أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر
في واحدة من أكثر العمليات حساسية وتعقيداً في النزاع الدائر بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، تصاعد الجدل حول دور الاستخبارات الإقليمية العربية وتحديدا مصر والأردن والدولية في تمكين إسرائيل من تنفيذ اغتيالات دقيقة ضد قيادات بارزة في المقاومة.
أحدث هذه العمليات، التي طالت "يحيى السنوار"، القائد الأبرز في كتائب عز الدين القسام ورئيس حركة المقاومة الإسلامية بفلسطين، أثارت تساؤلات عميقة حول كيفية حصول إسرائيل على معلومات دقيقة مكنتها من تنفيذ الضربة بفعالية.
عملية معقدة ومعلومات دقيقة
مصادر متعددة مطلعة على تطورات العملية أكدت أن نجاح إسرائيل في تنفيذ الهجوم استند إلى معلومات استخباراتية عالية الدقة حول تحركات القيادي المستهدف ومكان تواجده. هذه المعلومات، وفق تقارير غير رسمية، لم تأتِ نتيجة عمل استخباري ميداني إسرائيلي فحسب، بل جاءت نتيجة تعاون استخباراتي عابر للحدود، شاركت فيه أطراف خارجية بشكل مباشر أو غير مباشر.
توقيت العملية، الذي جاء وسط تصعيد عسكري كبير، يثير التساؤل حول مدى دقة المعلومات التي أتيحت لإسرائيل. المسؤولون الإسرائيليون أعلنوا، كما جرت العادة، أن العملية استندت إلى "جهود استخباراتية محلية"، غير أن مصادر مستقلة تشير إلى أن طرفاً إقليمياً قدم معلومات مفصلة عن تحركات القيادي، مما مكّن إسرائيل من تحديد مكانه بدقة وتنفيذ الهجوم بسرعة وفعالية.
أساليب التعقب والاختراق
ما يميز هذه العملية هو التكتيك الاستخباراتي المستخدم، الذي يعتقد أنه اعتمد على تقنيات متقدمة تشمل تعقب الاتصالات والرصد عبر الطائرات المسيرة. إلا أن الدور المحوري كان للمعلومات البشرية، حيث تشير تقارير إلى احتمال وجود تعاون بين شبكات استخباراتية إقليمية وإسرائيلية.
هذه الأساليب ليست جديدة، إذ سبق لإسرائيل أن استخدمت مزيجاً من الوسائل التكنولوجية والبشرية لاستهداف قادة المقاومة. غير أن الاعتماد على مصادر خارجية في هذه الحالة يُبرز عمق التعاون الاستخباراتي الذي بات يتخطى الحدود التقليدية للصراعات الإقليمية.
البعد الإقليمي للعملية
تورط جهة إقليمية في تقديم المعلومات الحيوية لإسرائيل يعكس تعقيدات المشهد السياسي والاستخباراتي في المنطقة. الهدف من هذا التعاون يبدو أنه تحقيق مصالح مشتركة بين الأطراف المعنية، حيث يمكن لإسرائيل أن تستفيد من هذه المعلومات في استهداف خصومها، بينما قد تحصل الجهة المانحة للمعلومات على مكاسب سياسية أو أمنية خاصة بها.
في هذه الحالة، يبدو أن الجهة الإقليمية المعنية كانت لديها القدرة على الوصول إلى معلومات دقيقة عن القيادي المستهدف، إما عبر مصادر ميدانية أو عبر تعقب الاتصالات. هذه المعلومات تم تقديمها لإسرائيل بطرق سرية، ما مكّنها من استهداف الهدف دون ترك أي أثر واضح يشير إلى الجهة المانحة للمعلومات.
تداعيات اغتيال القيادي
العملية أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط الفلسطينية والإقليمية، حيث اعتبرتها المقاومة "خيانة مزدوجة" تجمع بين دور إسرائيل التقليدي في استهداف القيادات، ودور بعض الأطراف الإقليمية في تمكين هذا الاستهداف. التصعيد المتوقع بعد هذه العملية قد يشمل ردود فعل حادة من المقاومة الفلسطينية تجاه إسرائيل، وربما تجاه الأطراف التي يُشتبه في تورطها بتقديم المعلومات.
في الوقت نفسه، يفتح هذا الحدث الباب أمام نقاش أوسع حول الأبعاد الأخلاقية والسياسية لتورط أطراف إقليمية في دعم عمليات استخباراتية تنتهك السيادة وتستهدف قادة المقاومة.
في انتظار الحقائق الكاملة
بينما تظل الكثير من تفاصيل العملية محاطة بالسرية، يبقى من الواضح أن هذه الحادثة تشكل نقطة تحول في طبيعة الصراع. تطور التعاون الاستخباراتي الإقليمي والدولي واستخدامه في استهداف شخصيات بارزة يؤكد أن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي لم يعد مسألة محلية فحسب، بل أصبح جزءاً من لعبة جيوسياسية أكبر، تلعب فيها الأطراف الإقليمية والدولية أدواراً متزايدة التعقيد والخطورة.
مستقبل المقاومة في مواجهة هذه التحديات يعتمد على قدرتها على تعزيز منظومتها الأمنية والاستخباراتية، وتقليل فرص تعرضها للاختراق، في ظل واقع متغير يعج بالتحديات.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك