أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر
مع اقتراب سنة 2025، يجد المغاربة أنفسهم أمام زيادة مرتقبة في أسعار الوقود، تضاف إلى سلسلة الضغوط المعيشية التي تعيشها البلاد.
حكومة عزيز أخنوش، التي تواجه تحديات كبرى في تحقيق التوازن بين الأعباء المالية والاستجابة لتطلعات المواطنين، قررت إقرار زيادة في أسعار الغازوال والبنزين، تبدأ مع الساعات الأولى من السنة الجديدة، مما يُثير جدلاً واسعاً في الأوساط الشعبية والسياسية.
تفاصيل الزيادة المرتقبة
وفقًا للمعطيات المتوفرة، سيشهد سعر الغازوال زيادة بواقع 33 سنتيمًا للتر الواحد، بينما سيرتفع البنزين بحوالي 28 سنتيمًا، مع تفاوت طفيف في هذه الأرقام حسب المناطق وشركات التوزيع.
وعلى الرغم من أن هذه الزيادة تبدو "محدودة" للوهلة الأولى، إلا أن أثرها يمتد إلى العديد من القطاعات الحيوية، بدءًا من النقل وصولاً إلى أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية.
مبررات الحكومة: توازن اقتصادي أم ضغط دولي؟
تُرجع الحكومة هذه الزيادة إلى تقلبات السوق الدولية وارتفاع أسعار النفط الخام، مشيرة إلى أن المغرب، كبلد غير منتج للنفط، يعتمد بشكل كبير على الاستيراد لتلبية احتياجاته الطاقية. ويأتي هذا التبرير في وقت يُتوقع فيه أن تواصل أسعار النفط ارتفاعها عالميًا نتيجة التوترات الجيوسياسية والاضطرابات في سلاسل التوريد.
إلى جانب ذلك، تسعى حكومة أخنوش إلى الحفاظ على استقرار ميزانية الدولة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية المتراكمة، بما في ذلك آثار جائحة كوفيد-19 وتداعيات الحرب في أوكرانيا، فضلاً عن التزامها ببرامج اجتماعية طموحة مثل الحماية الاجتماعية ودعم الفئات الهشة.
ردود فعل الشارع المغربي
الزيادة المرتقبة أثارت استياءً واسعًا بين المغاربة، الذين يعانون بالفعل من ارتفاع تكاليف المعيشة. يُعبر محمد، سائق سيارة أجرة في الدار البيضاء، عن قلقه قائلاً: "كلما زاد سعر الوقود، أجد نفسي مضطرًا لزيادة تسعيرة الركوب، وهذا يؤثر سلبًا على الزبائن وعلى دخلي اليومي".
من جهتها، ترى ليلى، موظفة في القطاع الخاص، أن "هذه الزيادة ليست مفاجئة، لكنها تؤكد أن الحكومة لا تولي اهتمامًا كافيًا لمعاناة الطبقة المتوسطة والفقيرة".
المعارضة: هجوم على سياسات أخنوش
لم تتأخر أحزاب المعارضة في انتقاد هذه الخطوة، معتبرة أنها تعكس "فشلًا" في إدارة الملف الطاقي. وقالت إحدى القياديات في المعارضة: "بينما تُخصص الحكومة مئات الملايين لدعم برامج اقتصادية واجتماعية، تفشل في اتخاذ خطوات جادة لحماية المواطن البسيط من تداعيات تقلبات أسعار النفط".
ودعت المعارضة إلى البحث عن حلول بديلة مثل تخفيض الضرائب المفروضة على الوقود أو تعزيز الاستثمار في الطاقات المتجددة لتقليل الاعتماد على الوقود المستورد.
هل الزيادة حتمية؟
بين مبررات الحكومة وانتقادات الشارع والمعارضة، يبقى السؤال مطروحًا حول ما إذا كانت هذه الزيادة حتمية أم أنه كان بالإمكان تأجيلها أو تقليل أثرها. ويرى خبراء اقتصاديون أن المغرب، رغم الضغوط المالية، يمكنه اللجوء إلى سياسات مبتكرة لتخفيف العبء عن المواطن، مثل تقوية برامج الدعم المباشر للفئات المتضررة أو تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي.
انعكاسات على المدى القريب والبعيد
الزيادة في أسعار الوقود لا تؤثر فقط على تكاليف النقل، بل تمتد لتشمل جميع القطاعات الاقتصادية تقريبًا. من المتوقع أن ترتفع أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات، مما يزيد من معدلات التضخم. كما قد يؤدي هذا الوضع إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في ظل ركود الأجور وارتفاع تكاليف الحياة.
على المدى البعيد، قد يكون لهذه الزيادات أثر إيجابي إذا استُثمرت عائداتها في مشاريع تنموية تُخفف من عبء الاستيراد وتُعزز الاستقلال الطاقي للبلاد. ومع ذلك، تبقى فعالية هذه السياسات رهينة بمدى قدرة الحكومة على كسب ثقة الشارع وتنفيذ برامجها بكفاءة.
نظرة إلى المستقبل
مع بداية 2025، تجد حكومة عزيز أخنوش نفسها في موقف دقيق. فبين ضرورة تحقيق الاستقرار المالي وتنفيذ الإصلاحات، وبين مواجهة الضغط الشعبي والمعارضة، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق توازن يُرضي الجميع. ومع استمرار المغاربة في مطالبة الحكومة بحلول واقعية ومبتكرة، يبقى المستقبل مفتوحًا على كافة الاحتمالات. فهل ستتمكن الحكومة من إدارة هذه الأزمة بحنكة أم أنها ستواجه مزيدًا من الانتقادات والغضب الشعبي؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك