تقارير / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:
أنتلجنسيا المغرب
قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في ندوة صحفية عقدها يوم أمس الأربعاء، رأيه الخاص بموضوع العقار في المغرب، وذلك بناء على طلب سابق من رئيس الحكومة سعد الدين العثماني.
وكشف المجلس في الرأي الذي قدمه عن تحليله للوضعية الراهنة لتدبير العقار، وأهم الإكراهات التي يواجهها هذا القطاع، والإصلاحات التي ينبغي اعتمادها من أجل تطوير دور العقار في تنمية البلاد.
وأكد المجلس أنـه فـي ظـل أوجـه القصـور التـي تعتـري القواعـد الـواردة فـي النصـوص القانونيـة والتنظيميـة المنظمـة للعقـار والتـي مـن المفتـرض أن تحمـي الحقـوق العقاريـة، تشـكل تدريجيـا لـدى المواطنين شــعور بعــدم الإنصاف حيــال هــذه المقتضيــات.
كمــا يتكــرس هــذا الشــعور حسب المجلس جــراء منطــق المضاربــات الــذي يسـود فـي بعـض المعامـلات ومكامـن الضعـف المسـجلة علـى مسـتوى تنزيـل السياسـات العموميـة ذات الصلـة بالعقـار.
وسـجل المجلس غيـاب أي إطـار اسـتراتيجي مشـترك، لضمـان تجانـس السياسـات العموميـة ذات الصلـة بقطــاع العقــار وتوجيههــا بشــكل فعــال، مشيرا أنه الجهــود المبذولــة مــن قبــل الســلطات العموميـة لاتزال تواجـه إكراهـات كبـرى مـن حيـث تجانـس والتقائية الأهداف والتدابيـر المعتمـدة، فـي ظـل تعـدد المتدخليـن المعنييـن، وتنـوع الأنظمة القانونيـة المنظمـة للعقـار وغيـاب آليـات تنسـيق مركزيـة ناجعـة فـي هـذا المجـال.
ترسانة قانونية متقادمة ومعقدة
وأشار المجلس أن هــذه الوضعيــة نشــأت عــن ازدواجيــة ناجمــة عــن وجــود قانــون عقــاري مســتمد مــن مبـادئ الشـريعة الإسلامية وقانـون عقـاري عصـري فرضتـه سـلطات الحمايـة، علما أن الملكية العقارية في المغرب لازالت تخضـع للعديـد مـن الأنظمة العقاريـة.
وشدد المجلس على أن الإطار القانونـي المنظم لقطاع العقار لـم يعـد يتلاءم مـع الواقـع الحالـي ومـع الرهانـات الجديـدة المرتبطـة بالعقـار، ذلـك أن عمليـات الملاءمة التـي جـرى اعتمادهـا لتحفيـز العـرض والاستجابة للطلبـات المتزايـدة علـى العقـار جعلـت الترسـانة القانونيـة متقادمـة ومعقـدة، وتتسـم بتعـدد النصوص القانونية وتشـتتها، وبافتقارها للانسجام الكافــي فــي تنظيــم القطــاع، مؤكدا أنه بــات مــن الأهمية بمــكان تطويــر هــذه القوانيــن، بالنظـر إلـى ِّ أوجـه التداخـل التـي تولدهـا ومكامـن الضعـف التـي تعتريهـا علـى مسـتوى الحكامـة العامـة.
واعتبر المجلس أن النمـو الديموغرافـي الـذي تشـهده المناطـق الحضريـة، وتطـور الزراعـات التسـويقية، والتغيـرات التـي تعرفهـا نظـم الزراعـة كلهـا عوامـل يمكـن أن تبـرر اللجـوء إلـى الحلـول القائمـة علـى تمليـك الأراضي الفلاحية أو الولـوج إلـى الملكيـة فـي الوسـط الحضـري (السـكن الاجتماعي) مشيرا أن تحصيـن الحقـوق العقاريـة، خاصة من خلال التحفيـظ، قـد يكـون هـو الحـل الأمثل.
صعوبة تعميم التحفيظ العقاري
وأبرز المجلس أنه بالرغم من أن الوكالـة الوطنيـة للمحافظـة العقاريـة والمسـح العقـاري والخرائطيـة تمـارس مهامهـا فـي إطـار ٍ واحـد ، وتتوفـر علـى مـوارد ماليــة مهمــة، إلا أنهـا تواجـه صعوبـات فــي تعميــم عمليـة التحفيـظ فــي الوسـط القـروي، وضمـان التحييـن المنتظـم للرسـوم العقاريـة، والتصـدي للتجـاوزات المرتبطـة بالاستلاء على أملاك الغير العقاريـة.
وأكد المجلس أنه وإن كان النظام العقاري في المغرب تعتريه عدة قصور، فإنه من الخطأ الإقدام على تغييره كليا دون تفكير مسبق.
وتطرق المجلس في رأيه إلى الإشكاليات التي تعتري قطاع العقار ومنها مشكل الأراضي الجماعية، واستغلال الأرض من طرف الورثة أو هجرة ذوي الحقوق إلى الخارج أو استعمال الأرض من قبل مستعمل جديد، أو تنازل أحد ذوي الحقوق عن استعمال الأراضي، مما يستدعي التحيين الدائم لقائمة ذوي الحقوق.
تشجيع المعاملات العقارية غير النظامية
وانتقد المجلس تعدد المؤسسات المتدخلة في تدبير العقار العمومي وغياب التنسيق والالتقائية بينها، ومنها وزارة المالية عبر (مديرية أملاك الدولة)، وزارة التجهيز، الوكالات الحضرية، وزارة الداخلية، وزارة العدل، وزارة الأوقاف، المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، وزارة الفلاحة، الجماعات المحلية، الولاة والعمال.
كما نبه التقرير كذلك لتطور المعاملات غير النظامية والسوق العقارية غير النظامية والتي تعترف بها السلطات العمومية بل وتشجعها، إلى جانب مظاهر عدم الإنصاف العقاري والتفاهمات التي طغت على روح القانون، وعمليات المضاربة والاستلاء والسطو على العقارات، والتوزيع غير المتكافئ الذي يحدث تدهورا في الأنظمة الإيكولوجية.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، انتقد في رأيه أيضا تبديد الأراضي العمومية، و ضعف وبطء عمليات التحفيظ، وغياب الضمانات الأمنية بسبب ارتفاع عدد ومخاطر المعاملات غير النظامية، وضعف التحكم في عمليات التمليك، وضعف الترابط بين وثائق التعمير والخدمات العمومية الحضرية، والاستخدام المتزايد للاستثناءات للاستجابة للطلبات المستعجلة.
وأكد المجلس أن أسعار العقار تعرف تطورا متزايدا إذ أن الأسعار تصل إلى ثلاثة أضعاف أو أكثر حسب المناطق.
وأشار المجلس أن هذه الاختلالات تحدث انعكاسات سلبية، منها تجميد الوعاء العقاري والتوسع غير المنظم والعشوائي للتعمير في ضواحي المدن وتقلص المساحات الزراعية، والعرض المحدود الذي يشكل ضغطا على العقار وخاصة في المناطق الحضرية والمناطق المحيطة بالمدن. إضافة إلى الفوضى في العقار المخصص للمناطق الصناعية، مما يحدث تكاليف متزايدة للمالية العمومية، ويخلق اكتظاظا في المحاكم بالقضايا العقارية علما أن 18 في المائة من الشكايات الموضوعة أمام مؤسسة وسيط المملكة مرتبطة بالعقار.
ارتفاع الأسعار والتمييز الاجتماعي
وأبرز المجلس أن الأسر تواجه صعوبات في الحصول على سكن بسبب ارتفاع تكلفة السكن النظامي مما يفضي إلى التمييز الاجتماعي، حيث يقلص العقار من القدرة الشرائية للأسر، وارتفاع الأسعار الذي يؤدي إلى ممارسات ريعية محتملة تهم العقارات الأكثر إنتاجية والأحسن تموقعا، إضافة إلى هيمنة التعمير القائم على انتهاز الفرص المتاحة وفقدان الأراضي الفلاحية وتدهور الأنظمة الإيكولوجية.
ومن الانعكاسات التي عددها المجلس أيضا، غياب الشفافية وعدم استقرار سوق العقار، والتوترات التي تعيشها الأسواق العقارية في ما يتعلق بالولوج والغرض من تخصيص الأراضي والتمويل، وتأثرها بالممارسات المتعلقة بتجميد العقارات بسبب غياب الشفافية، إلى جانب تعبئة أراض ناقصة التجهيز مما ينتج عنه مناطق صناعية مهجورة.
توصيات
وقدم المجلس عدة توصيات لتجاوز الإكراهات التي يعيشها قطاع العقار، من بينها التصدي بفعالية للأفعال التي يعاقب عليها القانون مثل الاستلاء على الأراضي والمضاربات والتسريبات المنافية للمنافسة الشريفة والمعاملات غير النظامية، وخلق إطار قانوني ينظم قطاع العقار في شموليته، ويضمن تحصين حقوق الملكية مع مراعاة الخصوصيات والأدوار المنوطة بكل نظام من الأنظمة العقارية.
ودعا المجلس إلى اعتماد مقاربة قائمة على التدرج وذات بعد جهوي من أجل بلورة السياسة العقارية وتنزيلها، وحماية وتحصين الحقوق العقارية المكتسبة بطريقة مشروعة وضمان الإنصاف والمساواة بين النساء والرجال.
كما أوصى المجلس بإحداث مجالات حضرية متحررة من أي قيود، مستقطبة للاستثمار المنتج، وتوفر سكنا يكفل شروط العيش الكريم الذي يكون متاحا للجميع.
ودعا أيضا إرساء إصلاح تدريجي للنظام الخاص بالأراضي الجماعية يكفل الحقوق الفردية والجماعية، ويحد من الإكراهات التي تعيق التنمية القروية، مع الحرص على أخذ متطلبات المستدامة البيئية بعين الاعتبار.
كما أوصى بنهج حكامة عقارية فعالة وناجعة تتوفر، على المستويين الوطني والجهوي، على إطار للتدبير وأدوات قادرة على الاستجابة للطلبات المتغير، وتحسين سير المعاملات العقارية، مع العمل على حماية الصبغة الفلاحية للأراضي ورفع القيود المفروضة على صغار المنتجين الفلاحيين.
أنتلجنسيا المغرب
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك