تقارير / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:
مغربنا 1 المغرب
بالكاد انتهت انتخابات عام 2008 قبل أن يبدأ الحزب الجمهوري في الترويج للآفاق الرئاسية لحاكم ولاية لويزيانا بيوش "بوبي" جيندال، و هو ابن عائلة هندية مهاجرة. يوم الثلاثاء، أصبح جيندال الوجه الجديد لحزبه عندما قدم رد الجمهوريين الرسمي على خطاب الرئيس أوباما أمام الكونجرس. وسواء أكان سيترشح بنفسه للرئاسة أم لا في عام 2012، فإن جندال يعكس ظاهرة ملحوظة ولكن نادرًا ما يتم مناقشتها، وهو النجاح المذهل للأمريكيين الهنود بشكل عام، وما يقوله هذا النجاح عن سياسة الهجرة الخاصة بنا.
يعرف معظم الأمريكيين شيئًا واحدًا فقط عن الهنود، أنهم جيدون في مسابقة "تهجئة النحل" وهي مسابقة إملائية سنوية تقام في العاصمة واشنطن. فاز سمير ميشرا بجائزة سكريبس الوطنية لعام 2008 بعد تهجئته كلمة Guerdon بدقة، حيث أصبح الفائز الأمريكي الهندي السادس في السنوات العشر الماضية. احتل سيدهارث تشاند المركز الثاني، وجاءت كافيا شيفاشانكار في المركز الرابع، وحصل جانفي إيير على المركز الثامن. ولم يكن هذا حتى عاما استثنائيا للأمريكيين الهنود في المسابقة، فقد كان جميع الفائزين الأربعة الأوائل من أصول هندية خلال سنوات متتالية.
من المغري رفض الهيمنة الهندية الأمريكية على مسابقة إملائية باعتبارها مجرد خصوصية ثقافية، لكن النجاح الهندي في مجالات أكثر أهمية يلفت الأنظار، فعلى الرغم من أنهم يشكلون أقل من 1٪ من سكان الولايات المتحدة، إلا أن الأمريكيين الهنود يشكلون 3٪ من المهندسين في البلاد، و7٪ من العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات، و18٪ من الأطباء والجراحين. إن التمثيل المفرط للهنود في هذه المجالات مذهل جدا. فمن الناحية العملية، من المرجح أن يكون طبيبك أمريكيًا من أصل هندي بتسع مرات أكثر من غير الهنود.
مع مطلع الستينيات، اشتهر الأمريكيون الاسيويون خصوصا من هم من أصل صيني وياباني وكوري بتعليمهم العالي ودخلهم المرتفع. حاليا الأمريكيون الهنود هم في الواقع "أقلية نموذجية" جديدة. والى اللحظة يواصل سكان شرق آسيا التفوق في الولايات المتحدة، ولكن من بين كل هده الأقليات، من الواضح أن الهنود هم أحدث وأكبر "نموذج للتفوق". في عام 2015، كان متوسط دخل الأسر من أصل هندي حوالي 123000 دولار، مقارنة بـ 87000 دولار لمغتربي شرق آسيا و65900 دولار للأمريكيين البيض.
حوالي 69٪ من الأمريكيين الهنود الذين يبلغ أعمارهم 25 عامًا فأكثر حاصلون على شهادات جامعية، وهو ما يفوق المعدلات المقارنة التي حققها الامريكيون ذوو أصول من شرق آسيا والبيض على التوالي 51٪ و30٪. كما أن الأمريكيين الهنود أقل عرضة لأن يكونوا فقراء أو في السجن مقارنة بالبيض أو السود من أصل إفريقي.
فلماذا يتفوق الهنود الأمريكيون على غيرهم؟
الجواب الطبيعي هو الطموح الذاتي، فالشخص الذي يرغب في الهجرة وتطوير ذاته وأسلوب حياته والمغامرة خارج الحدود سيميل إلى أن يكون أكثر طموحًا وإنتاجا من الشخص العادي. كما تساهم سياسات الهجرة في تجويد صفات المهاجرين المطلوبين، وبموجب هذه السياسات، يحصل غالبية المهاجرين الشرعيين إلى الولايات المتحدة على إقامة دائمة لأن لديهم روابط عائلية مع مواطنين أمريكيين، ولكن عددًا صغيرًا (15٪ في عام 2007) يتم اختيارهم خصيصًا لخبرتهم وتحصيلهم العلمي للمساهمة في سوق العمل. تعد نسبة المهاجرين الهنود الذين حصلوا على البطاقة الخضراء المتعلقة بالعمل واحدة من أعلى النسب بين باقي الجنسيات، بما يعني أن النخبة المثقفة في الهند وعائلاتهم هم الذين يأتون إلى الولايات المتحدة بشكل أساسي.
غالبًا ما يُعزى نجاح الأمريكيين الهنود إلى الثقافة التي يجلبونها معهم، فأرباب العائلات الهندية مهووسون بتحقيق أبنائهم للإنجاز الأكاديمي، وما تفوق أبنائهم في المسابقات الإملائية السنوية إلا انعكاس بسيط لهذه الرغبة. حيث أن إسهام التعليم والثقافة يمكن أن يحقق إنجازات محدودة. لكن التفوق في الطب والهندسة وقطاع المعلوميات والتكنولوجيا يحتاج مستوى رفيعا من الذكاء، وهو ما يفرض طرح السؤال حول معايير قياس الذكاء لدى هذه الأقلية النموذجية.
لا نعرف بدقة حجم الفجوة بينهم وبين غيرهم في معايير الذكاء حتى نفسر تفوقهم، إذ أن معظم حزم البيانات التي تحتوي على معلومات عن المجموعات العرقية لا تتضمن درجات معدل الذكاء، والقليل منها نادرًا ما يتضمن حالات كافية لتقديم نتائج قابلة للتفسير لمثل هذا الجزء الصغير من السكان. الدليل المباشر الوحيد الذي حصلنا عليه يأتي من مسح المهاجرين الجدد لعام 2003، حيث تم إجراء اختبار معرفي أساسي يسمى "المدى الرقمي" على عينة من الأطفال المهاجرين الوافدين حديثًا. إنه اختبار ممتاز لمقارنة الأشخاص ذوي الخلفيات اللغوية والتعليمية المتباينة، نظرًا لأن المتقدم للاختبار لا يحتاج إلا إلى تكرار سلاسل مطولة للأرقام التي يقرأها الفاحص. إن تكرار الأرقام إلى الأمام هو ببساطة اختبار للذاكرة قصيرة المدى، لكن تكرارها إلى الوراء يعد مرهقًا عقليًا بدرجة أكبر، وبالتالي مقياس تقريبي للذكاء.
عندما يتم استخدام التعديلات الإحصائية لتحويل نتائج نطاق الأرقام العكسية إلى درجات ذكاء كاملة النطاق، يضع الأمريكيون الهنود في الصدارة بحوالي 112 نقطة، ويتوقف معدل الأمريكيين البيض عند 100 نقطة. وما يثير في أهمية هذا المعدل أنه يتجاوز معدل اليهود الأشكناز المعروفين بأنهم مجموعة عرقية ذكية، ومتوسط معدل ذكائهم حوالي 110. وبالنظر إلى حجم العينة الصغير، فيجب أخد مقياس معدل الذكاء التقريبي بشكل نسبي نظرا لنقص مجموعات البيانات الداعمة. ومع ذلك، فهو مؤشر يعزز الملاحظات حول التميز الملحوظ.
إن التحصيل التعليمي المتميز والثقافة الأكاديمية ومعدل الذكاء المرتفع للأمريكيين الهنود قد جعلهم بالفعل قوة اقتصادية في الولايات المتحدة، لكن هل يعني هذا النجاح المستمر أنهم سيصبحون قوة سياسية؟
في الواقع إن نموذج المرشح الجمهوري جندال مجرد استثناء، حيث لا يزال الهنود غير ممثلين بقوة في المجال السياسي، ولا يتخصصون مهنيا في مجالي القانون والمالية الأكثر تفريخا للكوادر السياسية. ربما مع الوقت سيتقرر ما إذا كانوا قادرين على تحويل القوة الاقتصادية إلى تأثير سياسي جاد كما يسعى لذلك السيد جندال. وقد حققوا الكثير خلال السنوات القليلة الماضية، فمرشحة الحزب الديموقراطي لمنصب نائب الرئيس كامالا هاريس، وسفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلاي هما من أصول هندية.
من المعاني الأكثر وضوحًا للنجاح الهندي الأمريكي هو أن المهاجرين لا يحتاجون إلى أن يكونوا غير مهرة، ولا يستغرق اندماجهم الاقتصادي أجيالًا لتحقيقه. وفي تناقض حاد مع النموذج الهندي فإن معظم المهاجرين الآخرين، وخاصة المكسيكيين، أقل ثراءً وتعليمًا من مواطني الولايات المتحدة، حتى بعد سنوات عديدة من إقامتهم في البلاد. من هنا يتضح أن لسياسة الهجرة الجديدة التي تعطي الأولوية للمهارات على لم شمل الأسرة دورا كبيرا في جلب المزيد من المهاجرين الناجحين إلى الولايات المتحدة من خلال التأكيد على التعليم وخبرة العمل ومعدل الذكاء في سياسة الهجرة الخاصة بنا، يمكن لمجموعات المهاجرين من الخلفيات الوطنية الأخرى الانضمام إلى قائمة الأقليات النموذجية.
لا يوجد شيء حتمي بشأن الهجرة، لأن سياسات الهجرة هي من تحدد من سيهاجر كل عام، ويمكن تعديلها في أي وقت من قبل الكونغرس. فمن الصعب دائمًا صياغة تشريع جديد، لكنني أقترح نقطة انطلاق بسيطة لاختيار معايير المهاجرين الجدد: أي شخص يمكنه تهجئة guerdon يكون مؤهلا لذلك!
عن مقال بصحيفة فوربس الأمريكية 24 فبراير 2009 لجيسون ماثيو ريتشوين - محلل وكاتب سياسي أمريكي. اشتهر بأطروحته للدكتوراه بعنوان "معدل الذكاء وسياسة الهجرة"..
ترجمة آحنين العمراني مهتم بعلم نفس الموهبة والتفوق
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك