الأزمة هي موقف أو حدث أو مجموعة أحداث متوقعة أو غير متوقعة تتسم بالخطورة والعمق واتساع التأثير، مما يجعل من الصعوبة بمكان السيطرة على الأوضاع بالطرق والأساليب والإمكانات المعتادة بسبب تسارع الأحداث وحدتها والارتباك المصاحب لها، وهو ما قد يهدد مصالح وربما وجود الكيان الذي يتعرض لتلك الأزمة. ووفق هذا المنظور يمكن اعتبار انتشار فيروس كورونا بمثابة أزمة واجهت أغلب دول العالم. فالأوبئة والأمراض عبر التاريخ أدت إلى تغيرات سياسية واقتصادية واستراتيجية على خلفية الخسائر البشرية والمادية التي نتجت عنها، ومن ثم أسفرت عن ثورات واضطرابات مجتمعية واقتصادية، فالإنفلونزا الإسبانية التي تفشت في عام 1918 أودت وحدها بحياة ما يتراوح بين 40 و50 مليون مصابا[2]. بدأت تتبلور أزمة كورونا مع الحديث في نهاية ديسمبر عن وجود وباء غامض في الصين، ثم تصاعد الأمر مع إعلان أول حالة وفاة في الصين بالمرض يوم 20 يناير وصولا إلى إغلاق مدينة ووهان الصينية في 23 يناير2020، ومع انتشار المرض في دول أخرى وتفاقم أعداد الضحايا والمصابين، أعلنت منظمة الصحة العالمية في 11 مارس 2020 أن فيروس كورونا أصبح جائحة عالمية[3]. وفي مواجهة أزمة انتشار كورونا، لجأت الحكومات إلى اعتماد إجراءات وقائية للتقليل من حجم انتشار المرض شملت وضع ضوابط على حركة الأفراد، وحظر التجول، وفرض قيود على التجمعات البشرية، ومنع السفر، وغلق الحدود، وارتداء الكمامات، والتباعد الاجتماعي، وتحويل الصناعات الرئيسية إلى تصنيع الإمدادات الطبية. تلك الإجراءات الوقائية انعكست على تدهور الأنشطة الاقتصادية وزيادة نسب البطالة، وتصاعد حالة من الكساد العالمي في ظل تأخر سلاسلا التوريد، وتوقف حركة الطيران، مما دفع العديد من الشركات الكبرى إلى التفكير في توطين منتجاتها وإغلاق مصانعها بالخارج، وتقليل عدد العاملين بها. تلك المستجدات واكبها ظهور خلافات سياسية. ففي إسبانيا اختلفت حكومة إقليم كتالونيا مع حكومة مدريد فيما يتعلق بمن له حق الولاية القضائية لتحديد قواعد احتجاز مخالفي قرارات حظر التجول، وفي أميركا وبلجيكا نشأت خلافات بين السلطات الفيدرالية وسلطات الولايات حول عمليات تخصيص معدات الحماية الشخصية[4]. إدارة الأزمات واسعة النطاق مثل الكوارث الطبيعية والأوبئة تتطلب سلسلة قيادة فعالة للتواصل والتنسيق بين أجهزة الدولة وتعبئة الجهود الوطنية، ولذا اعتمد العديد من الرؤساء والقادة السياسيين على المؤسسات الأمنية والعسكرية ذات القدرات اللوجستية والهياكل المنظمة من أجل الإشراف على تنفيذ الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية المتعلقة بمواجهة الوباء، ووصل التحشيد ذروته باستخدام قادة الدول لتعبيرات مستقاة من أدبيات الحروب في مواجهة فيروس كورونا من أجل تعزيز التضامن والاستعداد النفسي لتحمل الخسائر[5]، فأعلن كلا من رئيس الوزراء الإسباني والرئيس الفرنسي أنهما “في حالة حرب”[6]، بينما قال وزير الصحة البريطاني أن بلاده منخرطة في حرب ضد المرض يجب أن ننتصر فيها”. في حين قال ترامب “هذه حربنا الكبرى التي علينا الفوز بها” مضيفا “نحن نحارب فيروس كورونا على كل جبهة ممكنة في معركة تاريخية لحماية أرواح مواطنينا”[7]. خلال تلك التطورات برز مجددا للواجهة دور الدولة كحامية للمجتمع من التهديدات سواء كانت ذات نظام حكم ديموقراطي أو استبدادي، فتولت مؤسسات وأجهزة الدولة تنفيذ الإجراءات الوقائية ضد الفيروس فضلا عن ضخ الحكومات لحزم تحفيز اقتصادية في شرايين الاقتصاد للتقليل من التداعيات السلبية التي أصابت المواطنين. ووسط ذلك تصاعد الخوف من تنامي (دولة المراقبة)، وقيام الأنظمة بانتزاع سلطات استثنائية من المجالس التشريعية لتقنين توسيع صلاحيات الحكومات. وهذا التخوف ينبع من حقيقة أن العديد من إجراءات المراقبة التي تتخذها الدول في ظل الأزمات عادة ما تستمر وتترسخ بعدها كنشاط معتاد.
أولا: عسكرة وأمننة التصدي لكورونا
مع انتشار تفشي فيروس كورونا، تزايد انخراط الأجهزة العسكرية والأمنية في مواجهة الفيروس على حساب الأجهزة الحكومية الأخرى، سواء لتنفيذ ومراقبة عمليات حظر التجول أو لتوفير مستلزمات العلاج من الخارج ونقل الإمدادات اللوجستية المتعلقة بالرعاية الصحية أو لجمع المعلومات عن المصابين بالفيروس ومراقبة تحركاتهم، فضلا عن التحكم بنشر المعلومات المتعلقة بأعداد المتوفين والمصابين في بعض الدول الديكتاتورية من أجل ضبط ردود الفعل المجتمعية وتجنب تداعيات المصارحة وإعلان الأرقام الحقيقية للضحايا، والتي قد تؤدي إلى إظهار فشل وترهل منظومة الخدمة الصحية داخل تلك الدول وصولا إلى تفاقم التوترات المجتمعية والأزمات الاقتصادية. اختلف دور الأجهزة الأمنية في مواجهة لنتشار كورونا من دولة إلى أخرى حسب شكل النظام السياسي الحاكم، ومدى عسكرة الأجهزة الأمنية، ففي الدول التي تقل فيها مسحة عسكرة الأجهزة الأمنية اقتصر دور الأخيرة على عمليات المراقبة في حين قامت الأجهزة الأمنية شبه العسكرية مثلما سنستعرضه عند تناول الحالة المصرية بالإشراف على تنفيذ عمليات حظر التجول بدلا من الجيش، واعتقال المعارضين، ومتابعة مدى انتظام الخدمات الطبية.الأجهزة الأمنية وكورونا في الكيان الصهيوني:
مع ازدياد أعداد الوفيات والمصابين بكورونا في الكيان الصهيوني، والذي قارب 200 متوفيا و15 ألف مصابا بحلول 24 إبريل 2020. قام الجيش بتعبئة قوات النخبة المعروفة باسم سيريت ميتكال ووحدات الكوماندوس الأخرى لنقل الإمدادات اللوجستية المتعلقة بالرعاية الصحية مثل أنابيب الأكسجين إلى المستشفيات. فيما قام آلاف الجنود النظاميين بتنفيذ دوريات في الشوارع. كما عينت الحكومة الصهيونية الجنرال المتقاعد “روني نوما” للإشراف على متابعة استجابة المجتمعات اليهودية المتشددة للتعليمات الحكومية الخاصة بمكافحة الفيروس في ظل مناهضتها للتدابير الاحترازية، وكذلك طلب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو من رئيس الموساد يوسي كوهين الإشراف على شراء المواد الطبية التي تعاني الحكومة نقصا فيها من الخارج[8]. وكانت الحكومة الانتقالية الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، أول حكومة تطلب من أجهزة استخباراتها تعقب حاملي الفيروس المحتملين أو الذين كانوا على اتصال بأشخاص مصابين. وقد تولى جهاز الشاباك (جهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيلي) زمام المبادرة في نشر أدوات تقنية وسيبرانية متطورة للغاية لتنفيذ المهمة من خلال جمع البيانات عبر تقنية تحديد الموقع الجغرافي من الهواتف المحمولة، ولقطات كاميرات المراقبة، ومراقبة الشبكات الاجتماعية[9]. كما زودت وزارة الصحة جهاز الشاباك بمعلومات عن الأشخاص الذين دخلوا المستشفيات أو أصيبوا بالعدوى. وبدوره، استخدم الشاباك البيانات التي يجمعها لمتابعة المسار الرقمي لكل مريض لتحديد تفاعلاته الاجتماعية وتحديد الأشخاص الذين تواجدوا على بعد مترين من المريض لأكثر من بضع دقائق. ثم بعد ذلك يرسل الشاباك أسماء الأفراد الذين تم تحديدهم إلى وزارة الصحة، التي تتواصل بدورها مع حاملي الفيروس المحتملين لفحصهم، وإذا لزم الأمر، يتم عزلهم، وفي محاولة لتهدئة الرأي العام أكد نداف أرغمان، رئيس الشاباك أن البيانات التي جُمعت ستستخدم فقط للتعامل مع جائحة كورونا[10]. أما على مستوى التجسس التقني في الكيان الصهيوني، فقد عادت للواجهة مجددا شركة (NSO.Group) الإسرائيلية رغم مواصلتها لمعاركها القانونية مع شركتي “واتساب” و”فيسبوك” في الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية برنامجها الشهير للتجسس “بيجاسوس”. حيث طرحت الشركة الإسرائيلية في شهر مارس المنصرم برنامجا جديدا يعمل على تتبع بيانات الهواتف المحمولة. البرنامج الجديد عبارة عن نظام “قيادة وسيطرة” يقوم بتشغيل برنامج تحليلات عبر تجميع أربعة حقول بيانات تتألف من الهوية والموقع ومدة الاتصال وما إذا كان قد تم التأكد من إصابة المستخدم بفيروس كورونا. ويجري التعرف على أسماء المصابين من خلال سجلات وزارة الصحة في حين تأتي بقية البيانات من هاتف المستخدم. وفي ذات السياق، تتيح مجموعة البيانات الناتجة للسلطات أن تتابع انتشار الفيروس وأن تحدد “النقاط الساخنة”، مع مراقبة امتثال الأشخاص الذين طُلب منهم عزل أنفسهم للتعليمات[11]. ووفقا للشرطة الإسرائيلية، فبحلول 24 إبريل أُوقف 203 من الأشخاص بتهمة انتهاك تعليمات الحظر، حيث تم الوصول لبعضهم عبر البرنامج المذكور الذي واجه مؤخرا عقبة بارزة تمثلت في رفض لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست في 23 إبريل تمديد العمل به بحجة أن الضرر الذي لحق بخصوصية المواطنين فاق المنافع التي تحققت للسلطات الحكومية[12]. ورِغم ذلك، اهتمت عدة دول أوروبية ببرنامج شركة (NSO.Group) الإسرائيلية، وحرصت على معرفة كيف يمكن تهيئته ليتوافق مع متطلبات خصوصية البيانات المنصوص عليها في “النظام الأوروبي العام لحماية البيانات (GDPR)” التابع للاتحاد الأوروبي.تأثر مجتمع الاستخبارات الأميركي
أثر انتشار كورونا على لقاءات ضباط الاستخبارات الأمريكيين بجواسيسهم حيث صار من الصعب عليهم عقد اجتماعات سرية وجها لوجه في ظل فراغ المتاجر والبارات والحافلات والحدائق والمطاعم المزدحمة من روادها، مما جعل أي لقاء أمرا مثيرا للشك. كما أن اللقاءات نفسها تحولت إلى مخاطرة تهدد السلامة الصحية لكل من الضباط والجواسيس وعائلاتهم[13]. فرغم ما وفرته أقمار التجسس الصناعي وغيرها من التقنيات ذات القدرات غير المسبوقة للمراقبة والمتابعة من إمكانات لجمع طوفان يومي من المعلومات من مصادر مفتوحة بأكثر من لغة، فإن الاستخبارات البشرية تظل لها محورية في الاطلاع على ما يدور في قلوب وعقول الخصوم والمنافسين، وهو ما يتطلب تواصلا مباشرا مع الجواسيس، فضلا عن البحث المستمر عن عملاء جدد لتجنيدهم وتقييمهم وتشغيلهم، وهو الأمر الذي جعله كورونا أكثر صعوبة. وكذلك فإن تأثيرات كورونا امتدت إلى مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية الذي يشرف على عمل 17 وكالة استخبارات أمريكية متنوعة، حيث اضطر المكتب في شهر مارس 2020 إلى اتباع إجراءات عمل جديدة تقوم على تقليل الاتصال بين الموظفين من خلال مجموعة متنوعة من الخيارات تشمل اعتماد جداول زمنية مرنة، وتنفيذ ممارسات التباعد الاجتماعي من أجل الحفاظ على سلامة وأمن وصحة قوة عمل المكتب مع الاستمرار في تلبية متطلبات العمل. ورغم ما سبق تخشى الأجهزة الأمريكية من الاعتماد على أسلوب العمل من المنزل، نظرا للحاجة إلى حماية المعلومات السرية، خاصة وأن الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية وغيرها لديهم مهارات قرصنة متطورة. وفي حين يمكن إجراء بعض المحادثات على الهواتف المحمولة المشفرة التي يحتفظ بها المستخدمون معهم، فإن الشبكة السرية التي تستخدمها وزارة الدفاع الأمريكية وغيرها من المؤسسات لتبادل المعلومات، والتي يطلق عليها SIPRNet، تعتمد على شبكة راوتر بروتوكول سري للإنترنت، وهي غير مخصصة للاستخدام المنزلي[14].تداعيات كورونا على الأجهزة الأمنية الفرنسية
أما في فرنسا، فعلى غرار المؤسسات الأخرى بالدولة، أغلقت أجهزة الاستخبارات الفرنسية مقارها في محاولة للحد من انتشار وباء كورونا. وبموجب مرسوم صدر في 17 مارس، أجّلت “المديرية العامة للأمن الخارجي [وكالة الاستخبارات الخارجية الفرنسية] اختبارات القبول والترقية الخاصة بها، والمفترض عقدها خلال الفترة من إبريل إلى يونيو، حيث أجلتها إلى سبتمبر. وكذلك برزت مشاكل لوجستية كبيرة في مقار المديرية بسبب انتشار الوباء. حيث تترتب على العمل من المنزل تعقيدات متعلقة بحاجة العملاء إلى الولوج لوثائق مصنفة على أنها سرية ولا يُسمح بالاطلاع عليها سوى عبر أجهزة الحاسوب الموجودة في المقار. كما تعرضت “الاستخبارات البشرية الفرنسية” لأزمة في الخارج، لاسيما في الدول الأكثر تضررا بالعدوى مثل الصين وإيران حيث يُفرض الحجر أو العزل المنزلي[15]. وفي الوقت الذي ظهرت فيه حالات إصابة بعدوى “كوفيد-19” في جميع أنحاء مجتمع الاستخبارات الفرنسي، أصبح الجهاز الوطني لاستخبارات السجون (SNRP) بحلول شهر إبريل، من أكثر الأجهزة المتأثرة بالفيروس، حيث تحولت مكاتبه في باريس إلى بؤرة للإصابة بالوباء. وبالتوازي مع ذلك جرى الإفراج عن 10 آلاف محتجز في شهر واحد للتخفيف من التكدس في السجون[16].روسيا وأمننة التصدي للفيروس
مع تزايد أعداد المصابين بكورونا في روسيا، قام مجلس التنسيق الحكومي الخاص بمكافحة “فيروس كورونا”، والذي أُنشئ في شهر إبريل 2019، ويضم مديري أجهزة الاستخبارات الخارجية والداخلية؛ “جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية (SVR)”، ووكالة أمن الدولة الفيدرالية (FSB)، بإنشاء مركز للاتصالات يشرف على عمليات جمع وتحليل المعلومات المتعلقة بانتشار الفيروس وإجراءات مكافحته، ومكافحة الأخبار المزيفة، فضلا عن مراقبة المركز للمناخ الاجتماعي والاقتصادي من أجل قياس الرأي العام والاستعداد لأي اضطرابات. وبالتوازي مع ذلك، كلفت موسكو مجموعة الصناعات الدفاعية الروسية “KRET”، المتخصصة في إلكترونيات الطائرات المقاتلة، بالعمل على تصنيع أجهزة التنفس الصناعي وأقنعة الأكسجين[17].ثانيا: كيف واجهت الأجهزة الأمنية المصرية أزمة كورونا
أعلنت وزارة الصحة المصرية رسميا عن اكتشاف أول حالة إصابة بكورونا في 14 فبراير 2020[18]، ثم أصدر رئيس مجلس الوزراء مصطفي مدبولي في 24 مارس حزمة إجراءات لمواجهة انتشار الوباء، وفي مقدمتها حظر حركة المواطنين بشكل جزئي[19]، كما صدرت عدة قرارات حكومية وفقا لتوجيهات من السيسي تتعلق بوقف أعمال البناء لمدة 6 شهور، وفرض غرامات على مخالفي قانون البناء. وألقت تلك الإجراءات بمزيد من الأعباء على كاهل المنظومة الأمنية المناط بها الإشراف على تنفيذ العديد من الإجراءات الاحترازية فضلا عن مواجهة جملة من التحديات الناشئة، ومن أبرزها:- احتمالية انهيار المنظومة الصحية، وعجزها عن تلبية احتياجات المواطنين مما قد يؤدي إلى زيادة السخط المجتمعي وصولا إلى تبلور احتجاجات جماهيرية.
- احتمالية ضعف أو انهيار المنظومة الأمنية في حال انتشار وباء كورونا بين كوادرها.
- تراجع إيرادات الدولة من السياحة وتحويلات العاملين بالخارج وقناة السويس مع تباطؤ حركة التجارة العالمية وتوقف العديد من الأنشطة الاقتصادية المحلية عن العمل مما يهدد بتردي الأوضاع الاقتصادية وحدوث اضطرابات مجتمعية وانفلات أمني.
- استغلال بعض الجماعات المسلحة بالأخص في سيناء لانشغال النظام بمواجهة أزمة كورونا في تكثيف عملياتها وأنشطتها.
- استغلال الإعلام المعارض للحالة الاقتصادية المتردية وتدهور الخدمات الصحية في تأليب المواطنين على النظام الحاكم.
1- متابعة انتظام الخدمات الطبية
عهدت لجنة إدارة الأزمة برئاسة الوزراء إلى قطاع الأمن الوطني رفقة هيئة الرقابة الإدارية بالقيام بأعمال التفتيش اليومي على مستشفيات عزل وعلاج حالات كورونا للتأكد من انتظام حضور الأطقم الطبية، ومتابعة مدى توافر المستلزمات الطبية والأدوية[20]، فضلا عن اعتقال 6 أطباء على الأقل على خلفية انتقادهم إدارة الدولة لأزمة فيروس كورونا. كما حاصرت قوات الأمن مقر نقابة الأطباء في 26 يونيو لمنع عقد مؤتمر صحفي كانت النقابة قررت عقده للرد على اتهامات وجهها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي لبعض الأطباء بالتقصير في مواجهة الفيروس[21].2- التعامل بحزم ضد أي انتقادات لسياسات النظام في التعامل مع كورونا
تعاملت وزارة الداخلية بحزم مع أي انتقادات ولو كانت موضوعية لسياسات النظام بخصوص التعامل مع أزمة كورونا، وهو ما تجلى في:- القبض على أدامن أي مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد سياسات التعامل مع الوباء. حيث ألقت قوات الأمن القبض على المسؤولة عن جروب «استغاثة أمهات مصر» على تطبيق «واتس آب»، في 14 مارس من منزلها في محافظة الجيزة[22]. وذلك بحجة ترويج إشاعات حول انتشار «كورونا».
- شن حملة اعتقالات ضد عدد من الإعلاميين الذين يعملون مع شبكة الجزيرة في ظل جهود منع بث وتصوير فيديوهات تنتقد الخدمات الصحية بالبلاد. وشملت الاعتقالات المنتج معتز عبدالوهاب، والصحفي بجريدة المصري اليوم هيثم محجوب، والصحفي في الملف القبطي ومعد الأفلام الوثائقية سامح حنين، ونشرت الداخلية فيديو للصحفي النصراني سامح حنين يعترف فيه بما أسمته (تصوير فيديوهات ضد الدولة المصرية لصالح قناة الجزيرة)[23]. كما وجهت وزارة الداخلية ضربة للجنة الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان بالإسكندرية حيث ألقت القبض على 6 كوادرها عقب مداهمة شقة استخدموها كمقر لمونتاج فيديوهات يصورونها ويرسلوها لقنوات المعارضة بالخارج[24].
- التضييق على الصحافة الأجنبية، حيث أعلنت هيئة الاستعلامات سحب اعتماد مراسلة صحيفة “الجارديان” البريطانية في مصر، وطالبت الهيئة صحيفة “الجارديان” بنشر اعتذار عن تقريرها بشأن انتشار فيروس كورونا المستجد في مصر، موضحة أنه في حالة عدم الاستجابة، سيتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية المتاحة بما في ذلك إغلاق وسحب اعتماد مكتب الصحيفة في القاهرة. كما وجهت الهيئة تحذيرا أخيرا لمراسل جريدة نيويورك تايمز بشأن نشر أخبار مغلوطة عن انتشار فيرس كورونا داخل مصر[25]. وفي نهاية مارس أُجبرت مراسلة الجارديان على مغادرة مصر.
- شن حملات اعتقال موسعة طالت معتقلين سابقين مفرج عنهم ونشطاء سياسيين لردعهم عن تحريض المواطنين ضد السلطة، ففي شهر إبريل ألقي القبض على كل من: الناشطة اليسارية الإسكندرانية نهي كمال ابنة عضو مجلس النواب كمال عيد، والناشطة اليسارية خلود عامر رئيسة قسم الترجمة بإدارة النشر في مكتبة الإسكندرية،[26] والمترجمة والناشطة اليسارية مروة عرفة[27]. كما شملت الاعتقالات عددا من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي ممن كتبوا منشورات معارضة للسياسات المتعلقة بمواجهة أزمة كورونا مثل الباحث السياسي عبده فايد[28]. كما أوقفت لمدة يوم الصحفية نورا يونس مديرة تحرير موقع المنصة الذي كان ينشر به فايد مقالاته أحيانا، وكتبت نورا عقب الإفراج عنها مقالا أوضحت فيه أن عبده فايد سُئل في التحقيقات معه عن علاقته بموقع المنصة[29].
- مواصلة سياسة حجب المواقع المعارضة حيث أعلن خالد البلشي رئيس تحرير موقع درب الإخباري في 9 إبريل، تعرض الموقع للحجب بعد نحو شهر من إطلاقه، وهو موقع تابع لحزب “التحالف الشعبي” اليساري. وبحجب “درب” يبلغ عدد المواقع المحجوبة في مصر، منذ مايو 2017 عدد 547 موقعا، بينها 125 موقعا صحفيا. وقد احتلت مصر المرتبة 163، بين قائمة تضم 180 بلدا، بمؤشر حرية الصحافة لعام 2019، وفق التصنيف السنوي لمنظمة “مراسلون بلا حدود”[30].
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك