أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
في تطور إيجابي يعكس الجهود المبذولة في مكافحة غسل الأموال، أفاد تقرير معهد بازل لعام 2024 بأن المغرب شهد تحسنًا ملحوظًا في تصنيفه ضمن المؤشر العالمي لمخاطر غسل الأموال. رغم ذلك، أشار التقرير إلى أن المملكة لا تزال تحت عتبة المعدل العالمي، ما يضعها أمام تحديات وفرص لتعزيز سياساتها في هذا المجال الحيوي.
موقع المغرب في التصنيف العالمي
يُظهر تقرير معهد بازل، الذي يعتبر مرجعًا دوليًا لتقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أن المغرب تحسن في تصنيفه مقارنة بالسنوات الماضية. إذ انخفضت درجة المخاطر الإجمالية التي حصل عليها المغرب، مما يعكس تقدمًا في التدابير التشريعية والرقابية التي تبنتها السلطات المغربية في السنوات الأخيرة.
رغم هذا التقدم، أشار التقرير إلى أن المغرب لا يزال تحت المعدل العالمي، مما يعني أن هناك تحديات مستمرة في هذا المجال. وشدد التقرير على أهمية زيادة التنسيق بين المؤسسات المالية والأجهزة الرقابية، إضافة إلى تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الشبكات الإجرامية العابرة للحدود.
أبعاد التحسن المغربي
يرجع التحسن في تصنيف المغرب إلى سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المغربية، بما في ذلك:
- تعزيز التشريعات: تبني قوانين صارمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تتماشى مع المعايير الدولية التي وضعتها مجموعة العمل المالي (FATF).
- رفع مستوى الرقابة: إنشاء هيئات رقابية متخصصة مثل وحدة معالجة المعلومات المالية، والتي تعمل على مراقبة المعاملات المالية المشبوهة.
- التعاون الدولي: توسيع نطاق الاتفاقيات الثنائية والإقليمية لمكافحة غسل الأموال، إضافة إلى تبادل المعلومات مع الشركاء الدوليين.
القطاع المصرفي في دائرة الضوء
يُعد القطاع المصرفي في المغرب أحد الركائز الأساسية في مكافحة غسل الأموال. التقرير أثنى على الإجراءات التي اتخذتها المؤسسات المالية المغربية لتحسين الشفافية وتعزيز الامتثال للقوانين. ومع ذلك، دعا إلى مزيد من التدقيق على التحويلات المالية والتعاملات النقدية، خاصة تلك المرتبطة بالشركات الوهمية أو العمليات العابرة للحدود.
التحديات المتبقية
رغم التحسن، أشار تقرير معهد بازل إلى عدد من التحديات التي تواجه المغرب في مكافحة غسل الأموال، من أبرزها:
- ضعف التنسيق بين الجهات المعنية: رغم وجود مؤسسات رقابية، إلا أن التنسيق بينها قد يحتاج إلى تحسين لضمان استجابة فعالة للتحديات.
- النشاط غير الرسمي: الاقتصاد غير الرسمي في المغرب يشكل بيئة خصبة لغسل الأموال، مما يتطلب جهودًا مضاعفة لدمجه في الاقتصاد الرسمي.
- الشبكات الدولية: المغرب، بحكم موقعه الجغرافي الاستراتيجي، يبقى مهددًا بالشبكات الدولية التي تستغل نقاط الضعف في النظام المالي العالمي.
رسائل سياسية وتحركات مستقبلية
يُعد تقرير معهد بازل بمثابة رسالة للمغرب لمواصلة جهوده في مكافحة غسل الأموال، مع التركيز على الإصلاحات القانونية والهيكلية. كما يُمثل فرصة للقيادة المغربية لتأكيد التزامها بالمعايير الدولية، وتعزيز صورتها كوجهة آمنة للاستثمار والتعاون الاقتصادي.
في ظل هذه التطورات، يبقى تعزيز الشفافية والرقابة حجر الزاوية لتحقيق تقدم أكبر في التصنيف العالمي. جهود المغرب المستمرة في هذا المجال ليست فقط خطوة نحو تحسين التصنيفات، ولكنها أيضًا تعكس إرادة سياسية قوية لحماية الاقتصاد الوطني وصيانة الأمن المالي للبلاد.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك