الدورية 735..مغامرة مالية تدفع حكومة "أخنوش" إلى وضع يدها في جيب المواطن المغربي

الدورية 735..مغامرة مالية تدفع حكومة "أخنوش" إلى وضع يدها في جيب المواطن المغربي
تقارير / السبت 28 دجنبر 2024 18:00:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

في خطوة غير مسبوقة، أصدرت وزارة المالية دورية رقم 735 التي تشكل، دون شك، واحدة من أخطر القرارات المالية في العشر سنوات الأخيرة.

هذه الدورية تفتح بابًا واسعًا للضغط على جيب المواطن المغربي بشكل مباشر، في وقت تعاني فيه العديد من الفئات من ضغوطات اقتصادية خانقة.

لكن الغموض الذي يكتنف بعض بنودها(الدورية 735)، يجعلها محط قلق كبير بين المواطنين والمراقبين الماليين على حد سواء.

في هذا التقرير، نستعرض أبرز النقاط المثيرة للجدل التي جاءت بها هذه الدورية، وتداعياتها المحتملة على المواطنين والنظام البنكي المغربي.

غموض موجودات الحسابات البنكية

إحدى النقاط الأكثر إثارة للجدل في الدورية 735 تتعلق بالموجودات المودعة في الحسابات البنكية. في غياب شروحات مفصلة من إدارة الضرائب، يظل الأمر غامضًا هل يتعلق بالموجودات النقدية التي تم تحصيلها من أنشطة غير مصرح بها أم ببساطة تلك المدخرات المعتادة للمواطنين؟ هذا الغموض خلق حالة من الفزع والبلبلة في الوسط البنكي، مما سيؤدي إلى تداعيات غير مرغوب فيها على النظام المصرفي الوطني.

بدلاً من أن تشجع الحكومة المغاربة على استخدام الحسابات البنكية، كما كان الهدف المعلن من خلال العديد من السياسات النقدية، فإن هذا القرار قد يدفع المواطنين إلى التنصل من المنظومة البنكية، وهو أمر قد تكون له آثار سلبية على الثقة في القطاع البنكي المغربي في المستقبل.

فرض ضرائب على «تحويشة العمر»... هل هو تدخل في الحرية الشخصية؟

من بين النقاط الأكثر إثارة في الدورية، نجد فرض 5% ضريبة على الأموال المخبأة خارج البنوك. هذا القرار أثار استياء العديد من المواطنين، حيث سُئلوا في وكالات إدارة الضرائب أن يضعوا أموالهم في البنوك، ثم يدفعوا عنها مبلغ 5% لتصفية ذمتهم الجبائية. لكن السؤال المطروح هو: ما معنى فرض ضريبة على « تحويشة العمر »؟ هذا القرار يشكل عبئًا إضافيًا على فئات واسعة من المغاربة، خصوصًا لأولئك الذين يرفضون التعامل مع البنوك لأسباب دينية أو ثقافية. وهو أيضًا تدخل غير مبرر في حرية المواطن الشخصية، التي يكفلها الدستور المغربي.

ضريبة على العقارات غير المخصصة لغرض مهني

تطرقت الدورية أيضًا إلى فرض ضريبة على المنقولات والعقارات المقتناة والتي لا تُستخدم لأغراض مهنية. ومع أن المواطنين قد دفعوا بالفعل الرسوم الضريبية عند توثيق العقود، فإن القرار الجديد يفرض عليهم دفع ضرائب إضافية، مما يعقد الوضع ويسهم في زيادة العبء الضريبي. هذه الخطوة قد تؤدي إلى تراجع النشاط العقاري، وهو ما سينعكس سلبًا على سوق العقار والأنشطة المرتبطة به مثل رسوم التسجيل والتحفيظ وأتعاب الموثقين.

ضربة قاسية لثقة المواطنين في النظام البنكي

الدورية 735 تتضمن قرارات قد تضر بشكل غير مباشر بثقة المواطنين في النظام البنكي المغربي. بدلاً من تحفيز المغاربة على إدخال أموالهم إلى البنوك، يتوقع أن يتجه العديد منهم إلى « الجليجة » (الاحتفاظ بالأموال خارج النظام البنكي) أو اللجوء إلى عمليات الاكتناز، وهو ما يتناقض مع توجهات بنك المغرب التي تحاول تعزيز التعاملات البنكية.

بالإضافة إلى ذلك، فرض الضرائب على المبالغ التي يحتفظ بها المواطنون في شكل نقدي سيؤدي إلى ارتفاع الضغط على النظام البنكي في حال قرر المواطنون التصريح بهذه الأموال أو وضعها في الحسابات البنكية. ومن غير المستبعد أن تجد إدارة الضرائب نفسها غير قادرة على تحديد حجم الأموال وأماكن تواجدها، مما يضعف فعالية القرار ويجعله في حكم الضربة غير المحققة.

غياب التوضيح الرسمي والمسؤولية الحكومية

رغم خطورة هذه الدورية وتداعياتها المحتملة، فقد غابت عن النقاش العمومي بشكل واضح، حتى في شبكات التواصل الاجتماعي. وهذا غياب يتطلب محاسبة الحكومة، التي تتحمل مسؤولية التفسير الكامل والشامل لهذا القرار للمواطنين. فبدلاً من أن تبادر الحكومة إلى شرح هذه التدابير المالية بالتفصيل ورفع أي لبس حولها، بقيت الأمور غامضة، مما زاد من حالة التوتر والقلق لدى المواطنين.

مسؤولية الحكومة تتجلى في توفير تواصل شفاف مع المواطنين، خاصة عندما يتعلق الأمر بقرارات مالية تمس بشكل مباشر جيوبهم وحرياتهم. فإلى حين اتخاذ الخطوات اللازمة لتوضيح هذه النقاط، تظل هذه الدورية مصدر قلق حقيقي قد تكون له تداعيات سلبية على الثقة في السياسات المالية والنقدية في المغرب.

خلاصة القول، إن الدورية 735 تفتح الباب أمام أزمة مالية جديدة قد تؤثر على العلاقات بين الدولة والمواطنين. وبينما تُركت الفجوات في التفسير والتواصل، تبقى المسؤولية الكبرى على الحكومة في التعامل مع هذه الأزمة بشكل يضمن توازنًا بين ضرورة تحصيل الضرائب وحماية حقوق المواطنين.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك