التغيير الذي حصل في التيار الجهادي ما بعد 2003 السجن نموذجا الجزء الثاني

التغيير الذي حصل في التيار الجهادي ما بعد 2003 السجن نموذجا الجزء الثاني
تقارير / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

مغربنا 1 المغرب     بداية الإنقلاب في السجن   ابتداء من سنة 2003 إلى بعد اعتقالي نهجت السلطات في هذا البلد سياسة ما يسمى "الضربة الإستباقية" مع الجهاديين, فاعتقلت المئات منهم بعدة دعاوى ومبررات لتودعهم في النهاية السجن سنوات وعقود طويلة. وأعتقد بحكم قرائن ومؤشرات كثيرة أن هدف هذه الإعتقالات لم تكن فقط لإرضاء بعض الدول الغربية والإحتياطات الأمنية أو لضرب المد الإسلامي السياسي, وإنما كانت كذلك تهدف إلى برمجة الجهاديين والتأثير عليهم فكريا, بناء على ما استفادوه من تجارب مصر والسعودية والجزائر وغيرهم مع هذا التيار. ومن الميزات المهمة في هذا السجن الذي كنت مأسورا فيه, أنه سجن احتياطي يدخله كل المعتقلين الإسلاميين الجدد, فيبقون فيه إلى أن تتم محاكمتهم ليتم بعدها توزيعهم على سجون أخرى. ومكوثي في هذا السجن فترة وجيزة ساعدني على تأمل هذه الفوارق بين أنوع المعتقلين الجدد وملاحظة أفكارهم. فعند مرور كل بضعة أشهر أو بضعة أسابيع كنا نسمع عن إعتقال خلية جديدة من الجهاديين في أخبار الراديو, فلا تمر إلا أيام حتى يتم إدخال هؤلاء المعتقلين علينا داخل زنازننا, وهكذا دواليك, فدائما ما نستقبل المجموعات الجديدة ونحتك بهم ونسألهم عن أخبار الشارع والعالم, وكثيرا ما كان المعتقلون يتسابقون فيما بينهم لإسكان المعتقلين الجدد في زنازنهم  ليسمعوا الجديد, وهكذا حتى تصبح المجموعة المعتقلة الجديدة جزءا من مجموع الجهاديين في السجن. ومن خلال إستقرائي لتلك المجموعات الجهادية التي كانت تعقتل تلك الفترة:
  • وجدت أنهم كانوا حدثاء في هذا التيار الجهادي, ولم تصبهم لوثة "الغلو" حينها بعد.
  • لم يكن لهم منهج راسخ وإنما كانت لهم القابلية للإصلاح والقابلية للإنحراف.
  • غالبيتهم أراد الإلتحاق "بالجهاد" العراقي.
  • أما من ناحية الفكر, فغالبيتهم كان يميل إلى شعارات القاعدة (شعارات فقط أما الفكر فلم يكن لهم اطلاع على أدبياتها).
ثم تقريبا أواخر سنة 2006 أي بعدما بدأت الموجة العراقية المقدسية تفعل فعلها في الجهاديين, طلع صنف جديد من الجهاديين, لم يكن هذا الصنف من قبل موجودا بيننا, لا في السجن ولا بين غالبية الجهاديين أنحاء العالم إلا نادرا. أثناء هذه الفترة أي تقريبا سنة 2006 إعتقلت السلطات خلية جهادية مختلفة عن الجهاديين السابقين, وأدخلوهم علينا السجن لينقلب السجن كليا رأسا على عقب, بسبب ما أحدثوه في السجن من مشاكل عديدة لا تعد ولا تحصى, ثم تلى إعتقال هذه المجموعة إعتقال مجموعات أخرى من الخلايا المشابهة لها في الفكر, وهذا كان يدل أن هؤلاء الذين بدؤوا يتوافدون علينا من المعتقلين الجهاديين الجدد ما هم إلا نموذجا مصغرا من الجيل الجهادي الجديد الذي بدأ ينموا خارج السجن أنحاء العالم.           ما هي المشاكل التي أحدثتها هذه المجموعة الجهادية الفريدة ؟ لم تمر إلا أياما معدودة على دخول هذه المجموعة الجديدة السجن, حتى انقلب السجن رأسا على عقب, (كان عدد أفراد المجموعة ما يقرب ال50 فرد بينما كان بقية السجناء جهاديين أكثر من 300 سجين),   حسن الحطاب زعيم هذه المجموعة, لازال اليوم على فكره الخوارجي.والمفارقة العجيبة أن أصبح اليوم تقية من دعاة التراجعات رغم خروجه من السجن.   ذكرت لكم سابقا أننا كجهاديين في هذا السجن كنا متآلفين متحابين متحدين, تمثلنا جميعا لجنة واحدة, نصلي خلف بعضنا, وتمايزنا عن الغلاة التكفيريين منهجيا ومعيشيا كان واضحا متجذرا, إلا أن كل هذه الميزات تغيرت وانقلبت كليا لما أودعت هذه المجموعة السجن, ثم ازداد الأمر اتساعا عندما تلتها الإعتقالات على مر الشهور لمجموعات مشابهة لها في نفس الفكر والفساد.
  • المواضيع التي أثارتها هذه المجموعة الجهادية بعد دخولها السجن, والتي بسببها انقلب وضع السجن والجهاديين.
  • لا يجوز العذر بالجهل أو التأويل في أصل الدين, ومن يعذر بهما فهو منحرف ضال, حاله بين البدعة والكفر لحكمه على الكفار بالإسلام..
  • المقدسي والزرقاوي هم أصح منهجا من القاعدة لقربهما من الدعوة النجدية
  • لا يجوز التحاكم إلى المحاكم الوضعية, ومن فعل أو أباح ذلك ولو للضرورة يكفر عينا.
  • الإخوان المسلمون وفروعهم كفار بأعيانهم.
  • الجماعات السلفية التقليدية "المرجئة" كفار لعدم تكفيرهم الحكام ولإعانتهم على "الموحدين".
  • الأصل في الشعوب الإسلام لكن من لا يعرف حقيقة لا إله إلا الله وشرطها النجدية ولا يكفر بالحاكم الفلاني والفلاني فليس بمسلم.
  • أغلب الشعوب الإسلامية: عبدة قبور مشركين, جواسيس يحبون الحكام ويكرهون الشريعة.
  • أئمة المساجد الرسميين أغلبهم كفار, لأنهم موظفون لدى الحكومة وأبواق لهم ويدعون للحاكم بالنصر والتمكين, لذا يجب هجرهم وهجر مساجدهم والشدة عليهم.
  • مشايخ السلطان والدعاة الذين يبررون أفعال الحاكم كفار.
  • الدعوة النجدية دعوة مقدسة لا ينتقدها إلا منحرف العقيدة.
  • الدولة العثمانية دولة كافرة قبورية[1]
فبعد أيام من دخول مجموعة الحطاب السجن فتحوا الجدال حول هذه المواضيع السابقة, وحاولوا فرض غلوهم على المعتقلين بعدة وسائل, وما من زنزانة إلا ونوقشت فيها هذه المواضيع إلى درجة الملل. وقد ألف الجهاديون الغلاة من جهتهم عدة رسائل لنشر ضلالهم بين السجناء, إحداها ألفت من قبل زعيم هذه المجموعة "الحطاب" وهو صاحب الصورة السابقة, وكانت الرسالة بعنوان " نصب المنجنيق على من تحاكم كافر وزنديق " - "القاعدة ما لها وما عليها" ورسائل أخرى تافهة نسيت عناوينها, وأدخلوا في هذه الفترة عشرات المطويات التي تدعم نهجهم, ومن جهة أخرى ألف "طلبة العلم" من الجهاديين "المعتدلين" بعض الرسائل للرد عليهم وأدخلوا بعض الكتب التي تدعم أفكارهم. ولقد كان الشيخ حسن الكتاني آنذاك معتقلا معنا في نفس الحي, إلا أن إدارة السجن كانت قد عزلته عن بقية المعتقلين في زنزانة منفصلة, ومع ذلك كان يلتقي الجهاديين ويتبادل معهم أطراف الحديث ويناقشهم ويدرس بعضهم الفقه المالكي والأصول وغير ذلك من العلوم الشرعية عبر النافذة فقط أثناء وقت فسحته. وقد أوذي الشيخ كثيرا من طرف هؤلاء الجهاديين الجدد, فمنهم من سبه وكفره بسبب مؤلفاته وردوده عليهم (إسألوه شخصيا لعله يحكي لكم), وكتب حسن الكتاني في خضم هذه النقاشات 3 كتب ردا على ما أثاره هؤلاء الغلاة عناوين الكتب التي ألفها في هذا السجن:
  • الأجوبة الزكية على الأسئلة الوفية ( أجوبة على أسئلة أحد المعتقلين)
  • نظرات في الدعوة النجدية (ردا على التكفيريين).
  • مباحث في العذر بالجهل وإقامة الحجة (ردا على زعيم خلية أنصار المهدي, وهو - الحطاب - زعيم المجموعة التي حدثتكم عنها )
  أثناء مطالعنتي لكتب ومطويات هؤلاء الجهاديين الغلاة والتي كانت منتشرة في السجن, وجدت أنهم يعتمدون في الأساس على فرقة الدعوة النجدية والمتمذهبين بهذه الدعوة ككتب المقدسي والخضير وابن باز وآخرين.. والجدير بالذكر هنا أن التيار التكفيري الذي كان معنا في السجن (أشرت اليهم سابقا كانوا يسمونهم بالمسلمين الجدد) كانوا كذلك يعتمدون على نفس كتب الدعوة النجدية وبعض كتب المقدسي: ككتاب ملة ابراهيم وحكم العساكر - وميراث الأنبياء لأبي عمر الكويتي, فيعتمدون على هذه الكتب في تكفير الشعوب وتكفير كل الجماعات الاسلامية. وإن اقتصار تيار الجهاديين الجدد وتيار التكفيريين على كتب الدعوة النجدية جعلهما يشعران بتقارب منهجي أدى فيما بعد إلى اندماجهما حركيا في السجن سنة 2007, ثم ظهر الاندماج تنظيميا مرة ثانية تحت راية داعش الخلافة سنة 2013, وهذا ما سأثبته لكم لاحقا. فما طرحه الجهاديون الجدد آنذاك - من أفكار - في السجن على الملأ بكل جرأة وقوة هو نفس ما كان يؤمن به المسلمون الجدد (التكفيريون) ويخفونه, - والخلاف بينهما بسيط -. فعبر دخول الجهاديين الجدد التيار الجهادي انكسر الجدار الفاصل كليا بين الجهاديين والتكفيريين, ليس فقط في هذا السجن, وإنما كانت هذه أمارة على ما بدأ يحصل خارجه. [1] وقد أعلنت داعش عبر أحد كبار قادتها الشرعيين عن نفس هذا الأمر, ففي مقالة لأبي ميسرة الشامي بعنوان "طمس الرموز أبو مصعب السوري" كتب :[[ لمعرفة حقيقة الدولة العثمانية، راجع: "الدولة العثمانية وموقف دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب منها" للشيخ ناصر الفهد، فك الله أسره؛ وبعد أن نقل الشيخ أبو جندل الأزدي -تقبله الله- فقرات من هذه الرسالة تحت عنوان "اعتذار وفائدة مهمة"، قال: "ومنه تعلم خطأ من انخدع بهذه الدولة ووصفها بأنّها آخر معقل من معاقل الإسلام والذي بهدمه ذهبت عزة المسلمين! والتاريخ الصادق يثبت خلاف ذلك" [سلسلة العلاقات الدولية في الإسلام 3]، وحال الدولة العثمانية كان أشد ظهورا في حربها على التوحيد في الحجاز ونجد وقد آل بها إلى قتل الإمام سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب -رحمهم الله- وغيره من العلماء والأمراء المجدّدين للدين.]] وهذا الموضوع مهم يحتاج إلى تأمل

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك