مناشدة مغربية محتجزة في مخيم الهول للعودة الى وطنها

مناشدة مغربية محتجزة في مخيم الهول للعودة الى وطنها
تقارير / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

مغربنا 1 المغرب  في أقصى شمال سوريا، يقبع مخيم "الهول" أو كما يسميه البعض تركة "داعش"؛ أحد أخطر المخيمات على هذه البسيطة، والذي يضم عائلات مقاتلي التنظيم الإرهابي من جنسيات مختلفة تحت حماية السلطات الكردية. في هذا المكان الموحش المليء بالقصص الأليمة توجد مئات المغربيات مع أطفالهن يعشن ظروفاً أقل ما يمكن القول عنها أنها كارثية. من قلب المخيم فروت لنا قصتها وكيف حولتها الأقدار إلى امرأة تمتلك ماض مظلم ومستقبل مجهول. ضحية "داعش" تروي سلوى (32 سنة) وهي أم لطفلين، كيف نشأت وسط أسرة متزمتة شمال المغرب؛ الكلمة الأولى والأخيرة فيها للرجل، حيث كانت كلمتها غير مسموعة ولا تقدر قول عبارة "لا" في وجه أفراد أسرتها مهما كان السبب. تزوجت سلوى في مقتبل العمر من رجل متشدد سيحملها صحبة أبنائها الصغار إلى عالم مجهول ملطخ بالدماء ووحشية منقطعة النظير بعد أن تم استقطابه من طرف قادة التنظيم الإرهابي. وتشير في حديثها مع "إرم نيوز" إلى أنها تعرضت لضغوط كبيرة من قبل أسرتها وزوجها للذهاب إلى سوريا للجهاد: "فقدت نفسي بسبب ضغوطات عائلية، لم أكن حية حتى أخاف مما ينتظرني، وحتى اعتراضي على الفكرة كان أمرًا مستحيلاً لأنني ترعرعت وسط مجتمع ذكوري". وأضافت سلوى: "تنظيم داعش سوّق صورة خيالية تأثر بها زوجي على غرار الآلاف من الشباب وأضحت ما يسمونه أرض الخلافة وكأنها الفردوس المفقود". يوم فاتح حزيران/ يونيو 2015 ستصل سلوى صحبة أسرتها الصغير إلى أرض سوريا بعد المرور من مطار الدار البيضاء الدولي صوب دولة آسيوية وبعدها إلى تركيا. قضت هذه الشابة أزيد من سنتين في كنف "داعش"، وبعد مقتل زوجها في ساحة المعارك قررت الهروب إلى الحدود التركية السورية لأنها كانت عازمة على العودة إلى بلدها وتسليم نفسها للسلطات المغربية لإنقاذ مستقبل أطفالها والتخلص من عالم دموي فُرض عليها، لكن حدثت المفاجئة؛ ستجد سلوى نفسها يوم الـ11 ديسمبر 2017 في قبضة قوات سوريا الديمقراطية ومن تم في مخيم "الهول". مخيم العذاب وتحكي سلوى بمرارة كبيرة كيف تعرضت لتعذيب جسدي ولفظي داخل مخيم الهول منذ أن وطأت قدمها هذا الفضاء والذي لم يكن في حسبانها: "خلال التحقيق معي قامت السلطات الكردية بتعصيب عيني وتجريدي من ملابسي لساعات طوال، وكانت المحققة تطفئ سجارتها على جسدي لاستفزازي (...) استمر الأمر لساعات لإذلالي لا غير". واستطردت هذه الفتاة المغربية قائلة: "كل ليلة تمر وكأنها أول ليلة في الاعتقال، ضجيج رأسي لا يهدأ جلد الذات من جهة والوضع المتوتر من جهة أخرى، أقطن مع أولادي في خيمة بلاستيكية لا أبواب لدينا لنغلقها ولا جدران تمنع عنا حر الشمس"، مشيرة إلى أنها تعيش في توتر دائم لا يمكن وصفه "نحن بيد ميليشيات مسلحة والدول لا تعترف بهم ولا بسلطتهم رغم ما يفعلوه بنا وبأطفالنا.. نحن اليوم هنا ولا نعرف غدًا أين نكون". وتردف المتحدثة "من حين لآخر نتعرض في المخيم لمداهمات ليلية ونهارية، فالعساكر يشددون المراقبة، وحينما يجدون هاتفاً لدى إحداهن يأخذونها ويتركون أطفالها مشردين، فضلاً عن نهب أغراض الخيم ومصادرة مدخرات الأسر". وشددت بالقول: "العنوان العريض بمخيم الهول هو الإهانة والتعنيف والتجويع الممنهج". داخل خيمة موحشة تقضي سلوى أياماً تتشابه في تفاصيلها ولنسيان معاناتها وكسر الروتين اليومي تطالع بعض الكتب وتقوم بخياطة بعض الأغراض متطلعة إلى إكمال دراستها في يوم ما. وتطمح هذه الشابة إلى العودة إلى بلادها والاستقلال في حياتها بعيداً عن عائلتها التي جرّتها إلى ويلات داعش، ثم تضيف بنبرات يائسة "أتطلع لأرى أطفالي متعلمين ومتخصصين في أمور تخدم مصالحهم ومصلحة بلادهم وليس كما فعلت أنا". وعلى غرار عشرات الآلاف من النازحين وعائلات "الدواعش" في المخيم، تعاني سلوى من ظروف معيشية صعبة خصوصاً في فصل الشتاء والصيف بسبب قسوة الظروف المناخية في تلك البقعة من الأرض. أطفال بلا هوية وبلا مستقبل ويعتبر مخيم الهول، 45 كلم شرق مدينة الحسكة، من أكبر المخيمات التابعة للإدارة الذاتية، يقطنه أكثر من 74 ألف نسمة بين نازح ولاجئ وعوائل من "داعش" من نساء وأطفال. ويشكل الأطفال أكثر من ثلثي هذا الرقم، حيث تصل نسبتهم في المخيم إلى 66% من عدد السكان، وأغلبهم لا يملكون أوراقا ثبوتية، لا سيما الذين ولدوا في سوريا والعراق، بحسب تقارير للأمم المتحدة. وتقول سلوى "عندما يسألني أطفالي عن سبب تواجدنا في هذا المخيم أقف عاجزة عن تبرير ذلك، حينها تنوب دموعي عن كشف السبب وأقول لقد سلكنا الطريق الخطأ". وتتابع بانفعال "أقول لأطفالي هذا الطريق ملغوم وإياكم والمشي فيه أو الالتفات إلى الوراء، لأن هذه ليست أرضكم ولا أهلها أهلكم، الأكراد يحمون شعبهم فقط، ووطنكم المغرب يقوم بالترتيبات اللازمة لإعادتنا". وتؤكد المتحدثة أن أطفالها يدفعون ثمن أخطاء والدهم الذي كانت له أفكار مغلوطة عن الدين، داعية سلطات بلادها إلى انتشال مئات الأطفال المغاربة المحتجزين بالمخيم، ثم استطردت "لا أريد لأطفالي أن يكونوا طرفا في أي صراع خارجي أو أداة هدم في مجتمعهم سواء اجتماعيا أو فكريا، لا أريد أن يعيشوا ما عشته أنا في بيئة معتلة". وبحسب سلوى ففي المخيم لا توجد مدارس ولا فضاءات لتنمية قدرات الأطفال، وحتى المتاجر المتواجدة بالمخيم أضحت تمنع بيع الكتب مشيرة إلى أن المساحة الوحيدة التي يلهو فيها أطفالها على غرار باقي الأطفال هي "نقطة" يطلقون عليها "مساحة صديقة للطفل" تقتصر أنشطتها على حصة للعب والموسيقى. وفي اعتقادها فإن الأكراد يتسوّلون بمعاناة ساكنة مخيم "الهول"، بحيث يطلبون الدعم الطبي والمادي لتغطية مصاريفنا، لكن كل تلك الأموال تذهب لجيوبهم. أما إذا أصيب أحدنا بمرض داخل المخيم – تردف سلوى- فإذا لم يكن يتوفر على المال الكافي فلن يتعالج داخل مستوصف طبي تابع للهلال الأحمر الكردي. وتناشد الشابة المغربية، حكومة بلادها منحها فرصة جديدة مع أطفالها عبر إعادتهم إلى المملكة، معلنة عن ندمها الشديد. وقالت: "باسمي وباسم من معي من المغربيات أطالب سلطات بلدي أن تعمل على استعادتنا جميعاً، ونحن نقر ونعترف بخطئنا في السفر إلى سوريا والعراق ونبلغهم ندمنا الشديد على تهورنا وطيشنا.. أنقذونا".

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك