تقارير / الخميس 19 دجنبر 2024 00:24:00 / لا توجد تعليقات: أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
في الثامن عشر من ديسمبر 1975، اغتيل عمر بنجلون، السياسي والنقابي والصحافي المغربي، في حادثة شكلت واحدة من أعنف الأحداث السياسية في تاريخ المغرب الحديث.
ومع مرور 49 سنة على اغتياله، لا يزال اسم بنجلون حاضرًا بقوة في الذاكرة الوطنية كرمز للنضال من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
عمر بنجلون:مسيرة نضالية حافلة
وُلد عمر بنجلون في مدينة وجدة سنة 1936، وكان منذ شبابه نموذجًا للالتزام الفكري والسياسي. انتمى إلى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وكان من أبرز قياداته، حيث ساهم في توجيه الحزب نحو الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الطبقة العاملة. كما تميز بمساهماته الفكرية والصحافية، إذ عمل على إصدار صحف تعكس طموحات النضال التقدمي آنذاك.
محطات بارزة في مسيرته:
النضال النقابي: كان بنجلون من القيادات البارزة في الاتحاد المغربي للشغل، حيث دافع عن حقوق العمال وكان صوتًا قويًا ضد الاستغلال.
النشاط السياسي: لعب دورًا محوريًا في تأسيس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعد انشقاقه عن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.
الصحافة والمنابر الحرة: شغل منصب مدير صحيفة "المحرر"، التي كانت تمثل لسان حال الحركة التقدمية، وواجه بسببها مضايقات عديدة من السلطات.
اغتيال بنجلون: جريمة سياسية هزت المغرب
في صباح يوم اغتياله، كان عمر بنجلون يستعد لمغادرة منزله بالدار البيضاء حين تعرض لهجوم مسلح من قبل شابين باستخدام أسلحة بيضاء، ما أدى إلى وفاته فورًا.
الملابسات:
أشارت التحقيقات إلى تورط الجماعة الإسلامية الناشئة آنذاك في عملية الاغتيال.
أكد المحللون أن الجريمة جاءت في سياق الصراع السياسي الذي كان يحتدم بين التيارات اليسارية والحركات الإسلامية، فضلاً عن ضغوط الدولة على القوى المعارضة.
ردود الأفعال: حزن وغضب عارم
شكل اغتيال عمر بنجلون صدمة كبيرة للطبقة السياسية ولعموم المغاربة. خرجت مظاهرات ضخمة تندد بالجريمة وتطالب بالكشف عن المتورطين فيها.
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية:
اعتبر الحزب الاغتيال هجومًا على مشروعه النضالي، وأكد على مواصلة المسيرة التي بدأها بنجلون.
الذاكرة الشعبية:
تحول عمر بنجلون إلى رمز للنضال، واسمه ظل مرتبطًا بالحرية والديمقراطية، حيث يُستشهد بمواقفه ومبادئه في كل مناسبة سياسية هامة.
إرث بنجلون: أفكار خالدة ونضال مستمر
رغم مرور عقود على اغتياله، لا تزال أفكار عمر بنجلون تجد صداها في المشهد السياسي المغربي. فهو كان من أوائل من دعا إلى الديمقراطية الاجتماعية وربط بين العدالة الاقتصادية والسياسية.
إرثه السياسي:
دافع عن ضرورة تحديث الدولة ومؤسساتها لتكون في خدمة الشعب، وهو ما تزال قوى سياسية عديدة تضعه كجزء من برامجها.
سعى إلى فصل الدين عن السياسة، مما جعله هدفًا للتيارات الأصولية.
إرثه الفكري:
ترك خلفه العديد من المقالات والخطابات التي تمثل اليوم مرجعًا لفهم فترة مهمة من تاريخ المغرب السياسي.
إيمانه بضرورة توعية الشعب جعله يؤسس صحفًا كانت بمثابة مدارس للنضال الفكري.
مرور الزمن: قضايا قديمة برؤى جديدة
مع اقتراب مرور نصف قرن على اغتياله، تتجدد النقاشات حول القضايا التي ناضل من أجلها عمر بنجلون. فمواضيع مثل العدالة الاجتماعية، وفصل السلطات، وتعزيز الحريات لا تزال حاضرة في الساحة السياسية.
تحديات الحاضر:
الديمقراطية: رغم التقدم الذي تحقق، يبقى مطلب تعميق الديمقراطية موضوع نقاش بين النخب السياسية.
العدالة الاجتماعية: ما زالت الفوارق الاجتماعية والاقتصادية تمثل تحديًا كبيرًا أمام الدولة.
الحريات العامة: يتجدد النقاش حول دور الصحافة والنضال الفكري، على خطى بنجلون.
دروس التاريخ واستمرارية النضال
اغتيال عمر بنجلون لم يكن نهاية مسيرته النضالية، بل كان بداية لمسار جديد من الوعي السياسي والاجتماعي في المغرب.
فرغم مرور السنوات، يبقى اسمه رمزًا خالدًا لكل من ينشد التغيير ويسعى لبناء وطن تسوده الحرية والديمقراطية.
ومع اقتراب الذكرى الخمسين لرحيله، يبقى السؤال المطروح:هل حقق المغرب الرؤية التي ناضل من أجلها بنجلون؟ أم أن الطريق لا يزال طويلًا لتحقيق أحلامه؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك