تشجيع الانتقال إلى الطاقات المتجددة: تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري من خلال دعم مبادرات الطاقة النظيفة.
- محاسبة الجهات المتورطة: التحقيق في شبهات التواطؤ وضمان تطبيق القانون على الجميع دون استثناء.
احتقان شعبي متزايد
في ظل غياب حلول حقيقية، يزداد الغضب الشعبي تجاه ما يُعتبر استنزافًا ممنهجًا لجيوب المواطنين. الاحتجاجات والانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي تعكس مدى السخط من استمرار الوضع الراهن، مع مطالبات بمساءلة المتورطين في هذه الأزمة.
ختاما، تظل قضية المحروقات في المغرب نموذجًا لتشابك المصالح بين السلطة السياسية والاقتصادية. ومع استمرار هذه الوضعية، يبدو أن الحكومة، بقيادة أخنوش، تواجه اختبارًا صعبًا بين تلبية تطلعات المواطنين أو الانحياز إلى مصالح لوبي المحروقات. الإجابة على هذا السؤال ستحدد مدى مصداقية الحكومة في التعامل مع الملفات الاجتماعية الحساسة، ومدى قدرتها على بناء اقتصاد عادل يخدم الجميع.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك