أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
في تطور سياسي مفاجئ، أعلنت القناة 12 الإسرائيلية أن استقالة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزراء حزبه "القوة اليهودية"، دخلت حيز التنفيذ اليوم الثلاثاء 21 يناير 2025، ما أثار عاصفة سياسية غير مسبوقة تهدد استقرار الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو.
الاستقالة جاءت في أعقاب أسابيع من التوترات الحادة داخل الائتلاف الحاكم، وسط اتهامات متبادلة بين قادة الأحزاب الشريكة في الحكومة حول قضايا أساسية، من بينها التصعيد الأمني في الأراضي الفلسطينية، وتوسيع المستوطنات، والخلافات بشأن مشاريع قوانين أثارت جدلاً واسعاً داخل إسرائيل وخارجها.
خلفيات الاستقالة
إيتمار بن غفير، المعروف بمواقفه المتشددة والمثيرة للجدل، لم يُخفِ استياءه المتزايد من سياسات حكومة نتنياهو، التي اعتبرها "مترددة وغير حاسمة" في مواجهة التحديات الأمنية، وفق تصريحاته الأخيرة. وأشار إلى أن الخطوط العريضة للحكومة لم تعد تتماشى مع أجندة حزبه، خصوصاً فيما يتعلق بالتعامل مع ملف الفلسطينيين وقضايا الأمن القومي.
مصادر مقربة من حزب "القوة اليهودية" أكدت أن الاستقالة جاءت بعد فشل محاولات بن غفير الضغط على الحكومة لتبني قرارات أكثر صرامة تجاه ما وصفه بـ"التهديدات الأمنية"، بما في ذلك شن عمليات عسكرية واسعة النطاق في الضفة الغربية وفرض إجراءات أمنية مشددة على الفلسطينيين في القدس.
تداعيات داخل الحكومة
استقالة بن غفير ووزراء حزبه تُعتبر ضربة قاسية للائتلاف الحكومي، الذي يعتمد على أغلبية هشة في الكنيست. ومع انسحاب "القوة اليهودية"، فقدت الحكومة توازنها البرلماني، ما يضعها أمام احتمال انهيار وشيك أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة، وهو السيناريو الذي يخشاه نتنياهو في ظل تراجع شعبيته مؤخرًا بسبب الاحتجاجات الداخلية والسياسات المثيرة للجدل.
الاستقالة أثارت موجة من الانتقادات داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية، حيث وصفها البعض بأنها خطوة "غير مسؤولة" تزيد من تعقيد المشهد السياسي، بينما رأى آخرون أنها "نتيجة طبيعية" لانعدام الانسجام داخل الائتلاف.
ردود الفعل المحلية والدولية
داخليًا، تصاعدت حدة الانتقادات ضد بن غفير من أطراف المعارضة، التي اعتبرت استقالته "مسرحية سياسية" تهدف إلى تعزيز صورته أمام قاعدته اليمينية المتشددة. وقال زعيم المعارضة يائير لابيد إن "هذه الحكومة كانت دائمًا على شفا الانهيار، واستقالة بن غفير ليست سوى البداية".
أما دوليًا، فقد أعربت جهات عدة عن قلقها من تأثير استقالة بن غفير على استقرار الوضع الأمني في المنطقة. ويرى محللون أن خروج بن غفير قد يدفع الحكومة إلى اتخاذ مواقف أكثر حذراً في التعامل مع الملف الفلسطيني، أو على العكس، تبني سياسات متشددة لاحتواء غضب اليمين المتطرف.
السيناريوهات المحتملة
مع دخول استقالة بن غفير ووزرائه حيز التنفيذ، تقف حكومة نتنياهو أمام عدة سيناريوهات، جميعها تنطوي على تحديات كبيرة. السيناريو الأول يتمثل في محاولات إعادة تشكيل الائتلاف عبر استقطاب أحزاب أخرى من المعارضة، وهو أمر يبدو صعبًا نظرًا لانعدام الثقة بين الأطراف السياسية.
السيناريو الثاني قد يكون التوجه نحو انتخابات مبكرة، وهو ما قد يعيد تشكيل الخريطة السياسية في إسرائيل. أما السيناريو الثالث، والأكثر تعقيدًا، فهو استمرار الحكومة كحكومة أقلية، ما يجعلها عرضة للابتزاز السياسي والانهيار في أي لحظة.
مستقبل بن غفير السياسي
استقالة بن غفير قد تكون مقامرة سياسية تهدف إلى تعزيز نفوذه داخل اليمين المتطرف، خاصة إذا تمكن من استثمارها لكسب دعم أوسع في حال جرت انتخابات مبكرة. ومع ذلك، يرى محللون أن هذه الخطوة قد تنعكس عليه سلباً إذا فشل في تقديم نفسه كزعيم قوي قادر على تحقيق ما يعجز عنه الآخرون في المشهد السياسي الإسرائيلي.
فبينما تُلقي استقالة بن غفير بظلالها على حكومة نتنياهو، يواجه المشهد السياسي الإسرائيلي مرحلة جديدة من عدم الاستقرار قد تُحدث تحولات كبيرة في السياسة الداخلية والخارجية للبلاد. ومع استمرار التوترات الإقليمية والاحتجاجات الشعبية، يبقى السؤال المطروح: هل يستطيع نتنياهو الصمود في وجه هذه العاصفة السياسية؟ أم أن إسرائيل تتجه نحو فصل جديد من الاضطرابات السياسية؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك