تقارير / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:
أنتلجنسيا مغربنا 1-Maghribona 1
في سنة 2015، أعلن العاهل المغربي جلالة الملك محمد السادس، عن إطلاق مشاريع تنموية ضخمة في إقليم القنيطرة، حيث تم تخصيص ميزانية هائلة تقدر بـ 840 مليار سنتيم بهدف تحسين البنيات التحتية، تعزيز الخدمات الاجتماعية، وإعادة تأهيل العديد من القطاعات الأساسية، التي طالما انتظر سكان القنيطرة تطويرها.
هذه المشاريع الملكية جاءت في سياق استراتيجيات وطنية كبرى، تستهدف تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وجعل القنيطرة قطباً اقتصادياً وصناعياً هاماً.
لكن بعد مرور ما يقارب تسع سنوات، لا تزال علامات الاستفهام تتزايد حول مصير هذه المشاريع الكبرى، وأين ذهبت تلك المليارات المخصصة لها.
الواقع على الأرض لا يعكس طموحات وتطلعات السكان، الذين ما زالوا يعانون من بنية تحتية هشة، طرق متدهورة، نقص في المرافق العامة، وتردٍ واضح في الخدمات الأساسية التي كان من المفترض أن تحظى بتطوير جذري.
فعند استعراض المشاريع التي كان من المفترض تنفيذها في إطار هذه الميزانية الضخمة، نجد أن العديد منها إما لم يرَ النور، أو أنها اكتملت بشكل جزئي، فالطرقات لا تزال في حالة متدهورة، شبكات الصرف الصحي تعاني من إهمال، والمرافق الصحية والتعليمية التي كان من المفترض تحسينها لم تشهد تحسناً ملموساً...هذا الوضع يطرح أسئلة جادة حول كيفية إدارة هذه المشاريع والمبالغ المالية الضخمة التي تم تخصيصها لها.
التساؤلات الأكثر إثارة للجدل ترتبط بغياب أي افتحاص حقيقي وشامل لتتبع تنفيذ هذه المشاريع، في الوقت الذي تتحدث فيه بعض الجهات الرسمية عن تحقيق تقدم، يبدو الواقع مغايراً لما يتم ترويجه، فهل هذه المبالغ الضخمة قد تم استغلالها بالشكل الأمثل أم أن سوء التدبير وغياب الشفافية ساهما في عرقلة تحقيق الأهداف المنشودة؟
التأخر في إنجاز المشاريع والتباين الكبير بين الميزانيات المعلنة والنتائج المتحققة يشير إلى وجود مشكلات عميقة في الحكامة وسوء التدبير.
فالعديد من التقارير المحلية والناشطين في المجتمع المدني يؤكدون على أن الفساد وسوء التسيير المالي لعبا دوراً أساسياً في تعطيل هذه المشاريع.
وفي ظل غياب رقابة فعالة وآليات شفافة للمحاسبة، يبقى احتمال تبخر هذه الأموال داخل شبكات الفساد والبيروقراطية القائمة أمراً غير مستبعد.
إن منظمات المجتمع المدني، بدأت تطالب بضرورة فتح تحقيق شامل وشفاف للكشف عن ملابسات هذا الملف. المطالبة بالافتحاص المالي لا تقتصر فقط على تتبع مصير الميزانيات، بل تشمل أيضاً تقييم الأداء التنفيذي للمشاريع والتدقيق في عمل الشركات والمقاولات التي أوكلت إليها مسؤولية تنفيذ هذه المشاريع الملكية. إذ أن ضعف الرقابة والتدبير الرديء قد يكون السبب الرئيسي في تعثر المشاريع التنموية ليس فقط في القنيطرة، بل على المستوى الوطني بشكل عام.
الأمر المقلق في هذا الملف هو غياب أي شكل من أشكال المحاسبة الجادة أو التحقيق الشفاف من قبل الجهات المعنية.
في ظل هذه الظروف، يبرز تساؤل ملح: كيف يمكن لمدينة مثل القنيطرة، التي حظيت بدعم ملكي وتخصيص ميزانية ضخمة، أن تعاني اليوم من تدهور ملحوظ في بنياتها التحتية وخدماتها العامة؟ ولماذا لم يُفتح أي تحقيق رسمي أو يُقدّم أي مسؤول إلى المساءلة القانونية حول مآل هذه الأموال؟
إن هذه الأسئلة تقودنا إلى جوهر المشكلة التي تعاني منها العديد من المناطق في المغرب؛ وهي غياب المحاسبة الفعالة والرقابة الشفافة على تنفيذ المشاريع الكبرى، خاصة تلك التي ترتبط بمصير السكان المحليين وتحقيق التنمية المستدامة. في غياب المحاسبة، تصبح الميزانيات الضخمة مجرد أرقام على الورق، وتتحول المشاريع التنموية إلى شعارات جوفاء لا تعكس الواقع المعاش.
العديد من سكان القنيطرة يشعرون بالخذلان والإحباط تجاه ما يحدث في مدينتهم، فالأموال التي كان من المفترض أن تحسن من جودة حياتهم لم تجلب لهم سوى التساؤلات والشكوك حول مصيرها.
وفي ظل هذه الأوضاع، تتزايد الدعوات من مختلف الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني لفتح حوار وطني حول كيفية تدبير المشاريع التنموية في مختلف المناطق، مع ضرورة إرساء آليات رقابية صارمة تضمن توجيه الأموال العامة لخدمة التنمية الحقيقية.
استعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة تبدأ من الشفافية والمحاسبة، وما تحتاجه القنيطرة اليوم هو تحقيق فعلي وشامل في مصير الـ 840 مليار سنتيم، مع تقديم نتائج واضحة وملموسة تبرر كيف تم صرف هذه الأموال وما هي الإنجازات التي تم تحقيقها على أرض الواقع.
لا يمكن الحديث عن تنمية مستدامة في أي منطقة دون وجود محاسبة شفافة وواضحة لكل من تولى مسؤولية إدارة المشاريع التنموية، والمطلوب اليوم هو وضع حد للتسيب والفساد الذي قد يهدد مصير التنمية في إقليم القنيطرة، وباقي أقاليم المغرب.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك